كتبت بولا أسطيح في “الشرق الاوسط”:
يتجه «التيار الوطني الحر» لتقديم شكوى أمام المجلس النيابي بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، بتهمة «مخالفة الدستور؛ وتعيين حكومته رئيساً للأركان من دون اقتراح وزير الدفاع».
وأعلن رئيس «التيار» النائب جبران باسيل عن مسار سوف يسلكه لمواجهة «عملية إقصاء المسيحيين» تبدأ بالقضاء من خلال تقديم عريضة نيابية أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء «بطلب اتهام بحق من خالف الدستور».
وكشف النائب في تكتل «لبنان القوي» سليم عون، عن أنه «تم إعداد مسودة العريضة التي سوف تجول على النواب لتأمين أصوات 26 منهم على الأقل كما ينص القانون، على أن تقرر الهيئة العامة للمجلس بعدها تشكيل لجنة تحقيق أو إحالة العريضة إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء». وقال عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن «على النواب الذين يؤكدون يومياً تمسكهم بالدستور أن يقرنوا أقوالهم وشعاراتهم بالأفعال من خلال التوقيع على العريضة، باعتبار أن مخالفة ميقاتي للدستور بموضوع تعيين رئيس للأركان واضحة وضوح الشمس»، عادّاً أن «ميقاتي وآخرين يمعنون بخرق الدستور الذي حولوه خرقة، لكنّ الاجتهادات والتدخلات السياسية عطّلت دور مجلس شورى والمجلس الدستوري». وأضاف: «نحن اليوم أمام أفظع خرق بتجاوز صلاحيات وزير الدفاع الذي يدرس تقديم طعن بقرار تعيين رئيس للأركان، لكن هناك للأسف سابقة غريبة عجيبة في هذا المجال حين تم التحجج بالتضامن الوزاري لعدم الأخذ بالطعن وتم رده بالشكل».
ويعترض «الوطني الحر» على قيام حكومة تصريف الأعمال بتعيينات في ظل شغور سدة الرئاسة. إلا أن ميقاتي يؤكد أن ما يقوم به يندرج في إطار تسيير أعمال الدولة بغياب رئيس للبلاد، ويرى «أن من يقصي نفسه ويغيّب حضوره لا يمكن له أن يحمّل المسؤولية لمن يقوم بتسيير شؤون الوطن والعباد».
ويرى النائب في تكتل «الاعتدال الوطني» أحمد الخير، أن «ما يحكى عن توجه لرفع دعوى أمام مجلس محاكمة الوزراء والرؤساء من قِبل (التيار الوطني الحر)، هو محاولة للقفز فوق التعطيل الذي يمارسه في مسألة انتخاب رئيس الجمهورية، وهو بذلك يسيء للموقع المسيحي الأول في الدولة، انطلاقاً من مشاكل شخصية بين رئيس التيار والمرشحين المطروحين للرئاسة الأولى».
وشدد الخير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من يرِد أن يجنّ فليجنّ بعيداً عن موقع رئاسة الحكومة»، مضيفاً: «خلال ست سنوات من عهد ميشال عون مورست كل الموبقات وخُرقت كل القواعد الدستورية، وتسبب ذلك ببالغ الضرر للبنانيين. ورغم ذلك لم نتوجه إلى مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء لأننا نعلم أننا في إطار مواجهة سياسية وليس تخوينية. أما استهداف الرئيس ميقاتي في هذه الظروف فهو جنون سيدفع بالبلد نحو مزيد من الانهيار؛ لأن الرئيس ميقاتي يقود السلطة التنفيذية منفرداً في ظل غياب رئيس للجمهورية».
ويتألف المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، عملاً بأحكام المادة 80 من الدستور، من سبعة نواب ينتخبهم المجلس النيابي في بدء كل ولاية وفي أول جلسة يعقدها، كأعضاء أصليين، وينتخب ثلاثة نواب آخرين احتياطيين، وذلك لمدة ولاية مجلس النواب، ومن ثمانية من أعلى القضاة اللبنانيين رتبة.
ويوضح الخبير الدستوري، المحامي الدكتور عادل يمين، أنه «بحسب أحكام المادة 70 من الدستور، يمكن اتهام رئيس الوزراء والوزراء بالخيانة العظمى والإخلال بالواجبات الوظيفية من قِبل مجلس النواب، بأغلبية الثلثين من عدد أعضائه. وفي حال حصل الاتهام يحالون للمحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء».
ويشرح يمين لـ«الشرق الأوسط»، أن «الآلية تبدأ بعريضة نيابية يوقّعها 26 من أصل 128 نائباً، على أن تحصل بعدها مرافعة من قِبل فريق الادعاء أمام الهيئة العامة، ومرافعة لفريق الدفاع، وبنتيجة المرافعتين يتم خلال الجلسة التصويت من قِبل أعضاء البرلمان، إما لإنشاء لجنة تحقيق بالأغلبية المطلقة أو رفض الاتهام. وفي حال تم تشكيل لجنة تحقيق تضع تقريراً في نهاية أعمالها يعرض أمام الهيئة العامة للبرلمان ويُناقَش ويتم التصويت عليه. فإذا نال طلب الاتهام تأييد ثلثي عدد أعضاء المجلس النيابي يُحال المتهمون للمحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء».