كتب يوسف دياب في “الشرق الاوسط”:
لم تمثل المدعية العامة في جبل لبنان، القاضية غادة عون، أمام المجلس الأعلى للتأديب، لاستجوابها، الجمعة، كما كان مقرراً، على خلفية طعنها بقرار المجلس التأديبي للقضاة الذي قضى بفصلها من السلك القضائي، بسبب «مخالفات ارتكبتها».
وأفاد مصدر قضائي، «الشرق الأوسط»، بأن القاضية عون «وصلت عند العاشرة صباحاً إلى قصر العدل في بيروت، مع وكيلتها القانونية، وبدل أن تمثل أمام المجلس الأعلى للتأديب برئاسة القاضي سهيل عبّود، سارعت إلى تقديم دعوى أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي يرأسها عبّود أيضاً، طلبت فيها ردّ رئيس المجلس الأعلى للتأديب (هو أيضاً القاضي عبّود)، طالبة تنحيته عن النظر في قضيتها، وغادرت على الفور».
وشكّلت خطوة القاضية عون مفاجأة لدى الأوساط القضائية، إذ إنها المرّة الأولى التي يَطعّن فيها قاضٍ بالمجلس الأعلى للتأديب، باعتباره أعلى هيئة قضائية تنظر بالملفات المرتبطة بسلوك القضاة. وعدَّ المصدر القضائي، الذي رفض ذكر اسمه، أن هذه الدعوى تندرج في سياق «المماطلة التي تعتمدها عون، لتضييع الوقت قبل استجوابها واتخاذ قرار، إما بتصديق حكم المجلس التأديبي وفصلها من السلك القضائي نهائياً وبشكل مبرم، أو كسر درجاتها تأديبياً، وذلك إلى حين إحالتها على التقاعد منتصف العام المقبل، بحيث تصبح ملاحقتها تأديبياً بلا جدوى».
كان المجلس التأديبي للقضاة، برئاسة القاضي جمال الحجّار (يشغل الآن منصب النائب العام التمييزي)، وبعد جلسات تحقيق مطوّلة، أصدر قراراً بـ«فصل القاضية عون من السلك القضائي، بسبب مخالفات جسيمة ارتكبتها وانتهاكات تمسّ بمبدأ عملها كقاضية». وارتكز المجلس التأديبي إلى تصريحات إعلامية أدلت بها، وتغريدات على وسائل التوصل الاجتماعي هاجمت فيها مؤسسة العدالة، خصوصاً مجلس القضاء الأعلى، وتمرّدت على قراراته وقرارات رئيسها المباشر، النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات، كما رفضت تبلّغ دعاوى مقامة ضدّها من متداعين تضرروا من الإجراءات التي اتخذتها بحقهم».
ورأت القاضية عون في الاستدعاء الذي تقدمت به ضدّ القاضي سهيل عبّود، أن ثمة «أسباباً موجبة» تستدعي مخاصمته. وأشار المصدر إلى أن القاضية عون «تعدُّ أن عبّود هو رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي سبق له وأحالها على التفتيش القضائي وأمر باتخاذ إجراءات عقابية بحقها بسبب سلوكها وأدائها، وأن التفتيش أحالها على المجلس التأديبي بناء على قرار مجلس القضاء الأعلى».
وقال المصدر: «رغم هذا الاستدعاء الذي طاله، حدد عبّود موعداً جديداً لاستجواب القاضية عون في 15 أبريل (نيسان) المقبل، وعندها يكون قد تمّ بتّ المجلس الأعلى للتأديب بمصير دعوى الردّ المقدمة منها، ويفترض استكمال الإجراءات بحقها»، لافتاً إلى أنه «في حال رفضت الهيئة دعوى عون، ستقفل الأبواب أمامها لإمكانية الطعن بقرار رفض دعواها، وتصبح ملزمة بالمثول وخضوعها للاستجواب».
من جهته، قال مرجع قانوني لـ«الشرق الأوسط»، إن مخاصمة المدعية العامة في جبل لبنان للقاضي عبّود «تعدّ سابقة في تاريخ القضاء اللبناني. فقد استهدفته بوصفه رئيساً للهيئة العليا للتأديب، ورئيساً للهيئة العام لمحكمة التمييز التي قدّمت الدعوى أمامها، ورئيساً لمجلس القضاء الأعلى الذي يُعدُّ رأس هرم السلطة القضائية في لبنان»، مستغرباً كيف أن غادة عون «تخاصم سهيل عبود أمام سهيل عبود نفسه، وهذا أمر غير مألوف بالمفاهيم القانونية والقضائية وحتى العشائرية».
ومنذ بداية عهد الرئيس السابق ميشال عون، جرى تعيين القاضية غادة عون على رأس النيابة العامة في جبل لبنان، وأعطت نفسها، وبدعم مطلق من رئيس الجمهورية، صلاحيات مطلقة في الملاحقات وفتح ملفات قضائية لخصوم الرئيس عون السياسيين، وأطلق عليها صفة «قاضية العهد»، حيث حظيت بالحماية الكاملة من عون وفريقه، وتغطيتها على كل الإجراءات التي اتخذتها، بما فيها الادعاء على سياسيين ومصارف ورجال أعمال وأمنيين.