IMLebanon

اسرائيل تفرض بالقوة ما عجزت عنه الدبلوماسية

كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:

على طول الحدود في جنوب لبنان تتواصل العمليات الامنية والقصف المتبادل منذ 8 تشرين الاول 2023. أربعة أشهر ونيف لم يعرف معها سكان القرى الحدودية أو قلة قليلة منهم ما زالت صامدة، معنى السكون. الغارات والاستهدافات لا تتوقف ومروحتها تتوسع مع كل يوم يمر وصولاً إلى العمق الجنوبي وقد تخطت كل قواعد الاشتباك. ليس على الجانب اللبناني فحسب بل داخل اسرائيل أيضا، خصوصاً إثر الهجوم الصاروخي الذي نفذه حزب الله بصواريخ دقيقة مستهدفا قواعد عسكرية في مدينة صفد التي تبعد 15 كلم عن الحدود وتقع في الجليل الأعلى شمال إسرائيل، ما أدى إلى سقوط قتيلة وثمانية جرحى، شأن اعتبره وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير “حربا فعلية يشنها الحزب على إسرائيل” ودعا “إلى التخلي عن الفرضية المعمول بها حاليا في الشمال مع لبنان”. على الاثر، نفّذ الجيش الاسرائيلي مجزرة في النبطية أدت إلى استشهاد 7 أشخاص بينهم نساء وأطفال. فهل تفلتت الضوابط وانتفت قواعد الردع التي تضبط عمليات “حزب الله” ايرانيا وما الهدف من توسيع اسرائيل رقعة استهدافاتها نحو الداخل الجنوبي؟

تقول مصادرسياسية مطلعة على أوضاع الجبهة الجنوبية عن كثب لـ”المركزية” إن ما تغير في اليومين الأخيرين هو طبيعة الاهداف وليس القرار، أي لا حرب واسعة، ما دامت ايران أوعزت إلى الحزب بعدم الانجرار إلى الاستفزاز الاسرائيلي لتوسيع رقعة الحرب وتحولها إلى شاملة. إلا أن “حزب الله” وإزاء تمادي اسرائيل في استهداف قياديه و”اصطيادهم” في المنازل والسيارات وفي مناطق بعيدة من الحدود لا يمكن إلا أن يرد ولو في إطار محدود، خصوصا أن اهالي الجنوب عموما وحتى من داخل بيئته فقدوا القناعة بجدوى فتح جبهة لم تفد اهل غزة ولا ساندتهم ولا حتى حدّت من مفاعيل اجرام اسرائيل في حقهم.

أمس قال أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى القادة الشهداء إن “حين يصل الأمر إلى المدنيين، بالنسبة لنا هذا الأمر له حساسية خاصة”، موضحًا “أننا قلنا دائمًا بأننا لا نتحمّل المسّ بالمدنيين، رغم أن ذلك من التضحيات، ويجب أن يفهم العدو أنّه ذهب بهذا الأمر بعيدًا، والأمر لا علاقة له بالمسافة، وأمام استهداف المدنيين، أريد أن أقول إن هدف العدو من خلال قتل المدنيين هو الضغط على المقاومة لتتوقف، لأنّه منذ 7 تشرين الأول، كل الضغوط في العالم وكل الاتصالات مع الدولة أو معنا، كانت تهدف إلى عدم فتح الجبهة، وحين فُتحت كان هدف الضغوط أن تقف”. تصعيد نصرالله هذا، تدرجه المصادر أيضاً في خانة رفع منسوب التحذيرات وشدّ عزيمة الصمود لدى الجنوبيين لعدم ترك منازلهم بعدما بات القلق على المصير خبزهم اليومي ازاء الغارات الاسرائيلية على الاماكن السكنية، وقد باتوا يحتاجون الى ما يرفع معنوياتهم للبقاء، خصوصاً أن مصيرهم هذا بات مرتبطا ارتباطا وثيقا بمصير غزة التي لم تنجح حتى الساعة المفاوضات الرامية للتوصل إلى هدنة طويلة أو وقف طويل المدى لإطلاق النار فيها.

المصادر تعتبر أن استهداف القاعدة العسكرية الإسرائيلية في صفد هي رسالة سياسية مزدوجة الاولى لإسرائيل بأنه لن يقف مكتوف الأيدي إزاء مسلسل اغتيالاتها في لبنان وغزة، وأن كل تصعيد سيقابل بتصعيد، و”ثمن دماء المدنيين سيكون دماءً لا مواقع واجهزة تجسس وآليات” بحسب تعبير نصرالله. أما الثانية فللجنوبيين لرفع معنوياتهم وحثهم على عدم مغادرة قراهم. ومرد ذلك، تفشيل مخطط تل ابيب الهادف إلى تنفيذ سياسة الارض المحروقة أو بمعنى آخر منع السكان من العودة إلى قراهم إن هجروها، وفرض اقتراح الابتعاد عن الحدود مسافة 5 الى 8 كيلومترات من الجانبين لتأمين عودة 100 ألف مستوطن إلى المستوطنات الشمالية، ذلك أن ما عجزت عن بلوغه المفاوضات الدبلوماسية قد تفرضه الآلة العسكرية وتتحوّل المناطق الحدودية إلى “نو مانز لاند”. أمر من شأنه منع حزب الله من أن تكون له مواقع عسكرية على طول الحدود، من وجهة النظر الاسرائيلية، تختم المصادر.