كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
يفرط وزير الداخلية بسام مولوي في تغليف إجاباته بغطاء من الديبلوماسية، لدرجة يكاد «يخنقها» أحياناً، وهو الآتي من قوس العدالة التي لا تعرف الرمادية ولا الألوان المبعثرة، وتقارب القضايا على قاعدة بريء أو مدان. أما هو فيرى الوضوح في مواقفه من دون أن تضطره إلى قولها كما هي، مكتفياً أحياناً بالتلميح بما قلّ ودلّ، وأحياناً أخرى بالعموميات التي تقيه شرّ السقوط في فخّ شياطين التفاصيل. وهو مقتنع أنّ استنساخ المعادلة القائمة لانتخاب رئيس للجمهورية سيؤدي إلى إنتاج الخلاصة ذاتها وبقاء الوضع على ما هو عليه، ومن هنا يقول إنّ الخروج من الأزمة يقتضي التغيير. أما كيف؟ فلا جواب واضح.
– نبدأ من قرار الحكومة بإعطاء زيادات على رواتب القطاع العام والعسكريين، الذي لم يرضِ المعنيين ولم ينقذ الحكومة من الانتقادات تحت عنوان أنّه قرار ترقيعي وعشوائي وسط خشية من تكرار خطيئة سلسلة الرتب والرواتب التي أقرت بأرقام مخالفة لحقيقتها. هل لديكم أرقام حقيقية لهذه الزيادات وتبعاتها؟
– أولاً، هذه القرارات لا تشبه سلسلة الرتب والرواتب، وقد انطلق رئيس الحكومة من الامكانيات المالية المتاحة. ومن الطبيعي أن لا تلقى هذه الزيادات قبولاً بسبب التضخم الهائل الحاصل، لأنّ القيمة لا تعادل قيمة الرواتب التي كانت قبل وقوع الأزمة. وقد وعد مجلس الوزراء أنّه فور تحسّن الجباية العامة بأن يصار إلى تعديلها.
– ولكن ماذا عن الإصلاح الإداري وهو شرط أساسي للخروج من الأزمة؟ ولعل ما يحصل في الدوائر العقارية من «ابتزاز» يهدف إلى إعادة الموظفين الملاحقين نموذج واضح عن فشل الحكومة في إجراء أي إصلاح إداري.
– نحن نقوم بواجبنا في محاربة الفساد، ومنحنا الأذونات بالملاحقات القضائية. سبق لرئيس الحكومة وكلف مجلس الخدمة المدنية بوضع دراسة في ما خصّ وضع الإدارة العامة، وقد أكد خلال الجلسة الأخيرة أنه خلال 3 أشهر يفترض الانتهاء من هذه الدراسة ولكن لا يمكن ترك كل الموظفين معلقين بانتظار وضعها والسير بها. وكان لا بدّ من حوافز تشجيعية. أما بالنسبة لموظفي العقارية، فإنّ وزير المال ملتزم بما يقرره القضاء ومن تصدر بحقه أحكام يفقد حكماً شروط الأهلية لممارسة عمله، أما الملاحقون الذين لا يزالون قيد المحاكمة فقد ارتأت الحكومة، أن يسيّروا الإدارة… من دون أن ننسى الأزمات المحيطة بنا والظروف التي تحكم عمل الحكومة وهي حكومة تصريف أعمال.
– لكن الحكومة توسّعت كثيراً في هامش تصريف الأعمال…
– تتصرف وفق الأمور الضرورية للناس، ولكن هذه الأمور كثيرة، ولهذا فإنّ نطاق تصريف الأعمال صار أوسع مع الوقت. في بداية جلسات تصريف الأعمال سئلت كقاضٍ وأجبت أنّ عمل الحكومة مرتبط بشؤون اللبنانيين ومصالحهم. وبالتالي إنّ عملها ليس بمواجهة أي فريق وإنما يهدف إلى تأمين حاجات الناس. ولكن بالعودة إلى الإصلاح، هو ممر لا بدّ منه لبناء الدولة، كما لا بدّ من انتخاب رئيس إصلاحي يتمتع برؤية، للتخلص من الحلول الترقيعية.
– ماذا سيحصل بالموازنة العامة بعد سلسلة الطعون التي قدمّت؟ وكيف يمكن للحكومة أن تنفذ قراراتها اذا أبطلت الموازنة؟
– إلى الآن، المجلس الدستوري جمّد بنوداً محددة من قانون الموازنة العامة بانتظار درسها، ولكن أنا استبعد أن يجمّد كامل الموازنة، لا سيما وأنّ معظم الطعون تتركز على المضمون ذاته ولو اختلفت الجهة الطاعنة، والأرجح أنّ المجلس الدستوري سيضمّ الطعون لبعضها البعض قبل درس كل مادة بمادتها.
– الطعن الأخير يتعلق بالرسوم على إخراجات القيد التي أثارت احتجاج الناس والمخاتير. ألم تقدّروا حين ناقشتم الموازنة في لجنة المال والموازنة أنّها قد تسبب أعباء لن يقبل بها المواطنون؟
– صحيح، لقد شارك المدراء العامون في الوزارة في نقاشات لجنة المال، وكان لدينا طلب معين. على كلّ، هذا السؤال أضعه برسم رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان الذي يملك التفاصيل حول أسباب وضع الموازنة، في ما خصّ رسوم الأحوال الشخصية، على غير ما جرت مناقشته مع الحكومة.
– هذا يعني كنتم متفقين على صيغة مغايرة؟
– أكيد.
– ألا تعتقدون أنّ الدولة تدفع ثمن الشعبوية التي تمارسها القوى السياسية؟
– لهذا لا بدّ من انتخاب رئيس وحكم مستقر.
– هذه الحكومة فشلت أم نجحت في مهامها؟
– هذه الحكومة قامت بما تستطيع القيام به. وكان بإمكانها أن تقوم بأكثر من ذلك، وغير ذلك.
الشغور والرئاسة
– متى برأيك ستنتهي حالة الشغور؟
– يجب أن لا تستمر، لكنها قد تستمر إلى حين اتفاق القوى السياسية الداخلية كون الخلاف محلياً مع العلم أنّ اللجنة الخماسية لديها رغبة بإنهاء هذا الشغور اليوم قبل الغد.
– هل هذا يعني أنّ هذا البرلمان سيعجز عن انتخاب رئيس طالما أنّ القوى المحلية متمسكة بمواقفها؟
– لا يمكن القول إنّ المجلس سيعجز عن انتخاب رئيس، خصوصاً وأنّ ثمة حراكاً مستمراً وليس هناك جمود، خلافاً لما هو ظاهر للعيان. مواقف الأطراف السياسية اليوم معروفة، ولكن يمكنها أن تتبدل. والبعض ينتظر اللحظة السياسية المناسبة لكي يبدّل موقفه.
– لقد ذكرت أنّنا بحاجة إلى رئيس إصلاحي وصاحب رؤية. على من تنطبق هذه الصلاحيات من المرشحين المعلنين وغير المعلنين؟
– مع أنني لست نائباً لكي أدلي بصوتي، ولكن أعتقد أنها تنطبق على أي مرشح لديه نيّة ببناء لبنان مختلف عن لبنان المرحلة الأخيرة. هذا المسار، اذا استمر بنفس المعطيات سيعطي النتيجة نفسها، ولهذا لا بدّ من التغيير.
– هذا يعني الخروج من الطبقة السياسية التقليدية؟
– هذا يعني انتخاب رئيس يقوم بعمله بطريقة مختلفة. ليست مرحلة الشعبوية ولا تقوية فريق على آخر. نحن نحتاج إلى الوحدة والشراكة يعني أن تعطي كل مجموعة أفضل ما عندها للبلد لا أن تأخذ من البلد. البلد ليس تركة لكي يتم تقاسمه. المطلوب عقلية سياسية مختلفة.
الإنتخابات البلدية
– هل تطرقتم للانتخابات البلدية في مجلس الوزراء؟
– لم نتطرق لهذا الاستحقاق، وبالنسبة لي يجب إجراء الانتخابات خصوصاً وأنّه لا مانع إدارياً من إجرائها.
– ولكن هل ستدعو الهيئات الناخبة؟
– طبعاً سأدعوها وفق المهل التي سيحددها القانون والتي تبدأ في 12 نيسان كون القانون ينصّ على دعوتها قبل شهر من موعد إجرائها.
– يعني 12 أيار قد يكون اليوم الأول للانتخابات؟
– باعتبار أنّ 5 أيار هو عيد الفصح عند الشرقيين، يعني ممكن أجراؤها في 12 و19 و26 أيار، وبالتالي لا بدّ من دعوة الهيئات الناخبة قبل 12 نيسان كحدّ أقصى. ولكن حالياً لا يمكن دعوتها لأنّنا لا نزال في مرحلة تنقيح لوائح الناخبين والتي يفترض تجميدها في 31 آذار بعد تصحيحها. ومن ثمّ يصار إلى دعوة الهيئات الناخبة. الحكومة أقرت الحوافز المالية للإدارة التي صارت جاهزة ومستعدة لإنجاز الاستحقاق، والإدارات المعنية في الداخلية تقوم بتحديث برنامج يسهّل طريقة الترشح سيعلن عنه قريباً والموازنة موجودة وهي كافية، وبالتالي نحن إدارياً جاهزون وملزمون في إجراء الانتخابات في موعدها. لكن التأجيل عند البرلمان ولن أطلب التـأجيل.
بالخلاصة، ليست هناك مشكلة إدارية أو مالية أو أمنية تحول دون إنجاز الانتخابات البلدية، باستثناء الوضع في الجنوب.
– هل هناك تصور معين لبلديات الجنوب؟
– في حينه نقرر.
النزوح السوري
– في ما خصّ مسألة النازحين السوريين بعد سلسلة التعاميم التي اتخذت، كيف كان التجاوب مع العلم أنّها لم تؤثر على حجم النزوح؟
– الأكيد أنّها أثّرت. وهناك تجاوب من عدد كبير من البلديات والمواطنين للعمل على تنظيم الوجود السوري وتطبيق قانون العمل.
– هل يحد هذا التنظيم من الوجود السوري؟
– طبعاً يحد خصوصاً وأنّ هذا الوجود هو نزوح اقتصادي وليس أمنياً.
– هل هناك حالات عودة إلى سوريا وفق أرقام الأمن العام؟
– ليس هناك حالات عودة تذكر. ولكن مع تطبيق قوانين الإقامة والعمل والدخول والخروج بصرامة، نؤمن المصلحة العامة ويحدّ من الوجود السوري، مع العلم أن تنظيم وجودهم لا يهدف أبداً إلى إبقائهم.
– ماذا عن الداتا التي تسلمها الأمن العام من المفوضية العليا للاجئين؟ كيف سيستفيد منها لبنان؟
– الأمن العام يدرسها لمعرفة السوريين المسجلين، من يحملون الإقامات، أعداد الذين يدخلون خلسة، لدينا تفاصيل هذه الداتا ويحللها الأمن العام ويتأكد منها ويطابقها مع المعلومات التي لديه، وهو موضوع ضروري لنعرف ماذا أدخلت المفوضية إلى لبنان، لمن تدفع، ومن هم الذي بقوا في لبنان.
الأبراج الحدودية
– ماذا عن الأبراج المنتشرة على الحدود الشمالية والشرقية؟ وهل استفاد السوريون من داتا الكاميرات؟
– هذه الأبراج موضوعة لحماية الحدود اللبنانية ولا يمكن منع لبنان من إقامة نقاط مراقبة على حدوده. والكاميرات تهدف لضبط الحدود، ويجب أن نتشدد في مراقبة حدودنا وليس التخفيف منها، الرقابة تحفظ الحدود وتمنع تهريب المخدرات والأشخاص إلى لبنان وهي ضرورية لحماية لبنان من كل أنواع الجرائم.
– هل ناقشت الحكومة رسالة وزارة الخارجية السورية؟
– كلا، والجيش يقوم بواجباته وكلنا خلفه.
– مبروك المصالحة بين اللواء عماد عثمان والعميد خالد حمود.
– لا نقول إنه كان هناك خلاف. اللواء عثمان والعميد حمود التقيا أكثر من مرة ويسعيان دوماً لما فيه مصلحة المؤسسات الأمنية ويعملان بكل حرفية ومهنية ووطنية.
– ماذا حصل بإذن الملاحقة بحق اللواء عثمان؟
– من قال إن هناك طلباً بالملاحقة؟ الإعلام هو من أثار الموضوع وأنا قلت إنه حين يطلب مني منح إذن ملاحقة، أعطيه، ونحن حريصون على عمل مؤسساتنا، والوضع الأمني جيد، ولا خلاف بين وزير الداخلية والمؤسستين التابعتين للوزارة.
– العميد الياس خوري سيبلغ السنّ القانونية قريبا؟
– صحيح. وسنعالجه ضمن الإطار القانوني.
التفلت الأمني في طرابلس
– طرابلس في حالة شكوى دائمة من إهمال ابنها، وزير الداخلية، ومن التفلّت الأمني.
– الوضع الأمني في طرابلس أفضل مما كان عليه في السنة الماضية، وهو يشبه الوضع الأمني في كل لبنان حيث تقوم الأجهزة الأمنية بعملها وفق إمكانياتها، ونتابع وضع طرابلس يومياً وبشكل حثيث ونلاحق كل الحوادث من هنا من الوزارة، وقد انخفض عدد الجرائم والسرقات والإحصائيات واضحة وجلية والتذمر من الوجود السوري أو الدراجات النارية ليس حكراً على طرابلس. الوضع الأمني في كل لبنان هو موضع متابعة جيدة، والحوادث الأمنية تحصل في كل العالم، والقوى الأمنية تجري ملاحقات سريعة وهو أمر يسجل لها.
– السؤال الأخير، بعد لقائك وزير الداخلية السعودي، ماذا استشفيت منه: أي رئيس جمهورية تريد السعودية؟
– السعودية تريد رئيساً يطمح لبناء الدولة، الوقت لم يعد لمصلحتنا، تريد رئيساً يحمي لبنان ويحفظ الشرعية ويكافح الفساد ويعزز دور الإدارة والقوى العسكرية والأمنية ويبني دولة القانون والمؤسسات.
– هذه المواصفات تشبه سليمان فرنجية أو جوزاف عون؟
– الناس بتحكم.