كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
رغم الحرب التي تتصاعد وتيرتها جنوباً، وتصل إرتداداتها إلى منطقة النبطية، قرّرت المدينة أن تعيش الأجواء الرمضانية ولو بشكل بسيط، بزينة حتى لو لم ترتقِ إلى أجواء رمضان السابقة. اللافت هذا العام، هو عودة فانوس رمضان الذي غاب سنوات طويلة، وشكّل عامل جذب الى المدينة التي تشهد حركة تجارية ضعيفة. ويترافق رفع الفانوس الذي تشرف عليه جمعية تجّار مدينة النبطية، مع مهرجان رمضان. ويُعلّق التجّار آمالهم على المهرجان الرمضاني، ويرون في الفانوس العملاق المرفوع في شارع حسن كامل الصبّاح فرصة للمدينة في جذب الناس إليها، ولو «بكزدورة» ما بعد الإفطار.
ورأى رئيس جمعية تجّار النبطية موسى الحر شميساني أنّ «المهرجان الرمضاني من شأنه أن يوفّر حالة اقتصادية جديدة في مدينة النبطية، متوقعاً أن يشهد إقبالا لافتاً». وأشار إلى أنّ «رفع الفانوس الأضخم في العالم الذي يصل طوله إلى 14 متراً ويتراوح عرضه نحو 5 أمتار من كل جهة، سيكون محطّة للزوّار سواء لإلتقاط صورة أو زيارة السوق التي ستفتح طيلة أيام شهر رمضان، بعدما كان يقتصر سابقاً على الأيام العشرة الأواخر منه».
لطالما كانت النبطية «تنام حين تستيقظ باقي المدن»، لذلك قرّرت الجمعية وفقاً لشميساني تغيير الحال بإضاءة كل شوارع السوق التجارية ورفع الزينة الرمضانية، فضلاً عن دفع التجار إلى وضع تسعيرة تناسب كل المواطنين.
ولفت شميساني إلى أنّ «المهرجان الذي سيتخلله إحياء العديد من الموروثات الرمضانية، وأجواء الفرح والأنشطة المتعددة هو فسحة أمل في زمن الحرب، بل هو تحدٍّ للحياة، ويتوقّع أن تتحرك السوق تجارياً واقتصادياً بنسبة كبيرة مقارنة بالسنوات الماضية، عدا عن التنزيلات التي سيعلنها أصحاب المحال كنوع من جذب الناس نحو سوق النبطية». ويعوّل التجار على النازحين الجنوبيين الحدوديين في تنشيط الحركة الاقتصادية.
بالعودة إلى فانوس رمضان العملاق والأضخم في لبنان، سيتمّ افتتاحه ضمن مهرجان خاص. إلى جانب الفانوس تحرص المدينة على الحفاظ على المدفع الرمضاني أو باعث الفرح في زمن الحرب، ويُطلق خضر كمال وولداه يومياً طلقة منه قبل الإفطار، حيث يعمل مع ولديه وعدد من الشبان على تحضير حشوته، ودكّه بطريقته التقليدية.
عند ملعب النبطية، يوضع المدفع الذي يفوق عمره 100 عام ويعود للعهد العثماني، يتحلّق حوله الصغار والكبار، لمراقبة عملية تحضيره وإطلاقه، ويُشكّل المدفع جزءاً لا يتجزأ من يوميات رمضان التراثية في المدينة. يتناوب أولاد كمال على تجهيزه، فهو يحتاج الى بعض الوقت، ويواظب كمال على إطلاق المدفع منذ أكثر من 35 عاماً. لم ينقطع عنه إلا إبان الإحتلال الإسرائيلي لقرى النبطية.
ويُعتبر المدفع عادة رمضانية قديمة جاذبة للناس لمشاهدته قبل دقائق من الإفطار. إلى ذلك، يقول كمال إنّ «هذا العرف، نقله إلى أولاده من دون أن يخفي وجود خطر، ومع ذلك يؤكد إصراره على الحفاظ على الإرث الرمضاني الوحيد الباقي في المدينة، بعدما غيّبت الظروف المتلاحقة وحالياً الحرب الكثير من مظاهره».
خلف المدفع، يقف فادي ابن الثماني سنوات، إعتاد الحضور منذ سنتين إلى ساحة عاشوراء لرؤية المدفع، الأمر مهم بالنسبة له، يعرّفه إلى موروثات شهر رمضان. أيضاً، يراقب محمد المدفع، ويلتقط الصور، ويحرص على نشر هذه الثقافة الرمضانية، وتلفته الحشود التي تتجمع قبل الإفطار في الساحة، الناس تبحث عمّا يذكّرها بأجواء الفرح، في زمن الحرب.