كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
أثارت مواد في قانون الموازنة العامة والحوافز المالية لموظفين دون سواهم، سخطاً شعبياً تُرجم اعتصاماتٍ وإغلاق دوائر حكومية، لرفع الصوت إحتجاجاً على سياسة الكيل بمكيالين التي تعتمدها الحكومة وبعض الوزراء. ومع غياب ملاءمة الزيادات على الرواتب للمتقاعدين على اختلاف فئاتهم الوظيفية والقطاعات، رفع هؤلاء الصوت منذ ساعات الصباح الباكر على مختلف الأراضي اللبنانية ومنها محافظة بعلبك الهرمل، فأقفلوا الدوائر الحكومية من دائرة المالية والشؤون العقارية، إلى مبنى المحافظة و»أوجيرو»، رافعين مطالبهم علّه يصل الى من يسمع من المسؤولين، فيعيد لهم حقوقهم المهدورة، وينصف من أفنى عمره في خدمة الدولة، كي تشملهم الزيادات على الرواتب والحوافز المالية التي لا تغني ولا تسمن.
منذ السابعة صباح امس، نفّذت مجموعات من المتقاعدين العسكريين والمدنيين اعتصامات سلمية أمام المراكز الحكومية والمالية في البقاع، رفضاً لسياسة الضرائب المجحفة في حق المواطنين كافة، واستنكاراً لتجاهل مطالب المتقاعدين.
ففي بعلبك الهرمل، نفّذ عسكريون متقاعدون من بعلبك وشرقها وشمالها اعتصاماً سلمياً أمام مبنيي المالية والعقارية في دورس، واقفلوا المركزين ورفعوا شعارات مندّدة ببنود موازنة 2024 التي صادق عليها مجلس النواب. وتحدث باسم المعتصمين العميد المتقاعد محمود طبيخ، فحذّر من التوجه الى التصعيد، وعدّد مطالب العسكريين، وهي: احتساب نسبة موحّدة من القيمة الفعلية للرواتب قبل عام 2019 لكل القطاع العام، إلغاء كل الزيادات والعلاوات والصناديق التي منحت لفئات محددة من موظفي القطاع العام، وألا تقلّ الزيادة عن تأمين الحدّ الأدنى للعيش الكريم للفئات والرتب الدنيا، إقرار خطة للتصحيح المرحلي المستدام للرواتب والأجور، وفقاً لتطور مداخيل الدولة وبما يضمن الاستقرار النقدي، وجوب إدماج جزء من الزيادة في أساس الراتب حفظاً لحق الموظف بتعويض تقاعدي عادل، ووضع خطة مع مفعول رجعي لتصحيح قيمة التعويضات التقاعدية وفقاً لسعر صرف عادل للدولار الأميركي.
من جهته أوضح عبدو. ش، أحد المتقاعدين في قوى الأمن الداخلي لـ»نداء الوطن»، أنّ خدمته في السلك العسكري التي استمرت 28 سنة «ذهبت هباءً منثوراً، فبعد كل هذا التعب والمعاناة، لم أستطع أن اقبض أي مبلغ من تعويضي، الذي لا يساوي ثلاثة آلاف دولار، وكنت أبني آمالاً عليه، كي أخرج من خدمتي وأبني منزلاً يليق بي، وأفتتح عملاً إضافياً، لكن الذل يلاحقنا أينما ذهبنا، وإن رضينا أن نيسّر أمورنا من التعويض حتى تتّضح الأمور في الدولة، لعل وعسى ترفع قيمة تلك التعويضات، غير أنّ الدولة لا تريدنا أن نعيش بكرامتنا في هذا البلد، بحيث لا نستطيع أن نسحب أي مبلغ نقدي من التعويض، وجلّ ما نستطيع فعله هو أن نشتري شهرياً بقيمة خمسة ملايين، وهي لا تكاد تكفي لشراء سكاكر للأطفال». ويسأل: «هل هكذا يكافأ من ضحّى بعمره في سبيل خدمة بلده؟ هل علينا أن نشحد على الطرقات لنطعم أولادنا؟ وكيف الحال بمن لا يستطيع أن يعمل عملاً آخر بعدما أنهكت الخدمة العسكرية قواه؟».
«أكثر من مليون ليرة ثمن إخراج القيد الإفرادي، ناهيك عن التكلفة التي نتكبّدها للوصول إلى دائرة النفوس لإتمامه»، يقول أحد المعتصمين، ناهيك عن معظم الضرائب التي ضربت بعشرة أضعاف كرسوم الميكانيك وغيرها، كلها تكاليف لا يكفي الراتب لدفعها، سائلاً: «هل تدفعنا الدولة الى السرقة أو التشليح كي نطعم أولادنا ونسدّد واجباتنا؟».