كتب عمر البردان في “اللواء”:
تجاوز قواعد الاشتباك على نحو غير مسبوق بين «حزب الله» وإسرائيل، على ما حصل من تفجير واسع في الساعات الماضية، من خلال إمعان جيش الاحتلال في استهداف مدينة بعلبك أكثر من مرة، وما تبع ذلك من رد عنيف من جانب «حزب الله» ضد المواقع والمستوطنات الإسرائيلية، يمكن النظر إليه، على أنه، مؤشر بالغ الخطورة، قد يفتح أبواب الحرب الشاملة على مصراعيها، في ظل تصاعد الخشية من انزلاق الأمور نحو حرب واسعة. وهو ما بات يتردد أكثر من أي وقت مضى على ألسنة المراقبين، فيما بلغت التهديدات أوجها بين قادة «الحزب» وإسرائيل. وهذا ما عزز المخاوف من أن تكون المواجهة الشاملة بين الطرفين أقرب من أي وقت مضى.
ويسود اعتقاد لدى المراقبين، أن ظروف تمدد الصراع باتت مهيأة، بعد اتساع رقعة الأعمال العسكرية على نطاق واسع بين «حزب الله» وإسرائيل. وهو ما تمثل في شن الطائرات الحربية الإسرائيلية المزيد من الغارات على عمق البقاع، أمس، وسقوط شهداء وجرحى، في وقت كثف «الحزب» من استهدافاته للعديد من مواقع جيش الاحتلال، ورفع منسوب تهديداته، بقصف المزيد من المستوطنات الإسرائيلية. وهذا مادفع رئيس المجلس الإقليمي في الجليل الأعلى غيورا سالتس، إلى توجيه انتقادات عنيفة للحكومة الإسرائيلية، بعد إطلاق أكثر 100 صاروخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل والجولان، معتبرا أن «إسرائيل فقدت قوتها الرادعة»، وداعياً حكومة إسرائيل إلى «تغيير قواعد اللعبة على الحدود الشمالية، وإنشاء منطقة خالية من حزب الله شمال الحدود، وإلحاق أضرار جسيمة بالمباني القريبة من الحدود، معظمها بمثابة مواقع مراقبة وإطلاق نار لحزب الله».
ويثير الارتفاع المتزايد في حدة التصعيد الميداني، الكثير من الشكوك حول مدى جدية واشنطن في جهودها، لنزع فتيل الانفجار بين لبنان وإسرائيل، بما يمهد الطريق لتسوية يعمل عليها كبير مستشاري الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين. لكن تسارع التطورات العسكرية، ربما يترك انعكاسات سلبية على المساعي الأميركية لحل سياسي للوضع المتفجر بين البلدين. وما يرفع من منسوب المخاوف من تعثر الوساطة الأميركية، تصاعد المواجهة بين واشنطن وإسرائيل بشأن الحرب على قطاع غزة. وإن كان هناك من يؤكد أن ما يجري هو توزيع أدوار بين الحليفين، فيما الهدف واحد، وهو القضاء على حركة «حماس». الأمر الذي قد يشجع جيش الاحتلال على شن حرب على لبنان، في ظل ارتفاع وتيرة الضغوطات الداخلية من جانب سكان المستوطنات الشمالية، توازياً مع توالي الدعوات من جانب عدد من المسؤولين الإسرائيليين، لتغيير قواعد الاشتباك على الحدود الشمالية. في حين أن «حزب الله» الذي يعتبر نفسه غير معني بما يقوله قادة الاحتلال، أعلن وفي أكثر من مناسبة أنه في أعلى الجهوزية، للرد على أي حماقة إسرائيلية تستهدف الأراضي اللبنانية.
وقد برز على هذا الصعيد، اللقاء الذي جمع في الساعات الماضية، الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، مع وفد من حركة «حماس» برئاسة خليل الحية نائب رئيس الحركة في قطاع غزة، حيث «جرى استعراض آخر الأوضاع والتطورات على المستوى الميداني في قطاع غزة والضفة الغربية, وجبهات الإسناد المتعدّدة». وكذلك تم استعراض «مجريات المفاوضات القائمة من أجل التوصل إلى وقف العدوان على غزة وتحقيق شروط المقاومة التي تخدم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني». وهو لقاء يأتي استكمالاً للقاءات بين الطرفين، في إطار ترجمة وحدة الساحات ضد إسرائيل، انطلاقاً مما يقوم به «الحزب» في الجنوب، وكذلك الأمر توفير الغطاء لـ«كتائب القسام»، لاستخدام منطقة جنوب الليطاني، في عملياتها ضد إسرائيل، رداً على عدوانها المتمادي على قطاع غزة، والذي دخل شهره السادس، دون بروز أي مؤشرات لوقفه.
وسط هذه الأجواء، وفي الوقت الذي بدأت تثار تساؤلات عن مصير مبادرة كتلة «الاعتدال الوطني»، فيما أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أن الاتصال الذي أجراه بالمبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان «كان جيدا، وانه ابلغه ان هناك مبادرة لتكتل الاعتدال تحظى بدعمه ودعم الخماسية»، وأن هذه المبادرة «بعدها بعز شبابا». على حد قول بري، وأنه مستعد ل»المساعدة والتسهيل»، أبدت أوساط المعارضة، أملها في «نجاح كل المبادرات لحل المأزق الرئاسي، في إطار التشاور، وليس الحوار، لأن الدستور لا يقول بحوار لإجراء الانتخابات الرئاسية»، مشيرة إلى أن «لقاء التشاور المطروح في مبادرة كتلة الاعتدال الوطني، غايته مطالبة رئيس مجلس النواب، الدعوة إلى جلسات مفتوحة بدورات متتالية، لانتخاب رئيس الجمهورية. كما أن المبادرة عينها، تخدم هدفاً آخر، وهو التزام النواب المشاركين في هذا الملتقى بعدم الانسحاب من جلسات الانتخاب». ولفتت، إلى أن «هذه المبادرة قد يكون لها فرصة نجاح، إلا في حال تم رفضها من قبل بعض الفرقاء الذين اعتادوا على التعطيل»، مشددة على أن» لا حوار على أي شيء من دون تطبيق الدستور، سيما وأن الأعراف التي تمّ القبول بها سابقاً أفضت الى تدمير الدستور».