كتبت راجانا حمية في “الاخبار”:
بعد أربع سنواتٍ من الانهيار، تجري وزارة الصحة العامة إعادة تصحيح لجملة من التعرفات الاستشفائية في محاولة للتخفيف من فروقات الفواتير الاستشفائية التي يدفعها المرضى. وبدءاً من الأسبوع المقبل، يبدأ تطبيق تلك التعرفات في المستشفيات الحكومية والخاصة، بحيث تلامس نسبة التغطية لمرضى الوزارة 80% في المستشفيات الحكومية و65% في المستشفيات الخاصة.وإذا ما التزمت المستشفيات الخاصة تحديداً بالتعرفات، تصبح نسبة تحمّل المرضى للفروقات ضمن الإمكانات (35% في الخاص و20% في الحكومي). وهذا، بحسب معنيين في الوزارة، «أفضل الممكن»، مقارنة بما كان عليه الأمر خلال الأزمة، عندما انهارت نسبة تغطية الوزارة إلى 10% من كلفة الخدمات والإقامة في المستشفى. كذلك تعدّ التعرفة «مقبولة» بالنسبة إلى المستشفيات، بحسب نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون، انطلاقاً من أن «ما فيها ربح، ولكن بنفس الوقت ما في خسارة». إلا أن هذا يعتمد على عاملين أساسيين: «ألّا يتغيّر سعر صرف الدولار، وأن تعتمد آلية واضحة للدفع تراعى فيها السرعة لتستطيع المستشفيات شراء حاجاتها من الموردين».
مصادر في وزارة الصحة وصفت التعرفات التي زادت نحو 50 ضعفاً ويبدأ تطبيقها في الأول من نيسان بـ«المنصفة»، إذ «عادت تقريباً إلى ما كانت عليه في موازنات قبل الأزمة». فعلى سبيل المثال، حدّدت كلفة اليوم في غرفة العناية الفائقة بـ 18 مليوناً و750 ألف ليرة (210 دولارات) مقارنة بـ 375 ألف ليرة (250 دولاراً) قبل الأزمة. وكذلك الحال بالنسبة إلى تعرفة سرير العلاج الكيميائي الذي يحدد اليوم بـ 90 مليون ليرة مقابل 90 ألفاً قبل الأزمة. وفي جردة لبعض التعرفات، عدّل البدل اليومي لمريض الحروق من مليون ليرة قبل الأزمة (633 دولاراً) إلى 40 مليوناً و500 ألف ليرة (455 دولاراً)، واستئصال الزائدة من 1.5 مليون ليرة الى 90 مليوناً، والولادة القيصرية من 1.6 مليون ليرة إلى 94 مليوناً، والمرارة من مليونَي ليرة إلى 109 ملايين. في مقابل ذلك، أبقت الوزارة على تغطية كاملة لجلسات غسل الكلى. وشملت التعرفات الاستشفائية أيضاً تعديل بدل أتعاب الأطباء (k value) من 7500 ليرة إلى 375 ألفاً.
ولأن تمويل الوزارة هو نصف ما كان عليه قبل الأزمة، كان لا بد من تحديد من هم الأولى بهذه الزيادات، لذلك وقع الخيار على إعطاء الأولوية للحالات المرضية الأكثر خطراً، وتحديداً مرضى السرطان وغسل الكلى والقلب والمرضى العقليين والنفسيين، ومن ثم الولادات، لتأتي بعدها تغطية الحالات الباردة والأمراض التي لا تصنّف ضمن خانة الـ«life saving».
وفي ما يتعلق بآلية العمل، فهي تبدأ بتحصيل موافقة الوزارة مرفقة بتحديد قيم المبالغ المتوجبة على الوزارة والفروقات الواجب دفعها من قبل المريض. ويرسم هذا التفصيل خريطة التعامل المقبلة مع المستشفيات، بحيث تصبح الأمور واضحة لناحية الحد من التلاعب وتضخّم الفواتير. أقلّه هذ ما تراهن عليه الوزارة، بحسب المعنيين، اللهمّ إلا إذا ابتكرت المستشفيات صيغاً أخرى لتحميل المرضى فروقات جديدة، وهو ما سيظهر بعد التطبيق.