أعلن عضو تكتل الجمهورية القوية النائب أنطوان حبشي أنه: “في الإطار السياسي العام يُحكى وكأن المشكلة في النصوص في ما يختصّ بالمسائل التي تطرقت لها الوثيقة أو بتغيير قانون الانتخابات أو ما يوازيها لجهة اللامركزية والحياد ستحلّ أزمتنا اليوم”.
وتساءل، “ماذا يمنع تطبيق اللامركزية اليوم وهي موجودة بالطائف، فإذًا الكلام عنها لا يؤمن تطبيقها أو حتى ورودها في نص قانوني ولو كان الدستور”. وتابع “غبطته، طرح الحياد بأفضل طريقة ممكنة للكلام عنه، وهذا لم يمنع عنه التخوين وصولًا للتهجم في بعض الأحيان”.
وأعتبر حبشي خلال مشاركته في المؤتمر العام الذي عقده “لقاء الهوية والسيادة” لمناقشة الوثيقة التي أطلقها من بكركي بعنوان “رؤية جديدة للبنان الغد، دولة مدنية لا مركزية حيادية”، ممثلاً التكتل أن “غبطة البطريرك قام بتوصيف هذه الرؤية على إعتبار أن هناك جزءً ثابتًا وهناك طرحًا جديدًا فيها إضافةً الى الوضع الآني الذي نعيشه. كذلك يمكننا الإعتبار أن في هذه الورقة شقين، شق دستوري تقني والملاحظات السريعة فيها لا تنفع لان الأمر يتطلب نقاش عميق، و هناك شق سياسي لان كل تغيير تقني دستوري يخضع لإطار سياسي”.
وأضاف: “نتكلم عن الحلّ المستقبلي ونطرحه وكأن الوضع الآني لا يؤثر عليه، وهذا يشكل واحدة من المشاكل الأساسية في مقاربتنا لأوضاعنا. وكأننا نقارب الموضوع بنظريّة الفيل في الغرفة ويختلف التعاطي مع هذا الفيل، وفق كلّ فريق. فهناك من لا يرى الفيل وهم من لا يريدون تحمل المسؤوليّة، وهناك من يقول هذا ليس فيل وهم من ينكرون وجوده وهم يغمضون عيونهم عن كل المخاطر الموجودة، كما هناك من يقول لهذا الفيل: أصدقاء أقوياء لنهرب، وطبعًا هناك من يقول الفيل سيغادر بنفسه وهو تفكير قائم على الرغبة بأن الخطر سيختفي ولكن ذلك لا يلامس الواقع، ولا ننسى من يقول إن الفيل ليس فيلًا وهذا موقف من يخلط بين المخاطرة والفرصة”.
وإستكمل حبشي: “الوضع الآني يؤثر وبشكل مطلق على كل نقاش يطال المستقبل في القانون أو الإطار الدستوري أوالسياسيّ، مثلًا ما الذي يمنعنا من إنتخاب رئيس الجمهوريّة والنصوص موجودة؟ أليس القانون والدستور واضحان لجهة قرار الحرب والسلم فما الذي يحصل في الجنوب اليوم؟ والدولة غائبة عن هكذا قرار؟ والمشكلة هنا ليست في النصوص وإنما وكما قال غبطة أبينا البطريرك صفير “عن أن المشكلة قد تكمن في النفوس”، وأكمل “الكثير من المسائل حلّتها النصوص الحاليّة والموجودة فما الّذي يمنع تطبيقها؟”
وأوضح أن “أي طرح مستقبلي لا يمكن أن يُناقش بمعزل عن التأثير الذي نعيشه اليوم. وتوجه إلى الشيخ محمد حيدر أحمد شاكرًا طرحه وعبّر عن عدم موافقته لمقاربته وتوجه له قائلًا: “نعم يجب أن نتخطى الطائفية والمذهبية ولكن اين الطائفيّة اليوم في الوصول إلى الدواء؟ المواطن في بعلبك الهرمل لا يأخذ الدواء، كذلك في الأشرفية لا يأخذه تمامًا كما في أي مكان في لبنان. وتاليًّا تخطي الطائفيّة لا يفيده بشيء هنا. وبهذا المعنى اللوحة الحلوة للبنان أو التنوع بمعنى الاختلاف باتت قيمته بكيفية إدارته. في كل العالم، مولانا هناك الكثير من البلدان التي أدارت تنوعها بشكل يفصل بين المشاكل السياسية وخدمات المواطن اليومية وطريقة إدارة هذا التنوع زادت في المشاركة والتعاون بين أفرقاء هذا التنوع”.
وإستطرد معتبرًا: “كلنا نلتمس المشكلة وعلينا معالجتها بدءً بالفصل بين إدارة شأن المواطن وإدارة الأزمة السياسية، يليها التمسك بالسيادة وتطبيق القانون فمثلًا سيدنا طرح الحياد فإذا وضعناه بورقة وغيّرنا الدستور تباعًا، ما الذي سيتغير؟ هل قوى الأمر الواقع ستسمح بتطبيق الحياد؟ من هذا المنطلق فإن أي معالجة للمسألة الآنية وجب التكلم بها على أساس الخبرة والتراكم مثلًا رغم لحظ الطائف للامركزية لم نطبقها، ولم نطبق الدستور حتى ولا سيادة الدولة. ولا ندري إلى أين نتجه واليوم نفكر أن ننتقل لفكرة جديدة وكأنه لا يجب أن نبني تراكمًا، وكأنهم يسعون ليكون تاريخنا متقطعًا عن بعضه بشكل لا متناهي من دون أن نأخذ أي عبرة من التجارب السابقة”.
وختم حبشي قائلًا: “في هذا المجال المطروح، من جهة وفق الّذي سمّاه سيدنا بالجديد يجب إعادة قراءة طريقة إدارة شؤون المواطن ليس على أساس سياسي وإنما على أساس تأمين خدماته من هنا لا بد من طرح اللامركزية كطريقة إدارة لحياة الناس بمعزل عن الصراع السياسي. ومن جهة ثانية، لا يمكن معالجة أمور بهذا الحجم إذا ما تطالبون بتطبيق هذه الوثيقة بظلّ هذا الواقع لأنه بغياب دولة ومهما كان النظام وإطار الإدارة وبغياب السيادة وهي الباب إلى الحياد لن نستطيع تطبيق لا النظام ولا السيادة. لذلك أتمنى على معدّي الوثيقة أن يعيدوا قراءة كلّ المشهد وبنقاشات مصغرة منتجة حتى نبلور الأفكار وتاليًّا المستقبل إنطلاقًا من ثوابت تاريخنا وفي إصلاح مسارنا من خلال إستعادة دولة القانون ودولة الحقّ والسيادة”.