كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
نجت بلدة برعشيت من مجزرة حتمية، وكادت الغارة التي استهدفت منزلاً فارغاً، سكانه في بلاد الاغتراب، أن تؤدي إلى مقتل عدد من سكان المنازل المجاورة، لولا العناية الإلهية. هي المرّة الثالثة التي تُستهدف فيها تجمّعات سكنية وسط البلدة التي تبعد 10 كلم عن الحدود، وتُعدّ من القرى المكتظة سكّانيّاً.
أضرار جسيمة خلفتها الغارة في المباني السكنية المحيطة، يتفقّد الأهالي الدمار الكبير، لا يصدّق سكّان المباني الملاصقة أنهم نجوا، لافتين إلى أنّ «المدنيين صاروا هدفاً إسرائيليّاً». تؤثر الغارات على الحياة في البلدة، غيرّ أنها لم تدفع بالأهالي للنزوح، على العكس، قرروا الصمود والتمسك بالأرض، لأنه كما قال رئيس بلدية برعشيت علي شهاب إنّ «الناس متعلّقون بأرضهم، من الصعب التخلي عنها، فقرروا الصمود لأنه جزء من المواجهة».
مما لا شكّ فيه أنّ الغارات ومن خلفها الحرب، تركت آثارها على البلدة، وتحديداً على القطاعات الحياتية كالتجارة والزراعة، حيث لم يتسنَّ للعديد من المزارعين زراعة مواسمهم الحالية، بسبب مجريات الحرب، وبالتالي انعكست خسائر كبيرة، وفق شهاب. وأضاف «اقتصاد برعشيت يعتمد على الزراعة والتجارة والوظيفة والإغتراب. وانعكست آثار الحرب على الأعمال اليومية والحرفية التي توقفت بشكل كبير».
رغم الحرب، لا يزال عمال بلدية برعشيت يقومون بواجباتهم، يرفعون النفايات يومياً، ويقومون بالأعمال المنوطة بهم، حتى أنهم حاضرون في رفع آثار الاعتداء من كنس وإزالة الركام عن الطرقات، إضافة إلى صيانة شبكة الكهرباء. ويشدّد شهاب على أننا «كبلدية لن نتخلًى عن أهلنا، وسنبقى جاهزين للقيام بواجبنا، حتى في الحرب». وقال: «بعد ثوانٍ من الغارة التي استهدفت تجمعاً سكنياً، كان العمّال على الأرض يرفعون الأنقاض، لأننا نواجه الدمار بالحياة».
تستقبل برعشيت حوالى 125 عائلة نازحة من القرى الحدودية، تقدّم لهم الخدمات المطلوبة من توفير منازل وكهرباء، ولفت شهاب إلى «أنّ هذا يتمّ بالتكافل الإجتماعي داخل البلدة، فالدولة غائبة كلياً، لم يحصل النازحون على دعم إلا من مجلس الجنوب على بعض الفرش والبطانيات والحصص الغذائية».
وأكّد «حرص البلدية على توفير كل الخدمات للأهالي، والعمل بجهد لنبقى على أتمّ الجهوزية والحضور، نؤمّن المياه عبر بئرين إرتوازيتين توفران جزءاً من حاجات البلدة، واستطعنا توفير حوالى 55 ألف دولار من مادة المازوت بسبب مشروع الطاقة الذي نفذّناه، كما أننا نوفّر المياه للمزارعين بواسطة ثلاث برك زراعية تؤمن نحو 35 ألف متر مكعب من المياه لتخفف كلفة المياه عن المزارعين».
وشدّد شهاب على «أهمية التشبيك والتفاعل بين السلطة المحلية والإغتراب وأهالي البلدة الذي أثمر مشاريع وخدمات كبيرة، فتمكّنا من الصمود في الحرب رغم كل الأزمة المالية، وفي السلم نفذنا مشروع تركيب الطاقة الشمسية للبلدة بقيمة 220 ألف دولار، وإنارة البلدة عبر تركيب 900 «لمبة» تعمل على الطاقة الشمسية، إضافة إلى صيانة الطرقات ورفع النفايات التي نواصل القيام بها حتى في الحرب».