كتبت ندى أيّوب في “الأخبار”:
كالفطر تتكاثر المشكلات في بعثات لبنان في الخارج، ولا تكاد تخلو سفارة أو قنصلية من أزمةٍ ترتبط بالشأن المالي وسوء إدارة شؤون البعثات، لجهة تسديد رواتب الموظفين والعاملين فيها ودفع الفواتير المتراكمة عليها في الدول المضيفة. وعلمت «الأخبار» أن 11 موظفاً في سفارة لبنان في بيونس آيرس قبضوا في تشرين الأول الماضي 80% من رواتبهم على أن يُدفع الجزء المتبقي لاحقاً. ولكن، مذّاك، لم يحصل هؤلاء لا على ما بقي من راتب تشرين الأول، ولا على رواتب الأشهر التي تلته. في الخامس من آذار الجاري، وجّه معظم الموظفين كتاباً إلى رئيس البعثة السفير جوني إبراهيم يعلمونه بأنّهم سيبدأون إضراباً عن العمل داخل مكاتبهم حتى تحصيل الرواتب. وفي صباح اليوم التالي، فوجئوا بأبواب السفارة مغلقة بحجة تنفيذ أعمال صيانة، ما حال دون دخولهم إلى مكاتبهم. وحتى 19 آذار، واظب الموظفون على الحضور يومياً إلى السفارة ليتبلّغوا من موظفة وحيدة في مبنى السفارة بأن الأشغال لم تنتهِ بعد.
وتقول مصادر الموظفين إنهم راسلوا وزارة الخارجية مطالبين بصرف الرواتب المتأخّرة، «والكتاب تبلّغه كل من وزير الخارجية (عبدالله بو حبيب) والأمين العام للوزارة (هاني شميطلي). غير أن الوزارة تجاهلت الكتاب والتزمت الصمت». وفي 21 آذار، دعا السفير الموظفين إلى اجتماعٍ وأبلغهم بضرورة العودة إلى العمل. ووفقاً للمعلومات، «تضّمن كلام إبراهيم تهديداً بطرد من يواصل الاعتكاف باعتبار أنّ الاعتصامات ليس مسرحها مكاتب العمل داخل البعثات، وهي من السلوكيات المحظورة نظراً إلى تأثيرها على عمل البعثة والخدمة التي تؤديها». ليعود الموظفون في اليوم التالي، 22 آذار، إلى أعمالهم.
وتؤكّد أوساط ديبلوماسية أن «إبراهيم راجع في الأشهر الخمسة الفائتة الإدارة المركزية أكثر من مرة لتحويل المبالغ اللازمة لتسديد النفقات» التي تتضمّن رواتب الموظفين (بين 2000 و2800 دولار)، وراتب السفير، وفواتير الكهرباء والماء والإنترنت… واشتراكات الضمان الاجتماعي التي تُدفع شهرياً عن كل موظّف، إضافة إلى تراكم الغرامات بسبب التخلّف عن تسديد الفواتير. وأضافت أن الأموال «حوّلت قبل يومين وستُدفع الرواتب كاملة خلال أيام».
ويشكو أكثر من رئيس بعثة في الخارج من مماطلة الوزارة في تلبية حاجات السفارات من الأموال، و«في الغالب لا تتكلّف عناء الرد على مراسلات رؤساء البعثات». علماً أن ما تشهده السفارة في الأرجنتين، ثاني أكبر دول أميركا اللاتينية، ينسحب بأشكالٍ مختلفة على معظم البعثات. فتارة يقضي سفراء منتدبون في مهماتٍ خارجية أشهراً ينفقون من مالهم الخاص لعدم تسديد مستحقاتهم الشهرية، في وقتٍ يُفترض أنّ يشكّل انتدابهم فرصة لهم لتحقيق مكسبٍ مالي مقبول مقارنةً برواتبهم التي انهارت في بيروت. وتارةً أخرى يعاني الملحقون الاقتصاديون من خطأ مالي ارتكبته الوزارة في طريقة احتساب بدلات السكن والتعويضات العائلية لهم. وأحياناً يصل الأمر حد الدعاوى القضائية وتجميد حساب السفارة المصرفي كما حصل في سفارة لبنان في روما بسبب عدم دفع تعويضات نهاية الخدمة لعدد من موظفي السفارة».