كتب منير الربيع في “المدن”:
تستأنف اللجنة “الخماسية” الممثلة بسفراء الدول المهتمة بالملف اللبناني، تحركها بدءاً من الإثنين المقبل، في لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. يفترض بالسفراء الخمس أن يستمعوا لما لدى رئيس المجلس من مستجدات بعد مبادرة كتلة الإعتدال وإثر كل التطورات الحاصلة، لتكوين خلاصة سياسية حول وجهة الأمور وإمكانية التوجه الى المجلس النيابي.
بدوره، ينتظر بري أن يستمع لما لدى السفراء من تقييمات أو مواقف جديدة. اما الثلاثاء فيبدأ السفراء جولتهم على مختلف القوى، بزيارة الى رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، البطريرك الماروني بشارة الراعي، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، والرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، بالإضافة الى استكمال الجولة بزيارات لمختلف الكتل.
فصل المسارين
الهدف من التحرك هو وضع المسؤولين السياسيين ورؤساء الكتل أمام مسؤولياتهم بناءً على كل جولات النقاش والزيارات التي أجراها مبعوث الخماسية جان ايف لودريان سابقاً، وجمّع منها خلاصات ومعايير كانت الكتل قد قدمتها في اقتراحاتها وتصوراتها ومعاييرها لإنجاز التسوية الرئاسية. والهدف من الزيارات سيكون التحفيز على ضرورة انجاز الإستحقاق وفصله عما يجري في الجنوب وعدم انتظار تطورات الحرب في غزة وانعكاسها على لبنان.
عملياً، يأتي تحرك السفراء بالتزامن مع تأجيل زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان اذ لا موعد محدداً لزيارته، بينما بعض الترجيحات تشير الى أنه سيتحرك بعد الوصول الى هدنة في غزة. بينما هناك أجواء أخرى لا تشير إلى إمكانية تحرك لودريان مجدداً.
انتقاد فرنسي للاميركيين
ويبرز، في السياق، استمرار “التضارب” الفرنسي الأميركي في الأولويات. فهناك همس فرنسي مستمر حول انتقاد الأميركيين، واعتبار أنهم يريدون حصر معالجة كل الملفات اللبنانية بهم، وأن هناك توزيعا للأدوار في إدارة الملفات: لدى وزارة الخارجية الأميركية والسفيرة في بيروت ليزا جونسون المهام الرئاسية والسياسية، ولدى المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين مهام الوصول الى تسوية في الجنوب ومنع تصعيد الصراع ومفاقمة التوتر.
ولكن في النهاية سيكون هناك ربط بشكل مباشر أو غير مباشر بين الإستحقاقين. لم يعد يُخفى العتب الفرنسي المتنامي على المسار الأميركي، علماً أن باريس تشدد على ضرورة فصل الملفات، وعلى أهمية وحدة عمل الخماسية للإنجاز.
لا زيارات للمرشحين
ما بعد استمرار “التنازع” الفرنسي الأميركي والذي ينعكس على الخماسية بأشكال متفاوتة، يبرز تردد لدى البعض فيها، تقابله حماسة لدى البعض الآخر، يواصل السفراء تحركهم، على قاعدة استبعاد إجراء زيارات للمرشحين للرئاسة، وبذلك يتجاوزون مسألة زيارة سليمان فرنجية أو قائد الجيش. أما المعضلة الأخرى المرتبطة بزيارة رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، وحزب الله، فهناك اقتراح لمعالجتها بعدم مشاركة السفيرة الاميركية في زيارة باسيل بسبب العقوبات، مقابل عدم زيارة جونسون والسفير السعودي وليد البخاري لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد.
تحرك الخماسية، لا يتعارض مع استمرار أي دولة في تحركاتها إنطلاقاً من علاقاتها الثنائية مع لبنان، طالما أن الهدف هو الوصول الى اتفاق بين مختلف القوى حول إعادة تشكيل السلطة في لبنان، بما ينسجم مع مساعي الخماسية.. من هنا فإن السفيرة الأميركية تواصل تحركاتها ولقاءاتها أيضاً.
حج لبناني إلى الدوحة
في المقابل، يبرز تقدم لدور قطر أيضاً، خصوصاً في ظل المزيد من الرهانات اللبنانية على امكانية قطر في تحقيق خروقات، إنطلاقاً من علاقاتها الجيدة مع جميع الدول المعنية بالخماسية أو المؤثرة في الملف اللبناني، وإنطلاقاً من دورها على خط الهدنة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة. وتحفظ ذاكرة اللبنانيين للدور القطري مساهمته في تجاوز الإنقسام في العام 2008 وانجاز اتفاق الدوحة.
في هذا السياق، فإن حجاً لبنانياً منتظراً باتجاه الدوحة، من خلال زيارات عديدة لمسؤولين سياسيين من مختلف التوجهات. هذه الزيارات قد بدأت بزيارة المعاون السياسي للرئيس نبيه بري علي حسن خليل علماً أن الدعوة كانت قد وجهت لرئيس المجلس، فيما هناك شخصيات أخرى ستزور الدوحة في الفترة المقبلة بينها الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، ووفد من القوات اللبنانية، فيما تشير المعلومات إلى أن العديد من الشخصيات أبدت رغبة في إجراء زيارات مماثلة. ويفترض أن تتمحور اللقاءات حول سبل الخروج من الأزمة، مع ترجيح أن يكون هذا النشاط عبارة عن عملية تمهيدية للمرحلة المقبلة إما لحوار لبناني في الداخل، وإما الدفع باتجاه تقاطعات تنتج حلولاً عندما يحين الوقت ويؤون الظرف.