IMLebanon

عبد الساتر: الربّ يحضنا على الخروج من حساباتنا الضيقة

احتفل رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر، بمناسبة احد القيامة بالقدّاس الإلهي في كاتدرائيّة مار جرجس – بيروت، عاونه فيه النائب العام المونسنيور اغناطيوس الأسمر والخوري جورج قليعاني والأب أنطوان بو عبود الأنطوني، بحضور النائب نديم الجميّل، الرئيسة العامّة للراهبات الأنطونيّات الأم نزهة الخوري ، مديرة المستشفى اللبناني الجعيتاوي الجامعي الأخت هاديا أبي شبلي وعدد من الراهبات، ورئيس المجلس العام الماروني ميشال متّى وعدد من أعضاء المجلس وحشد من الفاعليات الاجتماعيّة والمؤمنين.

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد الساتر عظة جاء فيها: “أتين إلى القبر مع طلوع الشمس (…) فقال لهنّ: ألا اذهبن …” (مر ١٦: ٢ و٧)

إنَّه الأحد، أولُ أيام الأسبوعِ الجديدِ بعد أسبوعِ الخيانةِ والصلب والألم والموت. إنه بدايةٌ جديدة لزمنٍ جديد فيه تُشرقُ الشمسُ على عكسِ يومِ الجمعةِ الفائت الذي غابت فيه الشمس في غيرِ حينها وخيَّم ظلامٌ على الأرض كلّها (مر ١٥ : ٣٣). إنه يومُ الحياة والنور، على عكسِ يوم الموت والعتمة. إنه يومُ غَلبةِ الخير والحبّ والحقِّ على الشرّ والقهرِ والموت”.

اضاف: “والثلاثُ نسوةٍ اللواتي أتينَ القبر هنَّ نفسُ النسوة اللواتي كنَّ يراقبن صلبَ يسوع عن بُعدٍ (مر ١٥ : ٤٠). وكأنَّ مرقسَ أراد بذلك أن يؤكدَ الترابطَ الأساسيَّ ما بين الصليب والقيامة. أراد أن يتيقَّنَ الجميع أنه بعد الصليب والموت هنالك القيامةُ والحياةُ حتمًا. وسألتِ النسوة عمّن سيدحرج لهنَّ الحجرَ عن باب القبر، هذا الحجر الذي وضعه رؤساء الكهنة ورؤساءُ الشعبِ ليُبقوا الميت ميتًا ويُنهوا قصة من ادعى أنَّ الله أبوه؟ (راجع يو ١٠: ٣٣ و٣٦). ويذكر الإنجيلي مرقس أنَّ الحجرَ كان “كبيرًا جدًا” ليؤكدَ أنَّ لا إنسانَ يستطيعُ أن يُحرِّكَه”.

وتابع: “اللهُ الآب هو الذي دحرج الحجرَ وفتح القبرَ للحياة وانتصر على الموت الذي لم يعُد له بيتٌ يُقيم فيه. والله الآبُ هو أيضًا الذي أفرغَ هذا القبرَ من ساكنه بالقيامة فأظهر بذلك أوّلًا مدى حبِّه للابن الوحيدِ ومدى قوةِ رباطِ البنوَّةِ والأبوَّةِ الذي يجمع بينهما. أتت النساء إلى القبر، إلى مكان العتَمَةِ والموت والنجاسةِ ليطيِّبنَ جسدَ الرّب فيُظهرن بذلك محبتهن له. فإذا بالقبر الذي فتحه الله الآب فارغًا وقد تحوّل إلى مكان للنور وللحياة ولعدم الفساد. وكذلك قبورنا بعد القيامة فهي تتحوَّل إلى “بيت الأحياء”. وها هو الابن الحيّ يلاقيَهن ليعزيَهن ويرسلَهنَّ ليبشرن بقيامته”.

وختم عبد الساتر: “جاءت النسوة باكرًا إلى مكان الموت والحزن فغادرنه فرحات ومرسلات يبشّرن بيسوع القائمِ من الموت. ونحن، المسيحيّين والمسيحيّات في لبنان، الذي يبدو لنا وكأنّنا نعيش في مكان الموت حيث المستقبل المتلبّد والوضع الاقتصادي الصعب والقلق من حرب مدمّرة، الربّ يلاقينا ويدعونا كلَّ يوم، إلى أن نتذكّر أنّ القبر صار فارغًا وأنَّ لا قدرة للموت علينا. إنّه يحضّنا على الخروج من خوفنا وتعصّبنا وحساباتنا الضيّقة لنذهب إلى الآخر المختلف عنَّا وإلى الأطراف لنبشّر بقيامته، وبحبّ الله الآب لكلِّ إنسان، ولنعمل بفعل الله الروح فينا، على وضع الحياة حيث الموت، والفرح حيث الكآبة والرجاء حيث اليأس والإقدام حيث الخوف. وإذا لم نفعل ذلك فلا نعود جماعة القيامة”.