كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
من بلدة خربة سلم الجنوبية افتتحت إسرائيل معركة الاغتيالات في غارات على السيارات، مع اغتيالها أحد القادة الميدانيين في «حزب الله» وسام الطويل، لتدخل معها الحرب مرحلة جديدة من التطوّرات الأمنية والعسكرية. وأثناء تشييع الطويل، عاودت القوات الإسرائيلية استهدافها سيارة جديدة وسقوط إحدى الضحايا داخلها، ليكون بذلك الاعتداء الثاني على البلدة التي تقع في الصفوف الداخلية للحدود الجنوبية، وليست خطاً أمامياً.
ومع استهدافها عائلة نازحة لجأت إلى البلدة هرباً من لهيب الحرب في بليدا، تكون إسرائيل قد دشّنت مرحلة جديدة من معركتها في البلدة التي تستهدف للمرة الرابعة، والمرة الأولى التي يسقط فيها مدنيون وجرحى في الاعتداء.
يخبر حجم الدمار الذي لحق بالحيّ المستهدف بحجم الإجرام الإسرائيلي، أكثر من 30 منزلاً تضرّرت في الاعتداء الذي استهدف منزل عائلة برجي ليل أمس الأول، وقضى على أفراد العائلة بأكملها وتحوّلت أجسادهم أشلاء مبعثرة في المكان الذي غدا رماداً، في حين نجا أحد العمّال بعدما تلقّى اتصالاً قبل دخوله الى المنزل بدقائق حين سقط صاروخ من الطائرات الحربية ودمّر المكان وأسفر عن مقتل 4 من عائلة جعفر برجي المؤلّفة من الأب والأم وولدين، وهم نازحون من بلدة بليدا، إضافة إلى جرح حوالي 11 شخصاً تراوحت إصاباتهم بين الطفيفة والمتوسطة.
لم يكن يعلم جعفر برجي كما كلّ أفراد العائلة أن الصواريخ الإسرائيلية ستلاحقهم حتى بلدة خربة سلم، وقد لجأوا إليها مع بدايات الحرب. ظنّت العائلة أن البلدة آمنة كونها بعيدة عن أماكن المواجهة المباشرة، لكن تبيّن أن إسرائيل أدخلت كلّ القرى الجنوبية في قلب المعركة.
محا الصاروخ الإسرائيلي المنزل ومن فيه عن بكرة أبيه، وأحدث حفرة كبيرة، تبعاً لما يقول رئيس بلدية خربة سلم محمد رحّال، وإذ يرى في الاستهداف الإسرائيلي المتكرر للبلدة «خلق حالة من الرعب وزعزعة الاستقرار وحثّ الأهالي على النزوح»، يؤكد «بالرغم من كل الاستهدافات لم ينزح أحد من أبناء البلدة، الكل يتمسّك بمنزله وعمله وأرضه، لأنه فهم خطة العدو الهادفة إلى بناء منطقة عازلة ودفع الأهالي نحو التهجير لضمان عودة نازحي المستوطنات».
تستضيف الخربة ما يقرب من 130 عائلة من قرى الحدود الأمامية، وتمّ تأمين منازل مفروشة لهم وتوفير الكهرباء المجانية والتدفئة على ما يقول رحّال، فـ»مساعدة أهلنا واجب علينا، ولا يمكن التخلّي عنهم في وقت تنصّلت الدولة من كل مسؤولياتها، لم تسأل لا عن النازح الذي يواجه ظروفاً معيشية صعبة، ولا عن الصامد الذي تعطّلت أعماله بسبب الحرب، والدولة غائبة وكأنها غير موجودة، لا بالسلم نراها ولا بالحرب نلمس طيف خدماتها». وما يعزّ عليه «ليس فقط غياب الدولة بكل أجهزتها، بل أيضاً تركها البلديات لمصير مجهول، لم تعطها حقوقها ولم تعزّز إمكانياتها المالية، لولا التكافل الاجتماعي، كنّا بخبر كان».
أثّرت الحرب على اقتصاد البلدة بشكل لافت، توقّفت معظم المصالح التجارية واليومية بفعل تطوّرات العدوان المستمرّ حسبما يقول رحّال، مشيراً الى أنّ بعض النازحين بدأ بفتح أعمال بسيطة داخل البلدة، لمواجهة الظروف الاقتصادية الضاغطة. آثار الدمار بارزة في البلدة وقد لحق بأكثر من 60 منزلاً، وأدّت الغارات إلى تعطل شبكة الكهرباء والمولّدات، غير أن رحّال يؤكد «أن الأعطال يجري إصلاحها مباشرة بعد كلّ غارة».