كتبت سناء الجاك في “نداء الوطن”:
تحكي الوقائع عن حالها مع تواصل التسريبات المتعلقة بزيارة المسؤول الأمني في “حزب الله” وفيق صفا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي حين تبقى ملتبسة فصول المباحثات بين صفا والمسؤولين الإماراتيين بشأن ملف الموقوفين اللبنانيين، ينبغي التوقف عند ما تردد عن شروط إماراتية تنفي صفة الوساطة عن “حزب الله” وتتطلب منه اعترافاً “بأنّه جند الموقوفين فعلاً بأعمال تجسّسية بموجب وثائق تحتفظ بها الإمارات”، و”بأن يتعهد كتابةً وتصريحاً بالامتناع عن مثل هذه الأعمال”.
كذلك ينبغي التوقف عند ما تردّد عن استعداد الحزب لترتيبات وقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني، بما يتوافق مع العرض الذي قدّمه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، لجهة تنظيم مسألة انسحاب “حزب الله” إلى شمال الليطاني، وإعلان المنطقة الحدودية على امتداد الخط الأزرق منطقة منزوعة السلاح بوجود عسكري يقتصر على قوات “اليونيفيل” والجيش اللبناني على أن يتم بعد وقف النار اتفاق على ترسيم الحدود البرية كما حصل في الحدود البحرية.
وتتقاطع هذه التسريبات مع تطورات على جبهة الجنوب اللبناني، إن لجهة رفض أهالي بلدة رميش استخدام أرضهم لعمليات عسكرية للحزب، أو لجهة رفع إسرائيل وتيرة إجرامها مع مجزرة جديدة بحق مسعفين في بلدة الهبارية، ومع مواصلتها استهداف قيادات الحزب وسع الأراضي اللبنانية والسورية.
ولا ينفع لدحض هذه الوقائع التركيز على خلافات الإدارة الأميركية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كذلك يبدو مثيراً للسخرية تركيز محور الممانعة على الهزائم التي مني بها نتنياهو وتردّي وضع حكومته مع الأزمات التي يعاني منها، والتي تدفعه للهروب باتجاه معركة رفح وارتكاب المزيد من المجازر واستكمال حرب الإبادة والتهجير لأهالي قطاع غزة.
كذلك لا ينفع الترويج لعجز إسرائيل عن توسيع عملياتها الحربية ضد لبنان، وتكرار فرمان قدرة الحزب على تدمير المستوطنات الشمالية الاسرائيلية، وإدخال أدوات جديدة في المعركة إذا لم يعد العدو الصهيوني إلى الوضعية التي كانت سائدة منذ الثامن من تشرين الأول الماضي.
وكأنّ العمليات الحالية لا تشكل خطراً على لبنان ولا تدمّر ولا تهجّر ولا تقتل بما فيه الكفاية، في حين لا تزال الأرقام المرتبطة بحجم الأضرار والخسائر في الجنوب غير دقيقة باعتبار أنّ الحرب لا تزال قائمة، وباعتبار أنّ “حزب الله” يفرض طوقاً أمنياً على المناطق المحروقة والمدمّرة كلياً بفعل الإجرام الإسرائيلي. لكن من الواضح أن آلاف الوحدات السكنية قد تضرّرت إما بالكامل أو جزئياً، عدا حوالي مئة ألف مهجّر. هذا بالإضافة إلى تداعيات كبيرة على معظم القطاعات.
بالتالي فإنّ “حرب المشاغلة” لدعم حركة “حماس”، لم تنفع ولم تؤدّ المرتجى منها مع انتظار ساعة الصفر لمعركة رفح، ما يعني أنّ سوء تقدير “حزب الله” لمسار ما بعد عملية “طوفان الأقصى” بات غير قابل للترميم والتجميل. فلا تمّت المساندة ولا نفعت المشاغلة.
هذا عدا مطبّات الملف الداخلي اللبناني التي باتت ترتفع وتيرتها بشكل ربما لا يمكن تداركه إذا ما “فلت الملق”. فالمعطيات تشير إلى مزيد من الرفض المسيحي لاستفراد الحزب بقرار الحرب والسلم وسيطرته الكاملة على استحقاق رئاسة الجمهورية. والحزب لا يمكنه تجاهل مثل هذا التطوّر.
بالمختصر المفيد، ما يحصل مع الحزب المصادر سيادة لبنان لمصلحة إيران، لا يشير إلا إلى فضائح “بجلاجل” (أجراس) وبالجملة.
ولا يعني ذلك أن الفرج بات قريباً. فكل هذه الفضائح سيتمّ تدويرها وتحويرها وتحويلها إلى مكاسب، إذا ما أعطى الحزب في الخارج وأخذ في الداخل.. حينها لا ينفع أن نسأل لمن تقرع “الجلاجل”؟؟