كتبت نجوى ابي حيدر في “المركزية”:
يشهد افق المفاوضات الاقليمية والدولية حول مصير غزة وصفقة تبادل الاسرى بين اسرائيل وحركة حماس المقفل بالكامل، محاولات جدية لخرقه نتيجة جهود جبارة يبذلها الفريق الامني المخابراتي الاميركي بقيادة رئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز، ومشاركة مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك. في مصر تدور المحادثات، بين رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية وكبار المسؤولين في المخابرات المصرية الذين سيجتمعون بدورهم مع ماكغورك فيما يتوجه بيرنز الى باريس، للتشاور في كيفية انهاء ملف الاسرى والتهديدات الاسرائيلية بالهجوم على رفح جنوب قطاع غزة، والا وفي الحد الادنى طرح معادلة جديدة ترتكز الى عدم مهاجمة رفح مقابل انجاز صفقة تبادل أسرى.
التفاؤل بالحل يبقى مشوباً بحذر كبير استنادا الى التجارب السابقة، وفي ظل تمترس كلا الفريقين خلف شروطه والسعي لتحسينها، لا سيما اسرائيل التي انتقلت الى طرح جديد قوامه إطلاق الأسرى المحتجزين كافة منذ السابع من تشرين الاول الماضي،وعددهم 132 يُعتقد أن 29 منهم لقوا حتفهم، مقابل وقف هجومها على رفح، في حين تؤكد حماس أنها لن ترضى بأي صفقة لا تشمل وقفاً كلياً لإطلاق النار في غزة، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من القطاع وتصفير السجون الاسرائيلية باطلاق جميع الاسرى.
وتحت ضغط المهلة التي حددتها اسرائيل لحماس حتى 15 اذار، مع بدء شهر رمضان، لوضع خطة يتم بموجبها اطلاق جميع الاسرى، والا سيقتحم الجيش الاسرائيلي رفح ويكمل عملياته العسكرية، تتكثف جولات التفاوض في الدوحة والرياض والقاهرة بين اطراف الصراع ومسؤولين عن دول عربية واوروبية والولايات المتحدة. وقد بلغ الضغط العربي الاوروبي لوقف اطلاق النار خلال شهر رمضان ذروته، في حين تلوّح دول عربية بموقف عربي موحد ضد اسرئيل.
تقول اوساط دبلوماسية غربية لـ”المركزية” ان اسرائيل تسعى من خلال العمليات العسكرية لتأمين الامان لسكان المستوطنات وتتمسك بأن تكون دولة يهودية لانها تخشى”الطوفان الديموغرافي الفلسطيني” عليها بعد سنوات. وتشير الى ان الوقت يعمل لمصلحة تل ابيب، وهي للغاية تقبع في موقع الفعل فيما تندرج كل خطوات الاخرين في اطار رد الفعل. وتعرب الاوساط عن اعتقادها ان نتنياهو لن يقبل بالهدنة وسيهاجم رفح على الارجح،الا اذا…
واشنطن من جهتها ، وعلى رغم اشهار الفيتو في مجلس الامن الدولي في مواجهة اي اجراء يضر حليفتها التاريخية ، تضغط للسير بحل الدولتين تمهيدا لاقامة كونفديرالية مع الاردن وفلسطين في وقت لاحق . الا ان نتنياهو يرفض الطرح بالمطلق ويعرقل التسوية، في حين يتمسك الفلسطينيون بشرط الاعتراف بدولتهم على ارضهم ، كما ترفض الدول العربية لاسيما السعودية التطبيع اذا لم تعترف اسرئيل بحل الدولتين، حتى ان دولا عربية وقّعت سلاما مع اسرائيل قد تتراجع عنه اذا لم تعلن الاخيرة قبولها بحل الدولتين.
وتشرح الأوساط الدبلوماسية خلفية اعتبارها ان الوقت يعمل لمصلحة اسرائيل بالقول ” ليس لدى تل ابيب ما تخسره بعد عملية طوفان الاقصى واصابة نتنياهو بانتكاسة هي الاعظم في تاريخه، لذا هي تحارب من اجل وجودها واستمراريتها. وبالفعل وبعدما تراجعت شعبية بنيامين نتنياهو عقب عملية “طوفان الاقصى” ارتفعت في الاونة الاخيرة، بعدما تبين انه يعمل لمشروع اسرائيل اليهودية. شأن وتّر علاقات الدولة العبرية مع واشنطن والدول الغربية التي ترفض منطق الدول الدينية. الا ان رئيس وزراء اسرائيل يوظف هذا الواقع لمصلحته ويستفيد من عامل الوقت لاستعادة شعبيته ورفعها الى اعلى مستوى ليتمكن من مواجهة خصومه في الداخل. من هنا يمكن فهم رفع سقف شروطه ورفض اي مقترح لفرض الهدنة راهنا ،علّه بتهديده بمهاجمة رفح ،يدفع حماس للنزول عن شجرة شروطها فيرفع رصيده سياسيا وشعبيا ويعوّض خسارة لم يعتقد احد ان في مقدوره تعويضها.