كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
حدثان سياسيان خفّضا وهج المعارك المندلعة على الحدود الجنوبية وسلطا الضوء على الوضع الإنساني داخل غزة دون سواه . الأول يتعلق بالإجتماعات التي تعقد في الدوحة بين مسؤولين أمنيين من الدول المعنية في الحرب على غزة من جهة وحركة حماس من جهة أخرى.والثاني والمتوقع ان يتفاعل في المرحلة المقبلة نظرا لمفاعيله يندرج تحت عنوان زيارة رئيس وحدة الإرتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا للإمارات برفقة وفد من حزب الله. وإذا كان عنوان الزيارة العلني إستعادة الأسرى، إلا أن مصادر أفادت “المركزية” أن الهدف الرئيسي يتعلق بإيجاد تسوية ما لوقف الحرب على غزة وبالتالي التزام حزب الله بالهدنة على جبهة الجنوب.
إلا أن اللافت، ما توقعته أوساط ديبلوماسية عربية عن إمكانية التوصل إلى إعلان وقف اطلاق النار في غزة بعد الاجتماعات التي تعقد في الدوحة على أن ينسحب ذلك على جبهة الجنوب، وهناك احتمال قوي بحصول ذلك.
كلام لا يؤكد عليه ولا ينفيه العميد المتقاعد هشام جابر الذي يقول أنه “طالما لم يصدر أي بيان رسمي يعلن فيه الطرفان، أي الإسرائيلي وحركة حماس، التزامهما بوقف إطلاق النار لا يمكن إلا أن نتوقع العكس ولدينا تجارب عديدة في هذا المجال، خصوصا أنه مضى على محادثات الهدنة أكثر من شهر”.
وفي قراءة عسكرية يوضح جابر الأسباب التي تدفع الطرف الإسرائيلي إلى عدم الإلتزام بوقف إطلاق النار أو أقله بالهدنة ويقول لـ”المركزية” “حتى اللحظة لا يزال رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو يرفض الهدنة على رغم موقف الولايات المتحدة المعارض له. فالهدنة بالنسبة إليه ستمدد وتصل إلى وقف إطلاق النار مما يمهّد لإجراء الإنتخابات التي ستطيح حتما بنتنياهو وبخروجه من رئاسة الحكومة يصبح ملزما في المثول أمام القضاء مع مجموعة الجنرالات والمحسوبين عليه والحكم لن يكون حتما لصالحه”.
وإذ يلفت إلى أن عودة رئيس الموساد في حال كان من ضمن الوفد الإسرائيلي الذي توجه إلى الإمارات للمشاركة في المباحثات قد عاد إلى إسرائيل يرجح “أن تحصل الهدنة قبل نهاية الشهر الحالي، إلا أن الفيتو الأميركي من عملية اجتياح رفح لا يزال على حاله “ولن يحصل”، يكرر جابر، مؤكدا أن الكلام عن اجتياح رفح ليس إلا من باب التهويل وورقة ضغط يستعملها نتنياهو في المفاوضات مع حركة حماس. إذ للمرة الأولى يصدر موقف موحد معارض للحرب على غزة من قبل 27 دولة في الإتحاد الأوروبي أضف إلى ذلك المعارضة داخل الولايات المتحدة لعملية مماثلة. وفي حال نفذ نتنياهو تهديده باجتياح رفح فهذا يؤشر إلى فرض كامب ديفيد جديد.
هذا في السياسة أما على أرض الواقع، يوضح جابر أن الإجتياح الإسرائيلي جوا لمدينة رفح يعني الغرق في مستنقع الدم باعتراف كبار القادة الإسرائيليين والإجتياح برا سيوقع الجيش الإسرائيلي في أفخاخ وبالتالي لن يحقق أية مكاسب تماما كما حصل في غزة، إلا أن المؤكد أن نتنياهو لن يعترف بالهزيمة ومن هنا هو عاجز عن إيقافها لأنه بذلك يكون قد اعترف بخسارته الحرب وبسقوط حكومته في الإنتخابات التي ستجري وذهابه لاحقا إلى القضاء.
بالتوازي لا ينفي جابر أن حركة حماس منهكة والجوع ينهش الغزاويين خصوصا أن المساعدات الإنسانية والغذائية لا تسد أكثر من نسبة 10 في المئة من الحاجة المطلوبة.
من يستسلم أولاً؟ ” المسألة تتوقف على من يرفع الشارة البيضاء لكن أياً من حماس ونتنياهو مستعد لأن يطلق الصرخة أولا وعليه يجب إيجاد اتفاق للخروج من نفق الحرب وآتونها.
مصادر ديبلوماسية تلفت إلى أنه اذا لم يتم وقف إطلاق النار من جنوب لبنان بالتزامن مع غزة فإن الوضع سيتفجر في الجنوب “وستكون الحرب مع لبنان وليس مع حزب الله” بحسب مسؤول إسرائيلي. وتشير المصادر إلى الخوف الجدي لدى الجنوبيين من حرب مدمرة حتى ان الدبلوماسيين المعتمدين في لبنان يتخوفون من اندلاع الحرب. لذلك اتخذت بعض السفارات تدابيراستثنائية تحسبا لأجلاء رعاياها”. وتعقيبا على ذلك ينفي جابر صحة هذه المؤشرات ويقول بأن “الديبلوماسيين يهددون وينقلون وجهة النظر الإسرائيلية للضغط على لبنان وتقديم هدية من دون مقابل في حين أن المطلوب واحد:تطبيق القرار 1701 من الجانبين وليس من الطرف اللبناني وحسب”. وفي ما يخص حزب الله يقول أن”الحزب أعلن استعداده لوقف إطلاق النار إذا التزمت إسرائيل بالهدنة. إلا أن الأخيرة تصر على عدم الإلتزام بالهدنة.من هنا أتمنى على حزب الله أن يصمد ويستمر بالتزام الهدنة أقله لمدة 3 أيام في حال استمر الإعتداء الإسرائيلي على أرض الجنوب وبذلك يتضح للرأي العام الدولي أن إسرائيل هي الطرف المعتدي وليس العكس”.
بالتوازي يشير جابر إلى ان حزب الله لا يتحمل مسؤولية اندلاع حرب شاملة على لبنان وهو يتحمل كل الخسائر البشرية وتدمير بناه التحتية لتفادي ذلك. أضف إلى ان اندلاع حرب شاملة على لبنان يعني الدخول في حرب إقليمية لأنها ستمتد إلى الخليج والحوثيين مع وقف حركة الملاحة البحرية التجارية في البحر الأحمر وفتح الجبهة العراقية. ليس هذا وحسب إنما هناك احتمال إلى ان تتوسع لتصل إلى حرب عالمية ثالثة. ومن يبدأ الحرب سيكون هو من أطلق شرارة الحرب الواسعة. فهل يتحمل حزب الله أن يكتب عنه التاريخ يوما بأنه كان السبب في اندلاع الحرب العالمية الثالثة؟”.
كلام الديبلوماسيين عن اتخاذ رعاياهم تدابير الحذر”من عدة الشغل للضغط والترهيب على لبنان.وعندما تصدر الأوامر بإجلاء الرعايا تكون ساعة الحرب قد دقت” لكن حتى الساعة لا أرى بيروت وضواحيها تحت نيران القصف الإسرائيلي والحرب في الجنوب إذا استمرت ستكون محدودة لأن الحزب لن يوسع في العمق الإسرائيلي بمعنى أن صواريخه الدقيقة لن تطلق باتجاه حيفا وهو يزينها بميزان الذهب”يختم جابر.