كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
على غرار المثل الشعبي اللبناني ” بحصة بتسند خابية”، تحول مسار مؤتمر باريس الذي كان مقررا عقده في 27 شباط الجاري لدعم الجيش اللبناني إلى قمة ثنائية فرنسية-قطرية ستعقد في الموعد نفسه بين الرئيس ايمانويل ماكرون وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني .على أن يشارك في جانب منها قائدا جيشي البلدين الفرنسي والقطري وقائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون.
لكن التصويب سيبقى على مسألة دعم الجيش لتمكينه من الصمود وذلك قبل انتهاء مهلة برنامج المساعدات نهاية اذار المقبل والذي تدفع بموجبه مئة دولار للعسكريين. فهل تكون “التحويلة” التي هندستها فرنسا بمثابة تعويض عن الاخفاق في ملف انتخاب رئيس للجمهورية؟
الأكيد ان ورقة من فئة الـ100 دولار لا تعوض الحاجة ولا تفي مطلق أي عسكري حقه لكنها على الأقل تدعم وتساند. لكن المساعدة ستنتهي ، فكان لا بد من دق جرس الإنذار مسبقا، إلى أن جاءت المبادرة من الدولة الفرنسية التي أعلنت عن انعقاد مؤتمر في 27 شباط الجاري في باريس لدعم الجيش اللبناني. لكن فجأة أعلن عن إرجائه لأسباب حملت العديد من الجدل والتفسيرات. لكن النتيجة واحدة. إذا لم يعقد مؤتمر ستتوقف المساعدات العينية التي يقرها الكونغرس في حين تستمر المساعدات التي يقرها البنتاغون للجيش اللبناني. واللافت أن الدولة الداعية لم تبلغ لبنان عن أسباب التأجيل ولم تعلن عن موعد انعقاده لاحقا.
حصل كل ذلك، من دون التنسيق مع الدول التي ستساهم في الدعم وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية،بحسب ما افيد. وحتى لو تم إبلاغها فهي غير مستعدة اليوم لتقديم الدعم للجيش اللبناني إلا ضمن سقف من الشروط. هذا في القراءات والتحليلات لكن في الأساس “هناك سوء تنسيق يضاف إلى ذلك التوقيت الحرج وحتى لو عُقد سيكون الفشل حليفه بسبب عدم حضور الدول الداعمة”، يقول رئيس لجنة تنفيذ القرارات الدولية في لبنان طوني نيسي ويوضح بأنه في مؤتمر مماثل يأتي الدعم من السعودية والولايات المتحدة الأميركية لكن المملكة لم تتخذ القرار بعد للعودة إلى الساحة اللبنانية سياسيا وماليا. وفي ما يخص أميركا هناك لوبي داخل الكونغرس من الجمهوريين يطالب بوقف دعم الجيش اللبناني”.
ويشير نيسي إلى أن وفد الكونغرس الذي زار لبنان اخيرا اجتمع بعدد من المسؤولين وبقائد الجيش العماد جوزف عون لهذه الغاية وحمل معه ما جمع من خلاصة اللقاءات ليصار إلى طرحها والتصويت عليها في الكونغرس الأميركي. ويلفت إلى أن قرار إلغاء المؤتمر جاء بعدما أدركت فرنسا أنها لن تستطيع أن تؤمن الدعم كاملا منفردة ولن تطلب المساعدة حتما من الصين أو روسيا لأن هذا الأمر مرفوض بالكامل.
قد يكون دخول فرنسا على خط انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية حثها على أخذ المبادرة في عقد مؤتمر لدعم الجيش اللبناني، لكن الأكيد أنها “تسرّعت، أضف إلى أنه لا يوجد مرشح للرئاسة دوليا، ولن تقدم أي من الدول التي يفترض أن تكون إلى طاولة المؤتمر على تقديم الدعم حتى لا يؤخذ عليها بأن قائد الجيش مرشحها لرئاسة الجمهورية”.
إلى هذه العوامل يبقى التوقيت غير المناسب، إذ تزامن طلب فرنسا عقد مؤتمر للجيش اللبناني في وقت تشتعل فيه جبهة الجنوب والتهديدات الإسرائيلية بتوسيع الجبهة وإعلان الحرب الشاملة. ويشير نيسي بأن “إسرائيل لن تقبل بتقديم الولايات المتحدة أي دعم للجيش اللبناني المكبّل سياسيا ولا يُعطى الضوء الأخضر لفرض سلطته العسكرية على كامل الأراضي اللبنانية “.
خلاصة الكلام لا دولة إقليمية ولا دولية متحمسة في هذه المرحلة ولو انعقد المؤتمر لن تكون هناك مشاركة ولن تتحمل فرنسا فشل خطوة جديدة في لبنان”.
عدم استعداد الولايات المتحدة تقديم اي دعم للجيش اللبناني لا يعني التخلي كليا عنه” فالولايات المتحدة لا تزال تعتبره حليفا لكن المساعدات ستقتصر على ما يعرف بالدعم التقليدي الذي يقره البنتاغون من مساعدات عينية ودعم عسكري ولوجستي. أما الميزانية التي تصل من خلال وزارة الخارجية الأميركية بقرار من الكونغرس وتصنف في فئة الدعم غير التقليدي فلن تكون متوافرة. وفي حال لم يصوت الكونغرس ، يُخشى أن تتوقف المساعدات العينية المحددة ب100 دولار شهريا .
الأكيد أن البنتاغون لن يتوقف عن تقديم المساعدات العسكرية واللوجستية لدعم الجيش. وهذا ما لن تقدم عليه الولايات المتحدة بالمطلق ولن تسمح بأن يتوقف دعم كل جندي يرتدي البزة المرقطة سواء في لبنان أو أي دولة عربية أخرى. وقد تكون القمة الفرنسية- القطرية بحضور قادة الجيش بمثابة جرس إنذار تقرعه فرنسا ليسمع قادة وحكام الدول الداعمة، وإلا سيكون الثمن باهظا على الداعمين والمدعومين معا!