كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
تتفاقم معاناة النازحين من القرى والبلدات الحدودية الجنوبية، بعد أكثر من 150 يوماً على التصعيد العسكري على طرفي الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، ارتباطاً بعملية “طوفان الأقصى”، وقد ازدادت أعدادهم باطراد.
وفيما عاش النازحون فصولاً من المعاناة اليومية نتيجة الأزمة المعيشية والاقتصادية الخانقة وقلة إمكانات الجهات الرسمية اللبنانية ومحدودية تقديمات مؤسسات وهيئات المجتمع المدني، يواجه هؤلاء فصلاً جديداً مع اقتراب بدء شهر رمضان المبارك وما يتطلّبه من احتياجات خاصة بعد قساوة الشتاء والبرد والأمطار.
مصطفى السيّد، واحد من مئات النازحين، غادر بيت ليف الحدودية منذ 12 تشرين الأول، أي بعد أيام قليلة على بدء التصعيد العسكري بسبب القصف الإسرائيلي العشوائي على البلدة، ولجأ إلى مركز إيواء في مدينة صور، مع عائلته المؤلفة من زوجتين و11 ولدا جلًهم من الأطفال، يقول لـ”نداء الوطن”: “لقد نزحت خوفاً على أولادي من الموت، ولكنّنا ذقنا علقم النزوح مضاعفاً. في بداية النزوح، كانت التقديمات مقبولة على مضض، اليوم تراجعت كثيراً ولم يعد يتوفر لنا الحليب والحفّاضات ونشتري الدواء، لقد صرفنا كل ما نملك من أموال، والمعاناة صعبة ومريرة وفق الوصف، وفي ذات الوقت لا نستطيع العودة إلى البلدة بسبب الخطر الذي يحدق بنا”.
ولم يخف السيد هواجسه من تفاقم المعاناة في شهر رمضان الذي بات على الأبواب بعد أيام قليلة، بعد فصل الشتاء والبرد القارس والأمطار، وقال “نأمل أن يكون شهر التراحم والمودة والتكافل الاجتماعي ومساعدة بعضنا البعض”، مشيراً إلى أن والدته الحاجة ذيبة نمر إسماعيل 85 عاماً، مريضة ويلاقي صعوبة في إدخالها إلى المستشفى للعلاج، متسائلاً: “هل يعقل ذلك؟”.
خلال الأشهر الخمسة الماضية من التصعيد العسكري، ارتفع عدد النازحين في منطقة صور إلى أكثر من 25 ألفاً من بين أكثر من 92 ألف نازح من القرى الحدودية، موزّعين على نحو 6714 عائلة، بينهم 970 شخصاً يقيمون في 5 مراكز إيواء في المدينة، والباقي لدى أقارب أو أصدقاء أو معارف أو استأجروا منازل موقّتة لهم ريثما تتم العودة إلى منازلهم.
ويقول منسق الإعلام في وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات منطقة صور الزميل بلال قشمر لـ”نداء الوطن”: “الأوضاع صعبة جداً في ظل الأزمة المعيشية والاقتصادية ومع ضعف او محدودية امكانات المساعدة، سواء من الدولة نفسها أو مؤسسات المجتمع الأهلي، ولكننا نبذل كل مستطاع. بدأنا تحضير خطة تحاكي شهر رمضان المبارك لجهة تأمين ما نستطيع من احتياجات النازحين سواء المقيمين في مراكز الإيواء أو خارجها، وبإذن الله سنقدّم وجبات فطور وسحور يومياً للنازحين في مراكز الإيواء، وسنوزّع حصصاً تموينية للنازحين خارجها تساعد في سدّ بعض من رمقهم خلال الشهر الفضيل.