كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
استعادت رحلات الهجرة غير الشرعية بالمراكب عبر البحر نشاطها وزخمها مجدّداً، وشهدت الأيام الماضية عدداً من الرحلات من على شواطئ وموانئ الشمال، بعد توقّف قسري لبعض الوقت، فرضته أوضاع الطقس وموسم الشتاء. وفي المستجدّات المتّصلة بمسألة تهريب الأشخاص عبر البحر، أحبطت عناصر مخابرات الجيش في أقل من أسبوع عمليتين في نطاق العبدة – عكار.
فالعملية الأخيرة حصلت أمس الأول، بعدما تمكّنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، مكتب أمن العبدة – عكار، من إحباط رحلة هجرة غير شرعية في المنطقة المسمّاة خط البحر، كانت تنوي الإنطلاق نحو سواحل اليونان، فأوقفت عدداً من الركّاب عندما كان المركب يهمّ بالإنطلاق بهم، وكان من المفترض أن يضمّ أكثر من 50 راكباً معظمهم من السوريين.
تجدر الإشارة إلى أنّ معظم ركّاب هذه الرحلات هم من التابعية السورية، ونسبة القادمين من الداخل السوري هي أكبر من أولئك الموجودين على الأراضي اللبنانية. وأكد مصدر مطّلع على الملف لـ»نداء الوطن» أنّ «تسيير هذا النوع من الرحلات صار أمراً شبه يومي، وإذا تمكّنت الأجهزة الأمنية من توقيف مركب ما، فإنّ مراكب أخرى تستطيع الإفلات وتنطلق نحو الهدف أو الوجهة المختارة». وعزا سبب ازدياد الرحلات في الآونة الأخيرة «إلى وجود رغبة عارمة لدى أعداد كبيرة من سوريي الداخل بهذه الرحلات فيدفعون مبالغ تصل إلى 7 آلاف دولار على الشخص الواحد، وذلك هرباً من الأوضاع المعيشية المتفاقمة والصعبة في الداخل السوري».
في المقابل، تحوّلت هذه الرحلات مهنة لدى كثر، وتنشط شبكات ومجموعات متخصّصة بهذا النوع من الأعمال، فتبدأ بتأمين وصول الأشخاص المهرَّبين من نقاط على الحدود السورية ـ اللبنانية، حتى موعد إقلاع المراكب على شواطئ العبدة، أو العريضة، أو الميناء الطرابلسية.
وعلمت «نداء الوطن» أنّ سواحل قبرص واليونان هي الوجهة الأساسية لرحلات من هذا النوع، بعدما كانت سواحل إيطاليا وألمانيا في السابق، والسبب الأساسي أنّ قبرص واليونان لا تزالان تعاملان السوري الآتي عبر البحر بصفة لاجئ، وهذا لا ينطبق على المواطن اللبناني في هاتين الدولتين. وفي المعلومات أيضاً أنّ السلطات القبرصية حاولت قبل أيام إرجاع ما يقارب مئتي راكب إلى لبنان كانوا قد وصلوا إلى شواطئها عن طريق التهريب، غير أن السّلطات اللبنانية رفضت استقبالهم.
وبالرغم من أنّ عناصر مخابرات الجيش تقوم بدور مهم في تعقّب وإحباط رحلات الهجرة غير الشرعية، إلا أنّ استمرار هذه الرحلات يطرح سؤالاً أساسياً عن كيفية الحدّ من هذه الظاهرة بالفعل؟ وتشير المعطيات في هذا الصدد إلى أنّ الأوضاع الاقتصادية التي تمرّ فيها البلاد قد انعكست على الأجهزة الأمنية، ولا شكّ في أنّ ضعف الإمكانات اللوجستية يحدّ من قدرتها الكاملة على ضبط التهريب، كما أنّ الأجهزة الأمنية المولجة عمليات التهريب تحتاج إلى زيادة عناصرها وعديدها، لكي تتمكّن من القيام بالمهمات الموكلة إليها.
كذلك، فإنّ ضبط الأمور يتطلّب إجراءات وقائية كتضافر جميع الأجهزة، وتفعيل عمل مفارز الشواطئ التابعة لقوى الأمن الداخلي، لتؤدّي دورها في هذا الملف، بالإضافة إلى تعاونٍ كاملٍ من قِبل القضاء، وذلك باتّباع إجراءات قضائية زجرية ورادعة لمكافحة التهريب.