كتب عمار نعمة في “اللواء”:
لعل المدة الطويلة نسبيا لمدة اللقاء بين المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين ورئيس مجلس النواب نبيه بري، تختصر “جدية” المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، حسب تعبير متابعين عن قرب لاجتماعات الأول في لبنان.
اللقاء الذي استغرق ساعة ونصف الساعة، كان الأول منذ مدة والثالث من نوعه منذ “طوفان الأقصى”. وهو، وإن كان لم يأت بجديد جوهري على صعيد الجبهة الجنوبية، فإنه برهن عن جديّتين: إحداهما التي توليها الإدارة الأميركية للموضوع اللبناني وللاستقرار على صعيد اشتباكات الجنوب بين “حزب الله” وجيش العدو الإسرائيلي. وثانيهما للقضية الأهم أي العدوان على قطاع غزة حيث تجتاز مفاوضات الهدنة قطوعا مفصليا.
الموضوع الثاني حصل على حصة في مضمون المحادثات لكن لناحية إرتباطه بلبنان، من دون جواب حاسم نتيجة غموض ملامحه في غزة نفسها.
أبلغ هوكشتاين اللبنانيين، موالين ومعارضين و”بين بين”، بـ”تقدم ديبلوماسي” في مفاوضات هدنة غزة والأمل لا بل السعي إلى هدوء “مستدام” على الحدود الجنوبية. وهو كان مهتما بصياغة جهود مشتركة بين الجميع على طريق الهدف الأهم للمجتمع الدولي بعدم توسعة الحرب.
فعبر المسار السياسي تحديدا بعد الهدنة. وبذلك بات الأميركيون يتعاطون بواقعية لناحية أن لا حل هنا سوى بعد الحل البعيد في غزة. وسيكون للإدارة الأميركية دورها الكبير في الضغط على إسرائيل لتوازي هدنة غزة مع حل لبناني اسرائيلي.
طلب الموفد الأميركي ضمانات لبنانية لبسط سلطة الدولة جنوبا، لم يحصل عليها مثلما لم يحصل لبنان على ضمانات بالتزام إسرائيل بهدنة غزة لبنانيا، فكان تصريحه المثير للجدل بعدم التمدد تلقائيا لهدنة غزة الى لبنان. بل ذهب أبعد من ذلك نحو عدم القدرة بالضرورة لاحتواء الحرب كي لا تتوسع، بعد الحديث عن عدم كفاية وقف النار في غزة.
فسّر البعض ذلك بتهديد جديد خرج عن كونه مبطنا ليصبح أكثر وضوحا نقله المبعوث الأميركي نيابة عن إسرائيل.
لكن المتابعين للقاءاته، خاصة مع بري، يلفتون النظر إلى أن ذلك لا يعكس المضمون الحقيقي لمباحثات الرجل، ويضعون قوله في سياق رده على أحد الأسئلة من دون أن يكون بالضرورة عاكسا لموقف أميركي ناهيك عن حقيقة كونه موقفا إسرائيليا حقيقيا.
على أن فصل مسار لبنان عن غزة وتطبيق القرار الدولي 1701، شكلا تقاطعا في موقف هوكشتاين مع المعارضة اللبنانية التي سمع منها المبعوث الأميركي موقفا واضحا بعدم تجزئة هذا القرار، والمطالبة بعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الثامن من تشرين الأول الماضي.
وللمعارضة موقفها الوازن في البلد الذي كان الأول في رفض فتح جبهة الجنوب قبل موقف أفرقاء هامين في لبنان من هذا الأمر مثل “التيار الوطني الحر”، ليستقر تأييد فتح جبهة الجنوب على “حزب الله” وحلفائه وهو أمر يدركه الحزب تماما.
وبذلك تريد المعارضة، حسب قيادي فيها التقى هوكشتاين، عدم إفراغ القرار الدولي من مضمونه. وكان ثمة اتفاق على تجنيب لبنان الأسوأ عبر تأييد سعي هوكشتاين لعدم تدحرج الأمور نحو حرب.
على أن المعارضة، وإن كانت لمست اهتماما دوليا بعاية أميركية باستقرار لبنان، فإنها لم تسمع عن خارطة طريق واضحة. فهوكشتاين لم يتحدث عن خطوات معينة على طريق الهدوء في الجنوب.
لكن التواصل سيستمر، كما سمعت المعارضة، في سبيل خطوات معينة ومنها تعزيز مهام “اليونيفيل” كما تعزيز قدرات الجيش اللبناني عتيدا وعتادا، على الأمد البعيد، بينما سيُعمل اليوم على وقف للقتال وعودة للنازحين ثم البحث بحل حدودي.. في ما قد يتواءم مع وعود دولية كبرى للبنان للخروج من أزمته.