كتب بسام ضو في “اللواء”:
يعيش اللبنانيّون بأجمعهم شرفاء ومُضلّلين مرحلة سوداء في ظل عدم إنتظام المؤسسات وسوء الرؤية لدى قادة الرأي، مسيحيين ومُسلمين علمانيين ورجال دين، وبدت بوادرها في العديد من المراحل ومنها عدم إنتخاب رئيس جديد للجمهورية لإدارة الملف السياسي الوطني بالتعاون مع رئيس الحكومة ومجلسه الوزاري، وتستفحـل هذه البوادر لأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الشِّح المالي للأجهزة الأمنية ومعاناة العسكريين في ظل أوضاع أمنية متشنِّجة وإعتداءات على السيادة الوطنية من الداخل والخارج، إضافةً إلى بعض المعلومات التي تُفيد بإقفال سفارات وقنصليات في بلاد الإنتشار لعصر النفقات، كل هذه الأمور تحصل في ظل تقصير فاضح من قبل كل المسؤولين، مدنيين وروحيين، والحبل ع الجُرّار.
إنّ سوء الأوضاع العامة في البلاد تجلّى بوضوح في أوضاع سياسية – أمنية – اقتصادية – مالية – إجتماعية مزرية هبطت على لبنان وشعبه، ونقص كبير في المستلزمات المعيشية والطبية دفعتْ آلاف المواطنين إلى العــوز، وكل من يحتّج تُحرِّك سلطة الأمـر الواقع بعض الأجهزة الأمنية وأنصارها في مواجهة الشعب، وهذه التصرفات تُضيف المزيد من الضغوط على المواطنين ولن تُبرِّأ السلطة من تقصيرها.
مشاكل جمّة ولا داعي للتذكير بويلاتها بدءاً من قانون إنتخابي غير عادل ومتوازن أفرز سلطة تُخالف أحكام الدستور ومتطلبات الحياة الدستورية الديمقراطية لإيصال طبقة سياسية تحكم خلافاً للأصول إلى سرقة الخزينة والتمادي في السرقة عبر موازنة أقـلّ ما يُقال عنها «أنها موازنة السرقة بإمتياز»، دونما نسيان جريمة العصر جريمة تفجير مرفأ بيروت وتدمير أكثر من نصف العاصمة وطي ملف التحقيقات لأنه يَطال رؤوس أغلبية المسؤولية.
فعلاً هناك أحداث خطيرة تحصل في لبنان والخطــر أنّ هناك مادة مازوت حمراء إيرانية تغزو السوق اللبناني ومسعّرة خلافاً لتسعيرة وزارة الطاقة وهذا الأمر إنْ دلّ على شيء فيدُّل على أنّ الحدود اللبنانية مُستباحة وهنا يمكن ربط الموضوع بما يحصل على الحدود اللبنانية – السورية لناحية إعتراض الجانب السوري على الأبراج التي شُيِّدَتْ لحماية الحدود وهذا ما أزعج السوريين بالإنابة عن الإيرانيين وأعوانهم. كما أنّ هناك مشاهد مروعة بخصوص أوضاع اللبنانيين الذين لا يستطيعون تأمين لقمة العيش أو الدواء أو التنقل من منطقة إلى أخرى، علماً أنّ الشعب اللبناني يُعاني من ظروف إنسانية – صحيّة مالية – إجتماعية تتمثّل في إنعدام تأمين مستلزمات الحياة المنصوص عنها في شرعة حقوق الإنسان وهذا الأمر يؤدي إلى العديد من الوفيات أو حالات الإنتحار…
في هذه المقالة ومن واجبي كباحث سياسي وعضو في مركز أبحاث PEAC طرح موضوع القضاء اللبناني الذي هو أيضاً بحالة مزرية، وبعد مراجعة العديد من فقهاء القانون في هذا الإطار ونقلاً عن قاض متقاعد «إنّ الأمر يجب حلّه بقوانين تُحصِّن القضاء وعبر تشجيع وحماية القضاء لمواجهة منع تدخُّل السياسيين في شؤون الأجهزة القضائية…» ومن المعلوم أنّ أغلبية السياسيين الحاليين يتدخلون في موضوع التعيينات القضائية وهذا يعني أن أي قاضيا يُصبح مكبّلاً وممنوعا عليه أن يحكم بإسم الشعب بل بإسم الزعيم.
إنّ الأوضاع العامة في البلاد باتت تستدعي تدخّلاً قانونياً وحملة تصدّي لهؤلاء الساسة الجهّال في الفكر السياسي وأفعالهم هي من نوع الجناية، ولنا الحق كشعب وفقاً لمقدمة الدستور دونما حاجة لإدّعاء أي نيابة عامة أن نحقق في جميع الجرائم والمتلازمة مع الجرم الأصلي تعطيل عمل السلطات، وأن تتناول جميع السياسيين ومن دون إستثناء أي الذين تتوافر في حقهم أدلة على إسهامهم في هذه الجرائم. كفى إستباحة كل شيء ورمي الآثام والعهر والفشل والفساد على الغير.
المطلوب اليوم وقف هذا النموذج في إدارة شؤون الدولة والتهرُّب من المسؤولية، حقاً العهر السياسي في أبهى حلله وكفانا تحمّل عبء تقصيرهم، فلنتحرك وليكن تحركنا منظماً كي لا نقع في الفشل.