كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
تسير مشاورات كتلة «الاعتدال الوطني» وفق البرنامج الموضوع لها، وتُكثّف اللقاءات والمشاورات التي ستستكمل هذا الأسبوع. وتلفح الإيجابية الداخلية طروحات «الاعتدال»، لكنّ هذه الإيجابية تحتاج إلى متابعة وموافقة جميع الأطراف لكي تثمر انتخاباً لرئيس الجمهورية.
كانت مشاورات «الاعتدال الوطني» تسير في المسار الصحيح وتحرز مزيداً من التقدّم. وتوّج هذا الأمر بموافقة القوى المسيحية الأساسية على جوهر المبادرة القائم على إجراء مشاورات في مجلس النواب بين الكتل والاتفاق على اسم، وإذا أخفق الأمر توضع عدة أسماء وتعقد جلسة بدورات مفتوحة من دون إقدام أي طرف على فرط النصاب.
وشكّل اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي الانطلاقة الأساسية للكتلة، التي نالت موافقته على جوهر المبادرة، وأكّد السير بها وفتح أبواب المجلس ليلاً ونهاراً للاتفاق على رئيس للجمهورية.
وبعد الإيجابية مع بري، التقى التكتل رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل، وخرج مرتاحاً بعد تأكيد باسيل رفضه منطق فرض المرشحين، وقبِل السير بالحوار الذي دعا إليه «الاعتدال» وأيّد المبادرة بالكامل والتعاون على إنجاحها. ولم يبدِ رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل معارضته المبادرة، لكنه لم يمنح «الاعتدال» الجواب. ومن المفترض إعلان موقفه بعد اجتماع المكتب السياسي الكتائبي.
من جهته، أبدى رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الحماسة للمبادرة وجدّد موافقته على الخيار الثالث. وأكّد أنّ طرح «الاعتدال» يتلاقى مع طروحات «القوات اللبنانية» التي ترفض الحوار مع «الممانعة» للقبول بمرشحها رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية. لذلك فـ»الاعتدال» يطرح الأفكار التي تساهم في انتخاب رئيس بعقد دورات متتالية للانتخاب لا المجيء إلى الحوار للقبول برئيس «الممانعة».
ومع قبول الأطراف المسيحية الأساسية ومعهم الرئيس برّي بمبادرة «الاعتدال»، يتبيّن أنّ الكتلة قطعت نصف الطريق بأخذها البركة المسيحية وموافقة رئيس مجلس النواب. وستتابع اللقاءات مع بقية الكتل.
وتظهر أجواء سلبية في مواقف «حزب الله»، وحتى هذه الساعة لم يمنح «الحزب» الضوء الأخضر للمبادرة، ولم يحدّد موعداً للقاء الكتلة. وأمام هذه الضبابية، سيتولّى النائب وليد البعريني الموضوع ويتّصل برئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد من أجل تحديد موعد لـ»الاعتدال» ومحاولة إقناع «الحزب» بالمبادرة. فإذا رفض «الحزب» اللقاء والحوار، فسيكون هذا الأمر بمثابة ضربة قويّة للمبادرة ويُظهر من جهة ثانية الطرف الحقيقي الذي يُعطّل الاستحقاق الرئاسي.
من جهتها، تؤكّد كتلة «الاعتدال الوطني» على وحدة نوّابها الستة وتوجّههم الواحد. ومن يحاول زرع الشقاق فسيفشل، لأنّ الكتلة ليست في «جيب» أحد أو تتبع أي فريق وسياستها واحدة، وهي مع لبنان وحفظ هذا البلد وعدم التفريط بالدولة. وإذا كان إيقاع مبادرة «الاعتدال الوطني» يسير وفق ساعة الداخل، إلا أنّ هناك أمراً ظهر أخيراً أثار أكثر من علامة استفهام وطرح المزيد من الأسئلة عن اتجاه الوضع الداخلي.
وفي التفاصيل، علمت «نداء الوطن» أنّ إحدى الدول العربية التي تشارك في اجتماعات اللجنة الخماسية التي تتابع الوضع اللبناني كانت متحمّسة لمبادرة كتلة «الاعتدال الوطني»، لكن أتتها نصيحة من سفيرها في بيروت طلب منها التريّث في إطلاق المبادرة وعدم الغوص أكثر في هذا الموضوع والاكتفاء بما تحقّق حتى الساعة، لكنّ الكتلة أكملت اللقاءات ولم توقفها.
ولم تفهم الكتلة حتى السّاعة خلفيات موقف السفير أو الغايات من هذا الطلب ولم تصلها التبريرات المناسبة، فهل هو لتأمين الأرضية المناسبة والأجواء لإنجاح الحوار والمبادرة، أو أنّ هناك أمراً كبيراً تحضّره اللجنة الخماسية يخصّ الرئاسة اللبنانية؟
وهل أتت النصيحة على خلفية تراجع الاهتمام الدولي بملف لبنان وعدم قدرة اللجنة الخماسية على الضغط لإتمام الاستحقاق الرئاسي، أو أنّ التسابق بين الميدان والتسوية السياسية سيتكلمان في المرحلة المقبلة؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلى أجوبة ولا أحد في الداخل يملك الجواب.