كتب منير الربيع في “الجريدة الكويتية”:
أجهضت مبادرة كتلة الاعتدال لإنهاء الفراغ الرئاسي الممتد لأكثر من عامين في لبنان، بسبب الحسابات المتضاربة للكتل النيابية والقوى السياسية، والتي كانت تنص على مشاورات لنواب وممثلين عن الكتل في المجلس النيابي حول الرئاسة والاتفاق على مرشح أو أكثر، والتوجه بعدها إلى المجلس النيابي، لعقد جلسات مفتوحة أو متتالية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
بدأ نواب «الاعتدال» تحرّكهم بالتنسيق مع رئيس المجلس نبيه بري، ووفق المعلومات، فقد حصلوا على مباركة الدول الخمس المعنيّة بلبنان، أي الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر. بعض القوى تجاوبت مع المبادرة، فيما رفضتها قوى أخرى، لاسيما حزب الله الذي يعتبر المسعى محاولة لتجاوز مرشّحه سليمان فرنجية.
حتى بري، الذي كان مؤيداً للمبادرة، عاد وطرح تساؤلات من شأنها أن تعقّد المسار، بتساؤله عن المرجعية التي سيجري في ظلها الحوار بمجلس النواب، ومن سيترأس جلسات الحوار.
وهذا الاختلاف على الشكل أسهم في ضرب المضمون، لا سيما أن القوات اللبنانية وحزب الكتائب والقوى المعارضة الأخرى يرفضون عقد حوار على الطريقة التقليدية، ومن هنا جاءت تصريحات زعيم «القوات»، سمير جعجع، بأن قوى الممانعة لا تريد انتخاب رئيس قبل انتهاء حرب غزة.
هذه التعقيدات التي طرأت عادت بوفد «الاعتدال» الى عين التينة للقاء بري الذي كرّر، بحسب ما تشير مصادر متابعة، ترحيبه بالمبادرة، لكنّه طالب بتوضيحها، لأنه «لا يمكن عقد تشاور بدون من يترأس هذا الحوار، ومن دون دعوة رسمية، ومن دون تسجيل محاضر».
في المقابل، استمر الخلاف على اعتماد مصطلح الجلسات الانتخابية المفتوحة، أو الجلسات المتتالية.
فقوى المعارضة تطالب بجلسات مفتوحة، أي لا يتم رفع الجلسة في حال تم تطيير النصاب، أما بري فيشدّد على الجلسات المتتالية، أي في حال تم تعطيل النصاب، يرفع الجلسة ويعود ليحدد موعداً لجلسة أخرى. العقبة الأساسية في هذا الخلاف تبقى حول الدورة الثانية التي يكون فيها المرشح بحاجة الى 65 صوتاً فقط ليصل إلى الرئاسة، ولكن بشرط أن يكون نصاب انعقاد الجلسة هو 86 نائباً، أي نصاب «الثلثين زائد واحد».
وفق ما يقول مصدر نيابي مواكب لتحرّك كتلة الاعتدال، فإنها ستوقف تحركها خلال شهر رمضان، بانتظار ما قد يتبلور من مواقف وتطورات، علماً بأن الرهانات أصبحت متركزة على ما قد تقوم به اللجنة الخماسية التي اجتمع سفراؤها مجدداً قبل أيام بالسفارة القطرية في بيروت، وكان هناك تشديد على ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي سريعاً. ووفق المعلومات، فإن التشاور داخل «الخماسية» بدأ يبحث في إمكانية فرض إجراءات أو عقوبات على القوى السياسية التي ستعرقل عقد الجلسات، أو ستعمل على تطيير النصاب، بناء على اتفاق مسبق حول التزام الجميع بالمشاركة في الجلسات الى حين انتخاب رئيس، أياً كان هذا الرئيس.