كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
رسائل متعدّدة الاتجاهات لبنانياً وفلسطينياً وأممياً، حملتها زيارة لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية إلى مخيم عين الحلوة للمرة الأولى، تزامناً مع قرار 16 دولة تعليق مساعداتها المالية لوكالة «الأونروا»، ما ينذر بكارثة اجتماعية كبيرة لا تحمد عقباها.
الرسالة الأولى جاءت رمزية، تعبيراً عن تأييد لبنان لاستدامة عمل الأونروا ودورها الإنساني الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
الرسالة الثانية: التأكيد على مسؤولية «الأونروا» في تحمّل رعاية وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومدّ يد العون لها وتشكيل «لوبي» مشترك معها والتحرك باتجاه السفارات ومع أعضاء البرلمانات والمفوضية الأوروبية، وفق خطة متدحرجة وصولاً إلى إعادة التمويل.
الرسالة الثالثة: التأكيد على حالة الأمن والاستقرار الذي يشهده المخيم بعد الاشتباكات الأخيرة بين حركة «فتح» و»تجمع الشباب المسلم» وقد استمرّت تداعياتها أكثر من شهرين ونصف، ناهيك بالمشاكل المتنقّلة بين الحين والآخر، وامتداداً إلى المخيمات الفلسطينية في لبنان، على اعتبارها محطات انتظار ونضال إلى حين العودة.
وشارك في الجولة، رئيس اللجنة النائب فادي علامة، والنواب علي عسيران، ندى البستاني، آغوب بقرادونيان، وحيدر ناصر، مديرة «الأونروا» في لبنان دوروثي كلاوس، مدير منطقة صيدا إبراهيم الخطيب ومدير المخيم عبد الناصر السعدي، وكان في استقبالهم أمين سرّ «فتح» وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات، وأمين سرّ منطقة صيدا ماهر شبايطة، وأمين سرّ مخيم عين الحلوة ناصر ميعاري وأمين سرّ مدينة صيدا مصطفى اللحام.
ووسط إجراءات أمنية من عناصر القوة المشتركة الفلسطينية، جال الوفد في شوارع المخيم وأزقّته من شماله إلى جنوبه مروراً بالشارع الفوقاني، واستمعوا من أبنائه الى معاناتهم اليومية ومطالبهم وأحلامهم، ودعواتهم إلى العمل بجدّية من أجل تحسين ظروف عيشهم والمساعدة في وقف العدوان الإسرائيلي في غزة، وقد بدت على بعضهم علامات التأثر من سوء الظروف الحياتية، فيما حرص بعضهم الآخر على التقاط صور للأماكن التي زاروها.
واستكمل الوفد جولته بعقد اجتماع موسع في مدرسة «قبية» التابعة لـ»الأونروا» مع ممثلي القوى والفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية، الذين أكدوا تمسكهم بالوكالة كشاهد حيّ على نكبة فلسطين وعلى حقّ العودة إلى ديارهم، داعين المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته في دعمها مالياً وعدم الكيل بمكيالين في مقاربة العدوان الإسرائيلي على غزة.
ونوّه أبو العردات بأهمية الزيارة وقال لـ»نداء الوطن» إنها تأتي بالتعاون مع «الأونروا» والفصائل الفلسطينية على ضوء قرار 16 دولة تعليق مساعداتها المالية، و4 دول تدرس القرار الذي نعتبره جائراً ويأتي في إطار سياسة العقاب الجماعي بعد حرب الإبادة الجماعية». وقال: «ناقشنا بالتفاصيل تداعيات القرار على حاجات اللاجئين في لبنان، واتفقنا على أهمية تكاتف الجهود اللبنانية – الفلسطينية ومنها دولة فلسطين ومنظمة التحرير مع «الأونروا» وفي كل الاتجاهات ومع كل الجهات من أجل التنبيه لمخاطر وقف التمويل على الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل كامل».
واختتم الوفد جولته بزيارة بلدية صيدا، حيث التقى رئيسها حازم بديع ونائبه عبد الله كنعان، قبل أن يعقد مؤتمراً صحافيا تحدث فيه رئيس اللجنة النائب علامة الذي وصف قرار وقف التمويل لـ»الأونروا» بأنه عقاب جماعي «بحق كل فلسطيني داخل فلسطين وفي دول الشتات ولا سيما في لبنان» وأكد «أنّ هذه الخطوة تتطلّب منا معرفة كيفية التعاطي معها قبل الوقوع في أخطارها المرتقبة».
وأوضح أن موازنة «الأونروا» عام 2024 هي حوالى 900 مليون دولار يخصص منها 183 مليون دولار للبنان، يستفيد منها اللاجئون الفلسطينيون ضمن أربعة برامج أساسية: صحية، تربوية، إدارة النفايات والكهرباء والمياه، وبرنامج المساعدات المالية. ويوجد 28 مركزاً للرعاية الأولية يستفيد منها نحو 200 ألف لاجئ بالإضافة إلى 50 ألف حالة استشفاء تتم معالجتها في مستشفيات يتم التعاقد معها. أما في الشق التربوي فتوجد 62 مدرسة تستوعب 40 ألف تلميذ وتؤمّن رواتب 1500 مدرّس. أما برنامج إدارة النفايات والكهرباء والمياه فيستفيد منه 120 ألف لاجئ في 12 مخيمّاً، فيما المساعدات النقدية يستفيد منها فلسطينيون يقيمون في لبنان، بالإضافة إلى نازحين فلسطينيين من سوريا وتصل المساعدات النقدية إلى 11 مليون دولار كل فصل، بمعدل 60 دولاراً للفرد من العائلات الأكثر فقراً ويبلغ مجموع المستفيدين منها 145 ألف لاجئ. السؤال الذي يطرح هنا ما الذي سيحصل بعد توقف كل هذه المساعدات».
في المقابل، اعتمدت كلاوس الدبلوماسية في الإجابة عن الأسئلة وخاصة ما يتعلق منها بموعد وقف تقديم خدمات «الأونروا»، وقالت: «أعتقد أنه لا يزال من السابق لأوانه أن نتنبّأ بما سيحدث بعد شهر آذار. في الوقت الحالي، نحن نبذل قصارى جهدنا لتوضيح أهمية «الأونروا» وضرورتها للناس، ونعتمد على المتبرّعين والدول المانحة لفهم رسالة الأونروا الإنسانية والتفهّم الكامل للمخاطر الكبيرة التي قد تحدث للإنسانية وللأمن والاستقرار في الدول المضيفة إذا توقفت أعمال الأونروا».