Site icon IMLebanon

هل يستجيب لبنان لمذكرة مشروع “الأبراج البريطانية”؟

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

بتوقيت يحمل الكثير من الريبة استفاقت الحكومة السورية على الأبراج البريطانية المنتشرة على الحدود من مصب النهر الكبير في الشمال إلى ما بعد منطقة راشيا في البقاع، فقررت توجيه مذكرة رسمية إلى وزارة الخارجية اللبنانية عبر نظيرتها السورية.

المذكرة حملت عنوان”تهديد للأمن القومي السوري”. وتفنّد في سطورها “التهديد الذي تشكله هذه الأبراج التي بدأ البريطانيون في تشييدها عام 2012 لأفواج الحدود البرية الأربعة في الجيش على الحدود السورية لجهة المعدات الإستعلامية والتجسسية الحساسة التي تتضمنها منظومة الأبراج، والتي تسطع على مسافات عنيقة داخل الأراضي السورية”. وبحسب المذكرة فإن الخشية تعود إلى “أن الحكومة الإسرائيلية تستفيد من ناتج المعلومات التي تصل إلى القوات البريطانية”.

المنسق العام للحملة الوطنية لإعادة النازحين السوريين النقيب مارون الخولي يؤكد لـ”المركزية” “أن هذه الأبراج التي أنشأها البريطانيون لصالح الجيش اللبناني لا تشكل أي تهديد للأمن القومي السوري، لا بل هي بمثابة أداة حيوية لأمن الحدود والإستقرار.

“وإذ يرفض بشدة المذكرة المقدمة من الحكومة السورية إلى نظيرتها اللبنانية في شأن الأبراج الواقعة على الحدود اللبنانية-السورية، يرى الخولي “بأن مخاوف الحكومة السورية لا أساس لها، وخلفيتها سياسية بحت، علمأ أنها قائمة منذ عقود وقد لعبت دوراً حاسماً في ردع عمليات التهريب عبر المعابر الحدودية غير الشرعية، وسواها من التهديدات الأمنية. إلى ذلك فهي تساهم في تأمين الإستقرار لكلتي الدولتين من خلال منع تسلل الجماعات المسلحة وتدفق البضائع غير القانونية”.

ليست صدفة أن تتذكر الحكومة السورية الان “المخاطر” التي تنتج هذه الأبراج وتهديدها للأمن القومي السوري السوري. من هنا اهمية اختيار الحكومة السورية هذا التوقيت لإرسال المذكرة إلى الحكومة اللبنانية. في السياق يوضح الخولي أن الأسباب تعود إلى المشروع المقترح للحدود الجنوبية مع إسرائيل الذي طرحه وزير الخارجية البريطانية ديفيد كاميرون على الحكومة اللبنانية في زيارته الأخيرة إلى لبنان، ويتضمن تشييد أبراج عند الحدود الجنوبية، ترصد بعمق خمسة كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية والمسافة نفسها في عمق الأراضي الإسرائيلية على أن يبدأ العمل على المشروع في بقعة صغيرة ليتوسع لاحقا على كامل الحدود.

ويكشف الخولي ان مخاوف الحكومة السورية من تشييد الأبراج على الحدود الجنوبية مع إسرائيل مردها”إلى أن عملية الرصد والمراقبة ستشمل أراضي شبعا وكفرشوبا التي لم تعترف بها سوريا بعد بأنها تابعة لها، وبالتالي فإن المشروع المقرر يبطل حجة حزب الله بحقه في المقاومة لتحرير الأراضي المتنازع عليها مع إسرائيل”.

في العودة إلى الأبراج الشمالية يبرز السؤال حول اسباب استمرار عمليات التهريب عبر الحدود غير الشرعية على مدى الأعوام الماضية.وفي السياق، يقول الخولي”الأكيد ان هناك نقصا في عدد الأبراج المشيدة عند الحدود الشمالية مع سوريا كما في البقاع خصوصا أن عملية المراقبة تتم وفق زوايا محددة، علما أن الكاميرات المثبتة على الأبراج حديثة ومتطورة. من هنا الحاجة إلى وجود أبراج إضافية بحدود 8 إلى عشرة أبراج لتغطية كافة النقاط المنتشرة على الحدود”.

جدير ذكره أن مسألة زيادة عدد الأبراج كانت طرحتها حملة إعادة النازحين السوريين خلال الجولة الإستطلاعية – الإستقصائية التي قام بها أعضاء الحملة في أيلول 2023 إلى الحدود السورية ومقرات القوات المشتركة لضبط الحدود. يومها أكد الخولي “الدور البارز الذي يلعبه الجيش اللبناني في الدفاع عن حدود لبنان واقترح خارطة طريق للتصدي لعمليات التهريب بفعالية تشمل عدة نقاط من أبرزها: زيادة عديد وحدات فوج الحدود وتجهيزها بالإمكانيات التكنولوجية المطلوبة، واستخدام تكنولوجيا المراقبة المتقدمة عبر زيادة 5 أبراج جديدة…

إلى “يقظة” التوقيت، تجاهلت المذكرة السورية السياق التاريخي للأبراج”التي شُيِّدت من قبل البريطانيين بموافقة الحكومتين اللبنانية والسورية لمعالجة المخاوف والمخاطر الأمنية على الحدود.ويضيف الخولي “إن إسناد بنائها إلى الجيش اللبناني فقط يتجاهل الجهود المبذولة والإهتمام المشترك بالأمن الإقليمي. ولبنان كدولة ذات سيادة، له الحق المطلق في تأمين حدوده وتشييد البنية التحتية اللازمة وهذا الحق منصوص عليه في القانون الدولي والعديد من الإتفاقيات الدولية بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات.وبالتالي فإن بناء هذه الأبراج الحدودية سواء الشمالية منها أو المقترحة جنوباً لا يخالف أي اتفاق قائم ولا يمس بالسيادة السورية”.

مع تلقي الخارجية اللبنانية المذكرة عمدت إلى إرسال نسخ منها إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقيادة الجيش والمعنيين. لكن حتى اللحظة لا تعليق من الجانب الرسمي اللبناني وسيأتي الرد “بعد تبلور المواقف”!. وفي السياق يكشف الخولي ” أن الدافع الحقيقي للحكومة السورية ليس الأمن القومي كما ورد في عنوان المذكرة، إنما ممارسة الضغط على الدولة اللبنانية وصرف الإنتباه عن حقيقة وفداحة الأزمة الإنسانية المستمرة في سوريا .وتمنى على الحكومة إجراء تقييم دقيق للمذكرة والنوايا الكامنة وراءها قبل الدخول في أية مناقشات وإلى فتح حوار حقيقي والتعاون بين الحكومتين اللبنانية والسورية لمعالجة المخاوف الأمنية على الحدود اللبنانية ووقفق تسلل الإرهابيين وتجار البشر والمهربين والتسلل غير الشرعي لآلاف السوريين أسبوعيا وإيلاء الحكومة السورية الأولوية لعودة النازحين. أما الحكومة اللبنانية فمطلوب منها إعطاء الأولوية لفتح حوار حقيقي حول العودة الإلزامية للنازحين السوريين “.

مما تقدم يمكن استنتاج أن المذكرة السورية لا تمت إلى القانون بصلة ولا يمكن طرحها على بساط المراجعة القانونية لأنها ببساطة سياسية بامتياز ” وإلا كانت الحكومة السورية رفعتها إلى الأمم المتحدة لكن النوايا سياسية بهدف الضغط على الدولة اللبنانية فقط” يختم الخولي.