كتب جان فغالي في “نداء الوطن”:
حتى قبل أن تندلع حرب غزة، كانت انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان متعثِّرة، فكيف بعد اندلاع هذه الحرب، وانخراط «حزب الله» فيها من باب إشغال الجيش الإسرائيلي لتبطيء عملياته أو دخوله إلى غزة؟
المعني بالرئاسة في لبنان، بشكلٍ أساسي، هو «حزب الله»، وتتقاطع المعلومات عند أنّ «الحزب» أطفأ محرِّكات الرئاسة، حتى انتهاء حرب غزَّة، أو على الأقل، حتى تبلور مستقبل الوضع في غزة، ومن دون هذين الشرطين «ما حدا يحكينا بالرئاسة»، وفق ما يقول مصدر رفيع مُطَّلِع على أجواء «الحزب»، غير الجاهز للبت بالإستحقاق الرئاسي، «أما مَن يريد الإستعجال، فالمرشَّح سليمان فرنجيه جاهز، فانتخبوه»، كما يضيف المصدر.
بالنسبة إلى «الحزب»، المرشح المعلن هو رئيس «تيار المرده»، وإلى أن يثبت العكس، لا مرشح بديلٌ، سواء أكان جنرالاً حالياً أو سابقاً، ولا سيما سابقاً، فهذا الأمر غير مستبعد، لكنّه غير مطروح في الوقت الراهن، وكل ما يُحكى عكس ذلك هو كلامٌ في الوقت الضائع.
يرى المراقبون أنّه إذا كان «حزب الله» قد أطفأ محركات الرئاسة، فكم بالحري رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لا يدير محركاته إلا اذا كانت محركات حارة حريك مطفأة؟ ويقولون: ما لم يُعطَ للموفد الفرنسي جان إيف لو دريان، أو للموفد الأميركي آموس هوكشتاين، هل يُعطى للنائبين سجيع عطيه ووليد البعريني وغيرهما من كتلة «الإعتدال؟».
يُذكِّر المخضرمون أنه في مرحلة إنضاج الوصول إلى اتفاق الطائف، كان التحرك للجنة السداسية العربية برئاسة وزير الخارجية الكويتي (الذي اصبح لاحقاً أميراً للكويت)، وعندما اقترب إنضاج ورقة العمل لاتفاق الطائف، انتقل الملف إلى اللجنة الثلاثية العليا برئاسة المملكة العربية السعودية وعضوية المغرب والجزائر.
بالمعنى ذاته، حين ينتقل الملف من أيدي كتلة «الإعتدال» إلى مَن يحمل أو يحملون الصفة التقريرية، يكون الاستحقاق الرئاسي قد وُضِع على نار حامية، وما عدا ذلك ستبقى الأنظار موجهة إلى «نار غزة» التي يبدو ان الحلول تُطبَخ عليها، بما فيها الحل اللبناني.
إلى أن يُعاد إشعال محرِّكات الرئاسة، فإنّ الحِراك سيقتصر على مناورات وعلى «استخراج أرانب من الأكمام»، وحقيقة ما يجري أنّ هناك قرعاً لطبول الحرب وليس قرعاً لأبواب ساحة النجمة لانتخاب رئيس. أما «جماعة الحِراك» ففرحون بالدور الذي يقومون به، لكنهم بالتأكيد يتذكرون أنّ هناك مَن سبقهم في إطلاق مبادرات وجالوا بها على المرجعيات والقادة، ومنهم النائب غسان سكاف ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، لو أنّ كتلة «الاعتدال» التقت كلاً من بو صعب وسكاف، لكانا رويا لها الحكاية ووفَّرا عليها مشقة الجولات.