كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
تتصاعد المخاوف في لبنان، مع انتشار أخبار عن توغل برّي إسرائيلي محتمل داخل الأراضي اللبنانية، والبعض حدد منتصف آذار كمهلة لبدء الهجوم في حال فشلت المساعي السياسية والجهود الديبلوماسية لانهاء الاشتباكات المسلحة والتوتر المتصاعد بين اسرائيل و”حزب الله” على الحدود الجنوبية للبنان. فهل التهديدات الاسرائيلية حقيقية والهجوم بات قريبا، أم انه مجرد ورقة ضغط لتحصيل مزيد من المكاسب في المفاوضات التي يجريها الموفد الاميركي آموس هوكشتاين لإرساء التهدئة على الجبهة الشمالية لاسرائيل تمهيداً لعودة المستوطنين الى شمالي اسرائيل؟
العميد الركن المتقاعد ناجي ملاعب يؤكد لـ”المركزية ان “اسرائيل استخدمت القوة اللازمة، فرقتان من قوات النخبة في اسرائيل استُحضِرتا الى شمالها وأجرتا مناورات قتالية تحاكي ارضا شبيهة بالجنوب اللبناني وكشف حزب الله عن صدّ عمليتي تسلل في أحد الوديان، لكن هناك عمليات لم يُعلَن عنها سابقا وقد تكون عمليات استطلاعية لتوغل بري معين. انما اليوم في الحرب الحديثة، اسرائيل غير مضطرة للتوغل بريا طالما انها استطاعت خلق منطقة اصبحت مكشوفة بشكل كامل بعد حرق الاحراج على تخوم القرى الحدودية، بعد ان دمّرت أقله 270 منزلا تدميرا كاملا، على مسافة تبعد عن الخط الازرق بين 4 و5 كيلومترات. لذلك ليست بحاجة إلى توغل بري إذا مهّدت لمنطقة مكشوفة أمنياً. بهذه الطريقة تستطيع الحصول عسكريا على مكسبين: الاول ان كانت القذائف التي تُطلَق مباشرة بخط أفقي مثل كورنيت والاسلحة المضادة للآليات، ويصل مداها الى نحو 6 كلم، إذا أُطلِقت من خلف، من خارج هذه الاماكن، فلن تستطيع الوصول الى الحدود. ثانيا، صاروخ البركان الذي استخدمه حزب الله، تبلغ مسافته بين 4 كلم ونصف وخمسة كلم، كذلك يصبح خارج الخدمة. وفي حال استُخدِمت الصواريخ الأبعد مدى، فستتولاها القبة الحديدية لأنها ستكون صواريخ منحنية. لهذا لاحظنا ان هوكشتاين خلال وساطته، لم يعد يتحدث عن الـ1701 بقدر ما تكلّم عن تراجع حزب الله على مسافة 7 كلم. صحيح انه لم يعطِ ضمانات ولكنه يضع نوعا من جدولة الحلّ في لبنان، اذ بمجرد الانسحاب لـ7 كلم يمكن البحث في النقاط الخمس من اصل 13 نقطة في الخط الازرق التي يعترض عليها لبنان، ويعاد الترسيم البري. هوكشتاين كان واضحا أنه يعيد احياء الترسيم البحري والوصول الى انهاء الترسيم البري، هذا كلام ممكن ان يشمل نقطة الـB1 التي يعترض عليها لبنان. في حال حصل ترسيم بري من نقطة الـB1 فهذا يعني ان لبنان يربح 38 مترا من أرضه بالتالي من الممكن ان يعاد بموجبها الترسيم البحري. ويبدو ان هوكشتاين كوسيط مقبول بدأ يطرح هذه المواضيع. ما يعنينا عسكريا هي مواضيع السبعة كلم وترسيم الحدود من بعدها، وموقف حزب الله. حزب الله الذي ارتضى سابقا بالترسيم البحري المجحف بحق لبنان، ولا نعلم بعد ما الذي جعله يوافق، قد يكون راعى خصوصية الوضع الاقتصادي اللبناني، او وافق لأكل العنب وليس لقتل الناطور. فهل من الممكن ان يقبل اليوم بطرح هوكشتاين بالترسيم البري كما قبل بالترسيم البحري ويبرد الجبهة؟ هذا قرار يعود لحزب الله إذا ما آثر مصلحته اللبنانية ام أنه ما زال ضمن القرار الايراني والذي برأيي هو الاصعب ويتحكم بالمستقبل”.
ويشير ملاعب إلى ان “القرار الايراني الحالي هو التصعيد وليس التهدئة. شهدنا تصعيداً في اليمن واطلاق صاروخ من قبل الحشد الشعبي العراقي باتجاه “هدف حيوي” في حيفا، بالاضافة الى تصعيد حزب الله بصليات صاروخية منذ يومين، هي الاعنف باتجاه الجولان. هناك كلام لافت للواء يحيى رحيم صفوي نائب الامين العام للحرس الثوري في محاضرة له في جامعة الحسين يقول: يجب ان يكون الدفاع الاستراتيجي المستقبلي لايران على مسافة 5 آلاف كلم، وحدد المحيط الهندي والبحر الابيض المتوسط. هذا الكلام خطير جدا. هناك رسائل ايرانية قاسية حاليا. ماذا تستدرج هذه الرسائل؟ عندما يتم التصعيد الى هذه الدرجة، الاسرائيلي يصعد وكذلك الفلسطيني والايراني ايضا، هذا يعني اننا امام مصير صعب التنبؤ به. اين ستفتح لا اعلم. رفح مؤجلة. هل يقدم العدو الاسرائيلي على فتح جبهة الشمال اذا ما تأجل موضوع رفح؟ هذا سؤال صعب الاجابة عليه، لكن كلنا نعرف ان اسرائيل تنوي انهاء هذا التهديد من الشمال وهي مسألة وقت للقيام بعمل كهذا. لكن اذا ما ارتاحت في غزة بحيث انها تستطيع استخدام طيرانها في لبنان، فمن الممكن ان تقوم ليس بهجوم بري بل برسالة تدميرية كما هدد سابقا وزير الدفاع الاسرائيلي باننا سوف نقوم بما قمنا به في غزة وسنُري اللبنانيين ان لبنان يمكن ان يصبح غزة اخرى”.