Site icon IMLebanon

ترجيح كفة الرئيس التوافقي يتقدم مهمة سفراء “الخماسية”

كتب محمد شقير في “الشرق الاوسط”:

يدخل انتخاب رئيس للجمهورية في إجازة سياسية، يخشى عدد من النواب أن تمتد إلى ما بعد انتهاء عطلة عيد الفطر، وهو الموعد الذي حدده سفراء الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية لاستئناف جولتهم على الكتل النيابية والنواب، من مستقلين وتغييريين، بحثاً عن قواسم مشتركة لإخراج انتخابه من الحلقة المفرغة التي لا يزال يدور فيها، رغم أن اللقاءات التي عقدوها حتى الساعة لم تؤدّ إلى إحداث خرق يمكنهم التأسيس عليه لوقف تمدد الشغور الرئاسي إلى أمد طويل، ما لم يبادر الناخبون الكبار، على المستوى المحلي، إلى تقديم التسهيلات المؤدية لإعادة خلط الأوراق، وصولاً للتوافق الذي يدفع باتجاه إنهائه.

فسفراء «الخماسية»، السعودي وليد البخاري، والأميركية ليزا جونسون، والفرنسي هرفيه ماغرو، والمصري علاء موسى، والقطري سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، آثروا عدم الدخول في لعبة الأسماء، وسألوا: ما العمل؟ وهل من إمكانية للوصول إلى مساحة مشتركة تؤسس لإحداث كوة في جدار الأزمة المترتبة على تعذّر إنجاز الاستحقاق الرئاسي تتيح لـ«الخماسية» توفير الدعم والمساندة لوقف تعطيل انتخاب الرئيس؟

ورغم أنه من غير الجائز استباق ما ستؤول إليه لقاءات سفراء «الخماسية» مع ما تبقّى من الكتل النيابية، فإن مصادر بارزة في المعارضة تسأل: ماذا يريد «حزب الله»؟ وما الجدوى من استمهاله الرد على المبادرة التي أطلقتها كتلة «الاعتدال» النيابية؟ وهل لديه الاستعداد المطلوب للتخلي عن دعمه لترشيح رئيس تيار «المردة»، النائب السابق سليمان فرنجية؟ وما مدى صحة ما يقال عن أنه يتعامل مع الاستحقاق الرئاسي انطلاقاً من التريث في حسم خياره الرئاسي بصورة نهائية، ليكون بوسع طهران توظيف موقفه في مفاوضاتها مع واشنطن بغية تحسين شروطها؟

وتؤكد المصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» أن محور الممانعة، بقيادة «حزب الله»، يسعى لشراء الوقت، ويرهن موقفه حيال انتخاب الرئيس بموقف حليفته إيران، ويضعه حالياً في خدمة مصالحها في الشرق الأوسط. وتسأل: إلى متى يستمر الشغور في رئاسة الجمهورية؟ وهل يمتد إلى ما بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ليكون في وسعها أن تبني على الشيء مقتضاه؟

وتلفت هذه المصادر إلى أن «حزب الله» يتّبع التوقيت الإيراني في تحديد موقفه من انتخاب رئيس للجمهورية، وتقول إنه لن يبيع موقفه في هذا الخصوص مجاناً، لكن هذا لا يعني، من وجهة نظره، أنه يقفل الأبواب أمام انتخابه، وسيضطر لأن يعيد النظر في موقفه في حال أصبحت الطريق سالكة أمام انتخاب فرنجية الذي لا يطعنه في ظهره ويرتاح إليه.

وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية أن الظروف الخارجية المحيطة بانتخاب الرئيس لم تنضج حتى الساعة، وأن الاتصالات التي تتولاها فرنسا وقطر مع إيران لتسهيل انتخابه ما زالت مستمرة، ولم تحقق التقدم المطلوب الذي يمكن الركون إليه لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن إيران لن تقدّم التنازل المطلوب لإنجازه إلا للولايات المتحدة الأميركية.

وتضيف أن ما يؤخر انتخاب الرئيس لا يعود إلى ارتفاع منسوب الخلاف بين المعارضة ومحور الممانعة، بمقدار ما أنه يتعلق أولاً وأخيراً بالمسار العام الذي بلغته حتى الساعة المفاوضات غير المباشرة بين واشنطن وطهران، وبالتالي، سيبقى الملف الرئاسي في دائرة تقطيع الوقت، رغم التحرك الذي بدأه سفراء «الخماسية».

وتؤكد المصادر نفسها أن الخلاف بين المعارضة ومحور الممانعة ليس محصوراً بالتباين حول خريطة الطريق الواجب اتباعها لترجمة مبادرة كتلة «الاعتدال» إلى خطوات ملموسة، وإنما بانفتاح «الممانعة» على مطالبة خصومها بالتخلي عن دعمها لترشيح فرنجية لصالح التوافق على رئيس يقف على مسافة واحدة من الجميع، ولديه القدرة لجمع اللبنانيين تحت سقف تضافر الجهود لوقف تدهور البلد ووضعه على سكة التعافي، خصوصاً وأن سفراء «الخماسية» باتوا على قناعة بأن لا مفر من التوافق على الرئيس، لأن أي طرف لا يستطيع تأمين حضور أكثرية ثلثي أعضاء البرلمان لانتخاب مرشحه، فيما لديه القدرة لتعطيل الجلسة، وبالتالي لا بد من ترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث.

فتأييد الكتل النيابية لمبادرة كتلة «الاعتدال» لا يمكن صرفه سياسياً في ظل الانقسام في البرلمان، ويأتي في سياق سعي كل طرف إلى تبرئة ذمته من تعطيل انتخاب الرئيس، من دون أن يعني ذلك أن التزام مضامينها وُضع على نار حامية، بمقدار ما أنه مهّد الطريق أمام استفحال الخلاف بين محور الممانعة والمعارضة حول خريطة الطريق الواجب اتباعها للوصول إلى بر الأمان بانتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً أن المعارضة ذات الغالبية المسيحية تلقت دعماً لوجهة نظرها من البطريرك الماروني بشارة الراعي، بقوله أمام سفراء «الخماسية» بأن «طريق الحل لانتخابه مرسوم في الدستور، وأن التوافق على شخص، على الرغم من جمال الكلمة، منافٍ للدستور وللديمقراطية وللمنطق في جو الانقسام السائد في البلد».

لذلك، باتت المعارضة مضطرة للتموضع تحت عباءة بكركي في خلافها مع الرئيس بري، ولم يعد في مقدورها أن تعيد النظر في موقفها، بينما يبدي «اللقاء الديمقراطي» مرونة وانفتاحاً لإخراج انتخاب الرئيس من التأزم، وهذا ما أكده الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط لدى استقبال سفراء «الخماسية» بحضور رئيس «اللقاء» تيمور جنبلاط، والنائبين وائل أبو فاعور وهادي أبو الحسن، الذي كشف لـ«الشرق الأوسط» أن جنبلاط عبّر عن وجهة نظره بتسهيل انتخاب الرئيس، وشدّد على أن أحداً لا يمكنه فرض مرشح على الآخر، ولا يمكن تجاهل القرار المسيحي، وأن المسؤولية تقع على الأطراف السياسية لبدء حوار لانتخابه، وعدم انتظار نتائج الحرب للبناء عليها، خصوصاً وأنها قد تطول، في حين أن انتخابه يجب أن يحصل سريعاً.