كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
تتقاطع آراء الحقوقيين، على أنّ مقاربة أداء القضاة تنحصر حكماً بالتدقيق في الأحكام التي تصدر عنهم، قبل التوقف عند شخصيّة هذا القاضي أو ذاك وقدرته على التحرر من أعباء القضايا الجدلية أو الكبرى التي تؤول إليه. وتندرج هذه المقاربة على أبواب إنتهاء الشهر الأول من تكليف القاضي جمال الحجار القيام بمهمات النائب العام التمييزي (23 شباط 2024)؛ والتطمينات التي أسرّها على مسامع المهنئين، كما أهالي شهداء وضحايا تفجير المرفأ، والتي تربط بتّ المسائل الأساسيّة المحقة، بالإنتهاء من التدقيق في حيثياتها القانونية.
وتكشف أوساط حقوقيّة متابعة، أنّ المتقاضين والمتضررين من تعليق عمل المحاكم، لا يعوّلون على «الكلام المعسول»، بقدر تعويلهم على إعادة انتظام عمل السلطة القضائيّة، ومن خلالها المحاكم الكفيلة بإعطاء كلّ ذي حقّ حقه. ومع تقاطع مصالح «أهل الحكم» على تعليق عمل الهيئة العامة لدى محكمة التمييز، ومن خلالها تعليق التحقيقات وكَبح الإجراءات الكفيلة بسوق المتورطين في ملفات الفساد وهدر المال العام وأموال المودعين إلى المحاكم، فإنّ بوادر تحرير ملف التحقيق في تفجير المرفأ تلقي بثقلها على النائب العام التمييزي بالتكليف، وذلك بعد أن تقدّم أمس المحامي بيار الجميل و»محامون ضدّ الفساد»، بمراجعة لدى النيابة العامة التمييزية، تفنّد المغالطات القانونية التي اعترت التعميم 19/ص، الصادر عن المدعي العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات بتاريخ 25 كانون الثاني 2023، وتطلب من القاضي الحجار إعادة تصويب مسار عمل الضابطة العدلية والنيابة العامة التمييزيّة مع المحقق العدلي وفق القوانين المرعية الإجراء.
وينضم طلب «محامون ضدّ الفساد» إلى سلسلة طلبات مشابهة، مرتبطة بالقرارات التي سبق واتخذها عويدات، من بينها المراجعة التي تقدم بها مكتب الادعاء في نقابة المحامين في بيروت في الثامن من الشهر الجاري، بوكالته عن أهالي ضحايا انفجار المرفأ. ما يضع القاضي جمال الحجار أمام حتمية بتّ هذه الطلبات لجهة تحديد قانونيتها. وحينها يعمد إلى إصدار التعاميم الكفيلة بمعالجة الثُغر التي نجمت عنها، ما لم يقرّر تبنّي نهج سلفه والإبقاء عليها.
توازياً، لا يغيب عن بال المتابعين التخوّف من إنتهاج القاضي الحجار مبدأ «الإستنزاف» المطبق للوقت؛ فبذريعة التروي والصبر والإنكباب على درس الملفات، يتحوّل الإبقاء على التعاميم المخالفة لأبسط القواعد القانونية إلى قاعدة تغرق «الحقيقة» في وحول التجاذبات السياسيّة، وتحديداً في قضيّة المرفأ، وتؤجج الشكوك حول الأسماء التي ارتبطت بهذه القضيّة، وتخوّل المرتكبين الإفلات من العقاب. ولتفادي الشكوك، تتقاطع أوساط حقوقية متابعة على أهمية دور القاضي الحجار في هذه المرحلة، وقدرته على تحرير عمل المحقق العدلي خلال أسابيع معدودة. الأمر الذي يمهّد لإصدار القرار الإتهامي في ملف المرفأ.