كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
برغم الحرب وتداعياتها على القرى الجنوبية، لم تغب احتفالات احد الشعانين عنها، في تحدّ واضح، فـ»الصلاة أهم من الإصغاء إلى صوت الصواريخ»، يقول كاهن رعية رميش الأب نجيب العميل.
لم يكن يوم رميش عادياً، أكثر من 2000 شخص شاركوا في زيّاح الشعانين في البلدة، «أتوا من بيروت خصيصاً لأجل الصلاة والدعاء في كنيسة رميش» يشير العميل، مؤكداً أن «الشعنينة هو عيد السلام والمحبة، ورسالتنا كانت رسالة سلام لانتهاء كابوس الحرب».
جدّد أبناء رميش الحدودية تأكيدهم على «قيمة السلام والثبات في الأرض»، وهذا ما ردّده أيضاً السفير البابوي باولو بورجيا مترئساً قدّاس الشعانين، بل أشار، بحسب العميل «إلى أنه، رغم كل الظروف التي تحيط بنا، رسالتنا واضحة، ثبات في الأرض، لأن دخول السيد المسيح إلى أورشليم كان من أجل هذه الغاية، ونحن نسير على خطاه».
أحد الشعانين
هي المرّة الثالثة التي يزور فيها بورجيا رميش لحضّ الأهالي على البقاء في البلدة، ولا يتردد العميل بالقول: «رسالتنا كانت واضحة، هدفت إلى السلام لا الحرب، والمسيرة التي نقيمها هي مسيرة سلام، وصلاتنا من أجل السلام الذي يعبّر عن مقاومتنا الحقيقية لأي اعتداء».
حمل الأطفال شموع المحبة والسلام في زيّاح الشعنينة، علّهم يضيئون شموع السلام عمّا قريب، ويعمّ الأمن والهدوء قرى تتعرّض للغارات والقصف منذ ما يقارب 6 أشهر.
إختارت رميش ودبل وعين إبل والقليعة ومرجعيون وحتى النبطية عيد الشعانين لبثّ رسائل المحبة الوطنية ليعم هذا البلد، فالعيد ليس عادياً هذا العام، فهو يهلّ وسط حرب تشنّها إسرائيل ضدّ جنوب لبنان وقراه، تدمّر اقتصاده، عاداته وتقاليده، غير أنّ الإحتفال جاء كردّ واضح على سيناريو الحرب العدائية، «نحن هنا»، يؤكد العميل، «ولن نترك أرضنا».
هي المرّة الأولى التي يحتفي فيها أبناء قرى الجنوب بعيد الشعانين على أزيز الصواريخ، المفارقة أنهم لم يغادروا قراهم، بل تشبّثوا بها، وقرّروا الإحتفال بالعيد «رغم أنف الحرب»، يقول جورج أحد أبناء بلدة القليعة التي لم تغيّر من عاداتها، وأبقت على مسيرتها الشعبية التي انطلقت من مفرق القليعة الخارجي حتى كنيسة البلدة، في رسالة بمعان كثيرة لعلّ أبرزها بحسب لطف الله «التمسّك بالحياة والإصرار على ممارسة طقوس الفرح رغم ما يحيط بنا من دمار، لأن قيمة الشعنينة تتمثّل بهذه القيم».
السفير البابوي يحضّ أهالي رميش على البقاء
لا تبعد المواقع والمستعمرات الإسرائيلية كثيراً عن البلدة، ولم تفارق المسيّرات التجسسية أجواءها، ومع ذلك هتف الأطفال «هوشعنا ملك اسرائيل هللويا»، فالعيد يعني لهم الكثير بحسب ما أكدوا، ووفقاً للفتى جوني «العيد يعني لي السكينة والطموح والإستقرار، ولن يثنينا شيء عن الاحتفال به ولن تحول أصوات القصف عن قرع الأجراس والفرح، لأن الفرح أقوى من صوت القصف». لم يختلف المشهد كثيراً في مدينة النبطية وقد أحتفلت أيضاً بالشعانين، تأنّق الأطفال وأهلهم وأتوا إلى كنيسة السيدة في حي المسيحية في النبطية، المفارقة أن أعدادهم كانت أقلّ من باقي القرى، معظم أبناء الحارة غادروها على مرّ الزمن، ومن ظل داخلها أكد أنه لن يغادرها إطلاقاً.