جاء في “الراي الكويتية”:
سلّمٌ لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لـ «النزول عن الشجرة» بعدما استنفد كل المهل لـ «رخصة القتل» التي أُعطيت له منذ 7 أكتوبر… أو «شرارة» لجولة جديدة من «عاصفة الدم» التي قدم يندفع إليها لفرض أمر واقع بالنار قبل مرحلة «الحلّ المستدام»، سواء في رفح أو جنوب لبنان؟
سؤالٌ طغى على الساحة الدولية كما على المَشهد في لبنان وبدا الجواب «المفقود» عليه بمثابة «كاشف الضوء» الذي سيتيح تحديد «ما سيكون» على جبهة الجنوب التي استعادت في الأيام الأخيرة وتيرة التوتر العالي، وتبادُل رسْم المعادلات، وأبرزها «بعلبك مقابل الجولان» والعكس، وإن من دون الانزلاق حتى الساعة إلى حدود «غير المتوقَّع» على المقلبين.
وغداة قرار مجلس الأمن الذي دعا إلى وقف نار فوري وإطلاق الرهائن خلال النصف الثاني المتبقي من شهر رمضان، شخصت الأنظار على إمكان الالتزام به من تل أبيب كما على آلياته التنفيذية، التي قد تشكل في ذاتها ألغاماً يُعمل على تذليلها من دون فائدة حتى الساعة عبر المسار الديبلوماسي الذي تتوسط فيه مصر وقطر وما زال مستمراً، ناهيك عن تشظياتِ ما بدا نصف رفْع غطاء من واشنطن عن اسرائيل التي خسرت الاثنين «درع الفيتو الأميركي» على العلاقات المتوترة بين «الحليفين الثابتين».
وفيما كانت طهران تطلّ على اليوم الأول بعد القرار الدولي باستقبال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، غداة إبلاغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن «هناك بدائل للغزو البري لرفح من شأنها أن تضمن بشكل أفضل أمن إسرائيل وتحمي المدنيين الفلسطينيين»، بدا من الصعب تقدير «الخطوة التالية» لنتنياهو الذي لم تنفع لعبة الابتزاز الذي مارسها مع الولايات المتحدة وجَعَلَ معها عدم استخدامها حق النقض في مجلس الأمن مدخلاً لإلغاء زيارة الوفد الذي كان مقرَّراً أن يناقش ملف رفح، وسط اقتناعٍ بأنه يدرك أنه لن يكون قادراً على «اجتياح آمِن» لها من دون «الجسر الأميركي» العسكري وفي الوقت نفسه يعلم أن ثمة حدوداً لضغوط إدارة الرئيس جو بايدن عليه، هو الذي يتعيّن عليه أن يوازن بأي حال بين:
الاستمرار بإطلاق يد تل أبيب في الحرب على سمعة أميركا وحملته الانتخابية وخصوصاً بين الناخبين المسلمين ومن أصول عربية.
والأثمان التي سيتكبّدها في السباق إلى البيت الأبيض بحال أفرط في كشْف ظهر اسرائيل وبات رأسه ونتنياهو في السلّة نفسها في «حربهما للبقاء» السياسي.
ومن هنا، وعلى وقع رصد المشهد الميداني في غزة جاءت التطورات على جبهة جنوب لبنان محملة بإشارات إسرائيلية سلبية، بدت برسم القطاع أيضاً، وسط انطباعٍ بدأ يشق طريقه في الكواليس بأن أي تشدُّد من تل أبيب حيال شروطها لوقف حرب غزة واجتياح رفح (أو تحقيق غاياته على البارد) قد يقابله قبول بعدم التصعيد مع «حزب الله»، والعكس صحيح، وذلك على قاعدة إعطاء واشنطن في مكان والأخذ في آخر، وفي ظل اقتناع بأن قرار مجلس الأمن غير المُلْزم عملياً سيتيح لنتنياهو المزيد من هوامش «اللعب على الحبال» للشدّ والترخية سواء تجاه الداخل الاسرائيلي وحكومته أو كيفية إدارة جبهتيْ غزة والجنوب.