Site icon IMLebanon

عاد الحريري إلى السياسة ولم يَعُد

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

لم يقتنع مؤيدو زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري المحتشدين على ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري الأربعاء الماضي، لاحياء الذكرى السنوية لاغتياله، ردا على مطالبتهم له، بالعودة عن قراره بتعليق عمله السياسي بجوابه المقتضب «كل شي بوقته حلو»، فانتقلوا إلى بيت الوسط، لعلهم  يسمعوا منه جوابا اكثر وضوحا، يقطع الشك باليقين، ولكنهم لم يحظوا بالجواب القاطع،  ولاسيما وأنهم لاحظوا ان الحريري كان استهل عودته بزيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالسراي الحكومي، وبعدها طغت السياسة على مجمل استقبالاته، للنواب  والوزراء والشخصيات وبعدها زيارته لرئيس المجلس النيابي نبيه بري.

اسقط الحريري كل محاولاته عدم الانغماس بالسياسة، والاستمرار  بقراره تعليق عمله السياسي، باطلالته التلفزيونية ودردشته الصحافية، فقارب الاوضاع السياسية والاقتصادية والمواضيع التي تشغل اللبنانيين هذه الأيام، فوجه عدة رسائل للداخل والخارج على حد سواء، بتأثيره الشعبي والسياسي، داعيا للاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، لاجل انتظام عمل المؤسسات واعادة تفعيل الدولة، مفاضلا رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بعبارة لافتة، عن مرشح المعارضة الوزير السابق جهاد ازعور، وان كان يستبعد اجراء الانتخابات الرئاسية في وقت قريب.

وجه الحريري  اكثر من رسالة، اهمها تمسكه بنهج الاعتدال ورفضه للتطرف، ودعمه لاي رئيس حكومة يعمل لمصلحة لبنان، ودعا السياسيين  لانتهاز فرصة الاتفاق السعودي الايراني، لتصفير  المشاكل، والتعاون فيما بينهم للاتفاق، معتبرا ان تصفير المشاكل، مهم جدا للنهوض بالوضع الاقتصادي في لبنان، وابدى تعاطفه مع أهل الجنوب  والفلسطينيين في مواجهة الحرب الإسرائيلية ضدهم.

كل وقائع زيارة الرئيس الحريري لاحياء ذكرى استشهاد والده، مفعمة بالسياسة، بالشعارات المحفزة للنزول إلى الضريح، بالحشود الشعبية التي كرست زعامته الشعبية، واسقطت تطفلات بعض النواب الفائزين بالانتخابات النيابية السابقة، ومحاولات استنساخ زعامات بديلة، او بالزيارات واللقاءات والمواقف السياسة على هامشها.

ولكن في المقابل، كان وقع عبارة الرئيس الحريري «كل شي بوقته حلو» محبطا على جمهور  ومؤيدي زعيم «تيار المستقبل»، ومناقضا لمجمل وقائع الحراك السياسي، الذي حرك الآمال، بامكانية انتهاء ظروف تعليق عمله السياسي، وقرب معاودة ممارسته السياسية إلى طبيعتها، لاسيما وان هذه العودة قد تسهم  في احداث تبدلات بالمشهد السياسي،  وتفتح الآفاق  على تفاهمات واتفاقات، تساعد في حل الازمات والمشاكل المستعصية التي يواجهها لبنان حاليا، وان كان تحقيق ذلك يبدو صعبا، في ظل التعقيدات الداخلية والصراع بالمنطقة.

وباختصار، لخصت كلمات الحريري «كل شي بوقته» ان مرحلة انهاء تعليق عمله السياسي، لم تحن بعد، وقد تتطلب وقتا اضافيا، وظروفا لم تنضج.