كتب منير الربيع في “المدن”:
هل لا يزال خطر الحرب الإسرائيلية الواسعة على لبنان قائماً؟ تتضارب القراءات والتحليلات والمعلومات حول المعادلة العسكرية التي سترسو في النهاية. فحزب الله وحركة أمل يؤكدان أنهما لا يريدان الحرب ولا توسيعها، إنما الغاية هي وقف الاعتداءات الإسرائيلية. أما في إسرائيل، فلا يزال التضارب قائماً.
تكتم نتنياهو
في أحد اجتماعات حكومة الحرب الإسرائيلية، رفض رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أن يناقش ملف الجبهة مع لبنان، حسب ما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية. وذلك، بسبب اعتباره أن كل المناقشات يتم تسريبها للإعلام. رفضُ نتنياهو ينطوي على احتمالين لا ثالث لهما.
الاحتمال الأول، يتصل بإمكانية لجوئه إلى مفاجآت عسكرية أو أمنية معينة. فلا يريد لها أن تتسرب. وبالتالي أي تخطيط لعمل معين أو قيد التحضير، لا يريد الإسرائيلي أن يتعرض لضغوط كبيرة لمنعه من القيام بأي خطوة. أما الاحتمال الثاني، فهو يريد ديمومة سياسة التهديد والوعيد مع وزرائه في العلن، وعدم مناقشة الملف بجدية، لأنه غير قادر على الدخول في حرب. وفي حال خرج اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي بأي قرار يتصل بالتركيز على الحل السياسي أو الديبلوماسي، سيكون نتنياهو عرضة لانتقادات ومزايدات كثيرة في الداخل الإسرائيلي، على مستويين: سياسي ووزاري وعسكري، ومستوى شعبي، انطلاقاً من التصريحات الغاضبة التي يطلقها سكان المستوطنات الشمالية، الذين يعتبرون أن دولتهم تخلت عنهم، وغير قادرة على فعل شيء بمواجهة حزب الله.
منع الانتصار الإسرائيلي
لا تزال هناك أجواء ومعلومات أوروبية ودولية تشير الى التخوف الجدّي من الدخول الإسرائيلي في حرب ضد حزب الله. وهذا أكثر ما يتخوف منه الفرنسيون ويكثرون من التعبير عنه. في المقابل، تتضارب المواقف اللبنانية حيال حقيقة الموقف الأميركي، بين من يشير الى أن الرسائل لا تزال ترد حول الضغط على إسرائيل لمنع توسيع الحرب، وبين رسائل أخرى تشير إلى التحذير، وإلى عدم قدرة أميركا على منع نتنياهو من القيام بأي فعل يؤدي إلى انفجار المواجهة.
كل هذه القراءات تصب عند معادلة الطرف الذي قد يقدم على توسيع المواجهات. فكلام أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله، كان واضحاً في خطابه الأخير حول الردّ على قتل إسرائيل لمدنيين، وأن الثمن سيكون دماً وليس مواقع. هذا الكلام لا ينفصل عن معادلة أساسية رفعها نصرالله أيضاً وهي أنه لا يجب ترك اسرائيل تخرج منتصرة من هذه الحرب، والسعي إلى إضعافها بأي طريقة، سواءً من خلال وضعية المقاومة في غزة، أو من خلال جبهات المساندة. هذا يشير إلى استمرار عمل جبهة لبنان بالتحديد ربطاً بغزة، وربطاً بالرد على الضربات الإسرائيلية. أما السؤال الأساسي الذي يطرح، هل سيقدم حزب الله على تكبير نوعية ضرباته لمنع اسرائيل من الانتصار؟
ضربات استباقية؟
في هذا السياق تبرز قراءة أساسية بأنه في حال أصر نتنياهو على معركة رفح، وتدمير ما يصفه بالأربع كتائب المتبقية لحركة حماس، وفي حال نجح بذلك، فهو سيخرج بمعنويات مرتفعة بنتيجة ما سيسميه انتصاراً. ويمكن لهذه المعنويات أن تدفعه إلى شن حرب ضد حزب الله في لبنان.
تلك القراءة تعتبر أن حزب الله يدرك ذلك جيداً. ولذلك هو لا يريد لنتنياهو أن يخرج منتصراً ولا بمعنويات عالية، لأن الرهان الأساسي هو على منع اسرائيل من تحقيق أهدافها وعلى زرع الشرخ والانشقاقات في داخل الحكومة وبين الحكومة والجيش. في الموازاة أيضاً، فإن مسألة إبقاء إسرائيل ضعيفة وغير منتصرة، يمكن أن يدفع الحزب إلى إلحاق خسائر أكبر عسكرياً ومعنوياً بالإسرائيليين، من خلال تكثيف عملياته أو توسيعها.
من هنا يطرح سؤال أساسي حول احتمال استباق الحزب أي إقدام إسرائيلي باتجاه لبنان وإشغاله أكثر بضربات نوعية ومؤثرة، في ظل استمرار غرقه في معركتي رفح وخان يونس.. وليس الانتظار للانتهاء من المعركتين.
هذا جزء من نقاش أساسي يدور على مستويات مختلفة سياسياً وعسكرياً بين لبنان وخارجه، وبين حزب الله وإيران أيضاً.