Site icon IMLebanon

طرابلس على فوهة براكين الإهمال!

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

تزامناً مع إعادة تحريك ملف جريمة تفجير مرفأ بيروت برزت معلومات عن وجود كميات من نيترات الأمونيوم في منشآت نفط طرابلس. ومما ورد فيها أن “بعضاً من نيترات الأمونيوم كانت قد نقلت من مرفأ بيروت الى مرفأ طرابلس قبل وقوع الانفجار ما يعني نقل الخطر والكارثة إلى مرفأ طرابلس الذي بات رافعة المرافئ بعد توقف مرفأ العاصمة عن العمل، وأن هناك مواد أسمدة تستعمل للمزروعات مخزنة في المرفأ”.

في التوقيت أكثر من علامة استفهام تُطرح، لا سيما لجهة ربط مسألة الكميات الموجودة من نيترات الأمونيوم في مرفأ طرابلس أو محيطه والكميات التي كانت مخزّنة في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت وانفجرت وأدت إلى وقوع 228 ضحية وأكثر من 6000 جريح عدا عن تدمير العاصمة بيروت.

وكما في ملف مرفأ بيروت الذي أعاد سحبه من ثلاجة أدراج العدلية فور تسلمه مهامه كمدعي عام تمييزي، سطر النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار استنابة قضائية كلّف بموجبها مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا تنظيم محضر تحقيق عدلي وإجراء التحقيقات في صحة وجود أي مواد خطيرة سواء في منشآت عامة أو خاصة من شأنها أن تشكل خطرا على السلامة العامة وإجراء الكشوفات اللازمة بالتنسيق مع الوزارات والإدارات المعنية.

رد إدارة مرفأ طرابلس اليوم على “وجود مواد خطيرة في حرمه” أزاح الستارة عن بعض المخاوف لجهة ضرورة الأخذ بصدقيتها إذ أكدت أن “هذه المعلومات غير صحيحة، ولم يتم نقل أو استقبال أي مواد خطرة في المرفأ المذكور لا قبل الانفجار ولا بعده، ولا يوجد أي أسمدة زراعية مخزنة في المرفأ أيضاً، وهذا الكلام عارٍ عن الصحة جملة وتفصيلاً “.

توضيح لا بد منه. لكن اللبنانيين عموما وأهالي ضحايا عناصر الدفاع المدني وضحايا المرفأ والجرحى ومن لا يزال يعيش تحت تأثير الصدمة كلهم يتذكرون الأخبار التي تم تداولها قبل ساعات على تفجير المرفأ.من هنا اقتضى التوضيح بضرورة التحرك خصوصا أن أي بيان رسمي من نواب طرابلس لم يصدر ولا معلومات دقيقة على ما يبدو لديهم عن موضوع المواد الخطيرة حتى اللحظة، لكن النية في المبادرة بالتحقق من صحة هذه المعلومات أو نفيها موجودة. وبدأ التحرك على مستوى النواب الحاليين والسابقين.

الكاتب السياسي أحمد الأيوبي يعود إلى المحطات التي تلت جريمة تفجير مرفأ بيروت حيث أثيرت في حينه أخبار “عن وجود مواد خطيرة في معمل الزوق الحراري وعلى ما يبدو أن الخبر كان يحمل في جزء منه معلومات صحيحة بدليل تدخل وزارة الطاقة والقوى الأمنية لكن لم تعلن أي تفاصيل عن حقيقة هذه المواد ومدى خطورتها”.

من الزوق إلى مرفأ طرابلس، يتابع الأيوبي لـ”المركزية” “بعد البيان الذي صدر في الساعات الماضية عن إدارة مرفأ طرابلس تنفي فيه المعلومات عن وجود مواد نيترات الأمونيوم في مرفأ طرابلس، والأكيد أنها صحيحة لأنها حتما لن تغامر بحياة الناس والموظفين العاملين في المرفأ وأيضا بأبناء المدينة في حال تكتمت عن الحقيقة. لكن السؤال الذي يطرح ماذا عن محيط المرفأ؟ ومعلوم أن المحيط يتضمن مساحات حرجية غير مشجرة تعرف بإسم البورة، ومحلات، وهذا يستدعي إجراء مسح من قبل الأجهزة الأمنية بشكل دقيق وتقني للتأكد من عدم وجود مواد خطيرة”.

التقليل من خطورة المواد التي ذكرت المعلومات أنها موجودة في مرفأ طرابلس وربما في محيطه لا يقلل من أهمية المعلومات عن وجود مواد خطيرة في مصفاة البداوي وذلك نقلا عن رئيس البلدية “ومع ذلك لم نحصل على جواب بالنفي أو التأكيد”. وعليه يضيف الأيوبي: “في ظل هذه الفوضى وغياب الدولة والرقابة وعدم إجراء أي كشف تقني على مصفاة البداوي ندعو قيادة الجيش لاتخاذ التدابير المطلوبة “.

وعن توقيت إثارة موضوع نيترات الأمونيوم في مرفأ طرابلس بالتزامن مع إعادة تحريك القاضي الحجار ملف تفجير مرفأ بيروت يرجح الأيوبي “حصول عملية تسريب معلومات أو أن ثمة جهة معينة تريد إثارة هذا الموضوع وأخذه باتجاه مغاير. ولنأخذ مثلا موضوع مصفاة البداوي فالتصويب الحاصل على وزارة الطاقة يوحي وكأن هناك خلفية خدماتية غير منظورة لكن من دون شك إثارة موضوع المواد الخطيرة في هذا التوقيت وهذا الشكل يطرح أكثر من علامة استفهام.المهم أن تأخذ الجهات الأمنية والقضائية الموضوع على محمل الجد بعدما حسمت إدارة مرفأ طرابلس الموضوع وأكدت عدم وجود هذه المواد داخل حرمه”.

في حال ثبت عدم وجود مواد نيترات الأمونيوم في محيط مرفأ طرابلس أو ما حكي عن مواد خطيرة في مصفاة البداوي يبقى الخطر على عاصمة الشمال من المكب الذي تحول إلى بركان قابل للإنفجار في أي لحظة “بسبب عدم وجود أي معالجات علمية وتحديدا بعد إقفال معمل الفرز وعليه يتم رمي النفايات في المكب بطريقة عشوائية . إنطلاقا من ذلك لا يبقى إلا القول بأن الله وحده يلطف بالمدينة وسكانها” يختم الأيوبي.

في السياق أفادت مصادر مطلعة “المركزية” أن اجتماعا عقد بين ممثلين عن مجلس الإنماء والإعمار والبنك الدولي للبحث في مصير المكب القابل للإنفجار، وقد طلب الأخير إزالة المكب وردمه في البحر لإنشاء مكب ثان، فهل يكون الحل لمرة واحدة جذريا؟ ” الشك كبير لكن الأكيد أن طرابلس تعيش على فوهة بركان مكب النفايات والله يسترنا” تختم المصادر.