كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
منذ الثامن من تشرين الأول 2023، انقلب الوضع الأمني في الجنوب رأساً على عقب، وأصبح متوتراً وقلقاً ارتباطاً بالعدوان الإسرائيلي على غزة، حيث أعلن «حزب الله» أنّه بات جبهة إشغال ومساندة لها ولأهلها ولمقاومتها، في وقت لم يعد فيه عمل قوات الطوارئ الدولية المعزّزة سهلاً.
على مدى أربعة أشهر ونصف من عمر الحرب، أطلقت قوات «اليونيفيل» الكثير من التحذيرات من خطورة تدحرج الوضع الأمني المتوتر في الجنوب إلى صراع مفتوح أو حرب واسعة، خاصة بعدما استهدفت إسرائيل مواقعها ومراكزها فتراجع عدد دورياتها وخفّضت حجم مساعداتها.
اليوم، مع ازدياد حركة النزوح من القرى والبلدات الجنوبية الحدودية، حيث بلغ أكثر من 90 ألف نسمة وفق الإحصائيات الأممية الأخيرة، عادت أنظار الجنوبيين تتجه إلى قوات «اليونيفيل» والدور المنوط بها، وإذا كان أصحاب القبعات الزرق غير قادرين على منع الاعتداءات الإسرائيلية أو حماية المدنيين، فإنه من أبسط مهامهم تقديم الدعم الذي يحتاجه أبناء القرى والبلدات للبقاء في أرضهم أو توفير المساعدات الإغاثية للنازحين.
وكشفت مصادر جنوبية لـ»نداء الوطن» أن اللقاء الذي جمع رئيس قوات «اليونيفيل» وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو، ورؤساء بلديات قضاء صور بمشاركة مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد سهيل حرب، جاء محاولة لرأب الصدع بين الطرفين بعد عتب ولوم كبيرين من الجنوبيين الذين يتساءلون عن غياب دورها الإنساني على الأقل، وعن مساواتها بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي في خرق القرار.
ووفق المصادر، فإنّ هذا العتب ترجم في كلمات رؤساء البلديات الذين أبلغوا الجنرال لاثارو، أنّ إسرائيل خرقت القرار الدولي 1701 أكثر من 3000 مرة من جهة، وفي كلام مدير مخابرات الجنوب العميد حرب الذي أكد «أن العدو الإسرائيلي لم يستجب في أي يوم من الأيام لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بجنوب لبنان، لا سيما القرار 425 الذي لم يُنفّذ إلا بالضغط الذي مورس من الجانب اللبناني»، في إشارة إلى المقاومة.
وتزامناً مع الاجتماع، استدلّ رؤساء البلديات والعميد حرب بشاهدين على خرق إسرائيل القرارات الدولية، الأول أنه خلال انتقال رئيس البعثة الجنرال لاثارو من الناقورة، إلى مقرّ اتحاد بلديات قضاء صور وقعت مجزرة مجدل زون، فقتلت خديجة سلمان والطفلة أمل الدّر جرّاء العدوان الإسرائيلي الذي طال أحد المنازل المجاورة في البلدة، والثاني خرق إسرائيل جدار الصوت فوق مدينة صور على مسمع منه، ما أحدث قلقاً ورعباً لدى أبناء المنطقة.
بالمقابل، حاول الجنرال لاثارو تهدئة غضب رؤساء البلديات، فشدّد على «أهمية التواصل وأن تكون لدينا هذه العلاقات القوية في جميع أنحاء منطقة العمليات». وقال «إننا نواصل تعاوننا مع الجيش اللبناني والمجتمعات المحلية» و»نعمل بلا كلل مع الأطراف لتجنب حالة التصعيد»، و»قرار مجلس الأمن الدولي 1701 هو الإطار، وعلينا أن ندعم الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني لتنفيذه، وهذا ما نحاول القيام به كل يوم».
وإذ سلّط لاثارو الضوء على الدعم الذي قدّمته «اليونيفيل» ووحداتها لفرق الطوارئ والدفاع المدني والمدارس ووكالات الرعاية الصحية والنساء والأطفال والبلديات، أشار إلى أن البعثة تنسّق مع هيئات الأمم المتحدة والسفارات والمنظمات غير الحكومية للمساهمة في إيصال المساعدات إلى لبنان حيث هناك حاجة إليها.
وقد أنشئت قوات الطوارئ الدولية المعززة – «اليونيفيل» في لبنان، وفق قراري مجلس الأمن 425 و426 العام 1978، لتأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وإعادة السلام والأمن الدوليين، ومساعدة الحكومة على بسط سلطتها الفعلية في المنطقة.
وحددت الأمم المتحدة مهامها بحفظ السلام وتهدئة التوترات والمساهمة في الحيلولة دون توسع رقعة الصراع، على أن يتم تنسيق أنشطتها مع حكومتي لبنان وإسرائيل، ودعم ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين والعودة الطوعية والآمنة للنازحين.
وفي العام 2006 وعقب العدوان الإسرائيلي، صدر عن مجلس الأمن القرار رقم 1701 وبموجبه أضيفت إلى ولاية «اليونيفيل» مهام أخرى تتعلق برصد وقف الأعمال العدائية، مرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية خلال انتشارها في جميع أنحاء الجنوب بما في ذلك على طول الخط الأزرق، بينما تسحب إسرائيل قواتها العسكرية من لبنان.