كتب طوني جبران في “المركزية”:
تتجه الانظار في الساعات المقبلة لرصد الحركة الدبلوماسية الناشطة التي يستعد للقيام بها سفراء “الخماسية العربية الدولية” بدءا من الغد في أول تحرك لها على مستوى جامع من خارج المواقع الرسمية، بعدما اقتصرت حركتهم مجتمعين خلال الشهرين الماضيين على لقاءين عقدا مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري وجلسة واحدة مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي منذ مطلع العام الجديد. وهي اجتماعات لم يتم الكشف بعد عن جوانب مهمة منها على مستوى النتائج التي ترتبت عليها، فاقتصرت على العموميات والحرص الواضح على بث الاجواء الايجابية على الرغم من مجموعة الوقائع التي تعكس أجواء مغايرة من بعض الخطوات وأولوياتها على الساحة اللبنانية وان كان الهدف المقصود واحد.
على هذه الخلفيات، حرصت مراجع دبلوماسية عبر “المركزية” على المتابعة الدقيقة للمجموعة التي اختيرت لهذه الجولة والتوازن الدقيق الذي حرصت عليه اللجنة في ترتيب اللقاءات مع مختلف الجهات المعنية بطريقة لصيقة بالاستحقاق الرئاسي وفق خليط مقصود. وهو ما ترجمته المراجع الى أهمية ان تبدأ الجولة الجديدة بالرئيس بري مرة اخرى، فهو رئيس السلطة التشريعية ويمسك بمفتاح الدعوة الى جلسة انتخاب الرئيس ومن بعده مباشرة بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي سجل اعلى المواقف من هذا الاستحقاق مصرا على حضّ المسؤولين على اتمام الاستحقاق في اسرع وقت ممكن وهو على تواصل دائم مع سفراء المجموعة وسبق له ان حملهم الكثير من الرسائل الواضحة ويصر على الدور الايجابي الذي يمكن ان تلعبه هذه المجموعة.
والى هذه الملاحظة، كان من الضروري ان تبدأ الجولة بالرئيس الأسبق للجمهورية العماد ميشال عون بصفته الشخصية وبالانابة عما يمثله من دور “المرشد الاعلى” للتيار الوطني الحر باعتبار ان اي لقاء على هذا المستوى مع رئيس التيار النائب جبران باسيل غير وارد، فهو من يخضع حتى اليوم للعقوبات الاميركية وفق “قانون ماغنيتسكي”.
وبعد هذه اللقاءات، ستلتقي المجموعة برؤساء الكتل النيابية التي لها ثقلها في الاستحقاق الرئاسي، فحددت مواعيدها حتى اليوم برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حضور نجله رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي ورئيس الحزب تيمور جنبلاط بانتظار تحديد المواعيد اللاحقة ان كانت الجولة ستتوسع لتشمل باقي الكتل ومنها كتلة الاعتدال الوطني والكتائب اللبنانية و”تجدد” والنواب المستقلين والتغييريين.
لا يقف الرهان بالنسبة الى المراجع الدبلوماسية المعنية بالاتصالات والساعين لتوفير المخرج لمسلسل المآزق الدستورية والسياسية والحكومية على نوعية اللقاءات وآلية اختيار من ستشملهم الجولة إنما تتركز على ما يمكن ان تحققه، ان لم تكن مواقف الخماسية قد تطورت ابعد من “النصح” و”الحضّ” على ضرورة القيام بالخطوات اللازمة المؤدية الى بدء عقد جلسات الانتخاب الرئاسية المتتالية حتى اتمام الاستحقاق، ذلك ان الوقوف عند هذه الحدود لم يات باي نتيجة ايجابية حتى اليوم. وإن لم تتطور الضغوط التي يقومون بها باتجاه تقريب وجهات النظر باتجاه “المرشح الثالث” لن تتقدم الخطوات المطلوبة في ظل تعثر كل الجهود التي بذلت للتهيئة لها سواء بطاولة حوار او تشاور لا فرق، قبل ان تتأزم الأمور منذ ان اندلعت عملية “طوفان الاقصى” و”حرب “الإلهاء” و”الإسناد” التي اطلقها “حزب الله” وربط بها كل المخارج المؤدية الى الاستحقاقين الدستوري والأمني في آن، وإن لم تتمكن هذه المجموعة العربية والدولية من الفصل بين الملفين الإقليمي والدولي يخشى ألا تأتي الجولة بما يشتهي لها دعاتها.
على هذه الأسس – تختم المراجع الدبلوماسية – لتبني توقعاتها ومعها مخاوفها من ان تكون الخطوة غير كافية لتعديل المواقف بالطريقة المؤدية الى اتمام الاستحقاقات الداخلية المطلوبة من اللبنانيين وقد عبروا عن عجزهم عن القيام بها بمعزل عن لائحة المسؤوليات التي لا تعفي العديد منهم نتيجة فشلهم في ادارة شؤون البلد بنسب متفاوتة تاخذ بعين الاعتبار التمييز بين من يملك القدرة على توجيه المرحلة المقبلة والعاجزين عن اي خطوة حاسمة. فالمرحلة دقيقة ولا تحتمل الدعسات الناقصة وما لم يتحقق اي تقدم لن يعود الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت ولن نشهد على زيارة اخرى لنظيره الاميركي آموس هوكستين بعد تأكيدات دبلوماسية بأن لا حديث ولا موعد لوزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه يأتي به الى بيروت كما تردد في الأيام القليلة الماضية. وعندها ستكون الخيبة اكبر مما يتوقعه احد، ان لم تات الخماسية بما ألقته من ثقل سياسي ومعنوي في جولتها الاستثنائية المقبلة بما يمكن ان تجنيه منها، وعلى الأقل بما يوازي وزنها الإقليمي والدولي لتنزلق البلاد بعدها الى ما هو أسوأ بكثير مما نعيشه اليوم من ازمات دستورية وامنية وسياسية واقتصادية.