كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
«أهلي وأبناء منطقتي، أعتذر عن عدم استقبال أي معاملة إخراج قيد أو غيرها من معاملات الأحوال الشخصية بعدما ارتفعت تكاليفها بشكل كبير على المواطن»… بهذه العبارة ملأ مخاتير الشمال حالات «الواتساب» وصفحات التواصل الإجتماعي لديهم.
بلبلة كبيرة يعيشها مخاتير عكار والشمال، وحالة ضياع تسود أوساط المواطنين مع سريان قانون الموازنة الجديدة لهذا العام. لا أحد يعرف إلى الآن كيف سيتعامل مع وثائق الأحوال الشخصية (لا المخاتير ولا رؤساء أقلام النفوس). أقلام نفوس تفتح وأخرى مقفلة، لكن الضياع هو المسيطر، إثر صدور قانون الموازنة العامة للعام 2024 ودخوله حيّز التنفيذ اعتباراً من يوم الجمعة الماضي، بعد نشره في الجريدة الرسمية، تضمّن زياداتٍ ورسوماً كبيرة على معاملات الأحوال الشخصية التي ضُربت بعشرين ضعفاً، في المادة 66 التي يطالب المخاتير وروابط المخاتير، والمواطنون، بتعديلها بما يتناسب وقدرة المواطن.
فبحسب المادة 66 من قانون موازنة 2024 التي أقرّها مجلس النواب الشهر الماضي، فإنّ الوثائق الصادرة عن دوائر الأحوال الشخصية على اختلافها، من بيانات قيد إفرادي وعائلي ووثائق الزواج والولادة والوفاة والطلاق زادت رسومها، في حين أنّ الطوابع المالية المطلوبة غير موجودة في الأصل، فكم طابع مالي من فئة 20 ألفاً سيلصق المختار على إخراج القيد مثلاً؟ وطابع المختار من فئة الألف رفعت قيمته 50 ضعفاً، فهل يلصق المختار 50 طابعاً؟ هذه المستجدات كلها تحتاج الى تعديل في الطوابع لتراعي الزيادات الجديدة، علماً أنّ كلفة إخراج قيد افرادي مثلاً البالغة 550 ألف ليرة، ستكون أكثر بكثير مع دخول هذه المسائل في خانة السوق السوداء.
مخاتير الشمال الذين يعانون مشكلة تأمين الطوابع جاءتهم مشكلة الزيادات والرسوم لتجعلهم الدولة في مواجهة المواطن وليستعصي إجراء هذه المعاملات من دون بدل مالي، في حين أنّ بعض المخاتير لم يكن يتقاضى بدلاً لتنفيذ معاملات رأفة بالناس في بلداتهم ومناطقهم.
إعتصامات بالجملة يوم الإثنين وأمس الثلاثاء نفّذها المخاتير وروابط المخاتير في عكار والشمال، بدأت بإغلاق أقلام النفوس، كما حصل في المنية – الضنية وطرابلس، إلى وقفات احتجاج أمام السراي في المناطق، كما فعلت روابط مخاتير عكّار أمس أمام سراي حلبا، حيث احتشد عشرات المخاتير ورؤساء الروابط أمام مدخل السراي، بمشاركة وفد مثّل العسكريين المتقاعدين. وندّد المشاركون بقانون الموازنة العامة الجديد وما تضمّنه من ضرائب على كاهل المواطن اللبناني.
رئيس اتحاد روابط مخاتير عكار مختار ببنين زاهر الكسّار، قال لـ»نداء الوطن» إنّ مخاتير عكار «لن يقبلوا هذا الظلم في حقهم وفي حق المواطن، وإذا لم تعدّل الدولة المادة 66، فإننا لن نوقّع أي معاملة بعد اليوم، ولن نفتح مراكز النفوس».
بدوره أكد مختار كوشا علي المزوّق «أننا سنتقدّم بطعن أمام مجلس شورى الدولة واليوم كانت رسالة تحذيرية سلمية، وإذا لم نلقَ التجاوب المطلوب، فإننا ذاهبون إلى التصعيد في الأيام المقبلة». واعتبر المختار غازي أيوب «أنّ المخاتير لن يكونوا جباة أموال وضرائب من المواطن للفاسدين في الدولة»، في حين دعا المختار عصام مطر إلى «العمل ببطاقة الهوية ما دامت إخراجات القيد باتت صعبة المنال». وأعلن محمد حمود باسم العسكريين المتقاعدين «أنّ هذه الموازنة هي موازنة الموت للمواطن ولفقراء هذا البلد، ولذلك نحن هنا من شرائح المجتمع كافة، نرفض هذه الموازنة ونطالب بإلغاء الضرائب».
واستغرب مخاتير الشمال كيف يمرّر النواب هذه الموازنة، وهي تعتبر رزمة ضرائب ورسوم فُرضت على كاهل المواطن؟ وبحسبهم، هناك اتّجاهٌ للتصعيد، فخطواتهم هذه لن تتوقّف عند هذا الحدّ إذا لم تتراجع الدولة عن هذه الزيادات.