كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
هل يستعيد تيار «المستقبل» جمهوره الذي انفكّ عنه والتحق بغير أحزاب عندما يقرّر الرئيس سعد الحريري العودة وتعليق الإعتكاف؟ وهل المشاركة الشعبية التي حصلت في الرابع عشر من شباط تعمّم على المناطق اللبنانية كافة لجهة الإنتماء والوفاء لخط الحريرية السياسية؟
إنكفأ «المستقبل» عن العمل السياسي وأبقى على العمل الإجتماعي في أحلك الظروف التي يمرّ بها لبنان، غير أن الوقوف إلى جانب الناس لم يترجم عملياً على أرض الواقع، أقلّه في بعلبك الهرمل، حيث غابت جمعيتا «بيروت للتنمية» و»إمكان» عن المنطقة، ولم يسمع الناس هنا بتقديم المساعدات التي تُبقي الناس صامدة في وجه ما تعانيه، خلا منها تقديم نظام طاقة شمسية للبئر الإرتوازي الذي يغذّي بلدة شعث لمياه الشفة، وتقديم بطانيات لعمال بلدية بعلبك، في وقتٍ تئنّ فيه الناس تحت نير الضغوطات الإستشفائية والغذائية التي تستدعي التحرك كي يبقى جمهور «المستقبل» واقفاً على رجليه.
حشدت منسقيات «المستقبل» في مختلف المناطق اللبنانية ما استطاعت من جمهور، وتكفّلت ببدل النقل للوصول إلى ضريح الرئيس رفيق الحريري، والإلتفاف حول الشيخ سعد، وإيصال رسائل لمن يعنيهم الأمر أنّ شعبية الحريري في الوسط السنّي لا تزال كما هي، وأنّ زعامته متمدّدة إلى مختلف المناطق من الشمال إلى البقاع، لكن اللافت وفق مراقبين هو الحضور الباهت من البقاع الشمالي على إمتداد قراه وبلداته، لا سيما السنّية منها، ما يدفع للتساؤل عن حضور «المستقبل» في بعلبك الهرمل، وتراجعه منذ العام 2022 حتى اليوم، ومن يستقطب هذا الجمهور الذي يحتاج سنداً في مختلف المحطات والظروف.
تتوقف مصادر بقاعية سنّية عند الحالة التي وصل إليها أبناء الطائفة لا سيّما في البقاع، والمعاناة التي يتحملونها جرّاء الأوضاع الإقتصادية الصعبة، ما يدفع بهم إلى البحث عن مُعينٍ يقف إلى جانبهم، وتقول لـ»نداء الوطن» إنّ «العديد من هؤلاء التحق بصفوف حزب «البعث» الذي يعزّز حضوره ضمن البلدات السنّية، وتتصاعد شعبيته في ظل الإنكفاء المستقبلي، إضافةً إلى تمدّد «سرايا المقاومة» ضمن البيئة السنّية، ناهيك عن حضور بعض الشخصيات السنّية، لا سيما النائب حسن مراد الذي يقدّم منحاً جامعية لعدد كبير من الطلاب في بعلبك الهرمل، ويخصّص جزءاً منها لأبناء الطائفة، وذلك كله في ظل تراجع الخدمات التي يقدمها «المستقبل».
وتضيف المصادر: «الناس اليوم تحتاج الى خدمات بديهية تتعلق بالطبابة التي يعجز الكثيرون عن تأمينها في ظل ارتفاع الفاتورة الإستشفائية، وغياب التغطية الصحية اللازمة من وزارة الصحة والضمان الإجتماعي نظراً لارتباطها بالتسعيرة القديمة، ولا تقل فاتورة أي فرد يدخل إلى قسم الطوارئ في أي مستشفى عن 500 دولار، فكيف بالحال إذا أجرى عملية جراحية؟ وعليه، يلجأ الناس إلى طلب المساعدة من الذين يستطيعون تأمينها، واليوم يلعب «حزب الله» دوراً بارزاً في ذلك عبر تخصيصه مكتباً تابعاً للأمانة العامة لـ»الحزب» مباشرةً في بيروت والتي تغطي تكاليف الاستشفاء بنسبة 25 بالمئة، ويخصّص منها السنّة المنضوين تحت راية «سرايا المقاومة»، كذلك الأمر يلعب حزب «البعث» دوراً أيضاً في المساعدة وتخفيف الفاتورة في المستشفيات، ناهيك عن المساعدات العينية المالية والغذائية التي تقدّم».
وتتابع المصادر أن «البقاء اليوم والالتفاف على شخصية الرئيس الحريري في البقاع ترتبط بما يقدّمه «المستقبل»، حيث يغيب الأخير كلّياً عن ذلك، بما في ذلك خدمات أمنية بسيطة»، وتستشهد بـ»الإنتخابات النيابية الأخيرة التي عمل فيها بعض من يسمّي نفسه قياديين في «المستقبل» على شراء الهويات من المواطنين لمنعهم من النزول إلى الصناديق الإنتخابية، في وقتٍ عمل الرئيس فؤاد السنيورة على سدّ الفراغ والمشاركة إلى جانب «القوّات» في اللائحة يومها، وهو ما عزّز حضوره في المنطقة، لكن اللافت هو عمل بعض المستقبليين معه بالخفاء من دون علم التيار، ليعودوا ويظهروا في ذكرى 14 شباط».
وتختم المصادر بأنّ «شعبية «المستقبل» في البقاع تتقلّص أمام الأحزاب السابقة الذكر، فالناس يهمّها اليوم من يقف إلى جانبها ويساندها عند الحاجة، وهو ما يجب على الرئيس الحريري العمل عليه خلال الفترة المقبلة إذا كان طريق العودة ممكناً في انتخابات الـ 2026».