جاء في “الشرق الأوسط”:
تجدد التصعيد العسكري بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي على جبهة جنوب لبنان، واستأنف الحزب إطلاق الطائرات المُسيّرة باتجاه أهداف عسكرية إسرائيلية، غداة استهداف المراقبين الدوليين في جنوب لبنان، مما دفع «الأمم المتحدة» للتنديد به، في موازاة احتفالات مسيحيي الجنوب بعيد الفصح، ومطالبهم بتحييد قراهم في القتال الدائر.
وقال رئيس الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، دينيس فرنسيس، الأحد، إن استهداف قوات حفظ السلام، التابعة للأمم المتحدة، السبت، في جنوب لبنان، «غير مقبول على الإطلاق»، ويتعارض مع مبادئ القانون الدولي. وعبّر فرنسيس، على حسابه بمنصة «إكس»، عن قلقه العميق إزاء حادثة إصابة 3 مراقبين عسكريين ومترجم لبناني، أثناء مرور دورية لـ«اليونيفيل» على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
ولا تعد تلك الحادثة الأولى من نوعها منذ بداية الحرب، فقد تعرضت قوات حفظ السلام لهجمات عدة، خلال الأشهر الستة الماضية، وأصيب ثلاثة من قوات حماية السلام، في الماضي، كما تعرضت قواعد «اليونيفيل» للقصف أكثر من مرة.
قصف أكثر دموية
وتزامنت الحادثة مع تصعيد لافت، خلال الأسبوع الأخير، أسفر عن مقتل أكثر من 20 شخصاً في لبنان. وقال المتحدث الرسمي باسم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل»، أندريا تيننتي، الأحد، إن التصعيد على الحدود لم يكن على وتيرة واحدة.
وأوضح، في حديث، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «لاحظنا، في الفترة الماضية، أن القصف أكثر عنفاً ودموية، وكررنا، في أكثر من تصريح، أن هذه التطورات مقلقة جداً، وأن هذا التصعيد قد يؤدي إلى اندلاع صراع أكبر بكثير، لذا نحن نعمل مع أصحاب المصلحة والقرار لتهدئة الأوضاع؛ على أمل أن تتمكن الأطراف المتصارعة من الوصول إلى حل سياسي أو دبلوماسي».
وقال تيننتي: «لا مجال لحل عسكري يتسبب في صراع أكبر لا يرغب فيه أحد». وأمل في حدوث تقدم بموقف الطرفين لوقف إطلاق النار والتحرك في مسار التفاوض.
مسيحيو الجنوب
وكرّر مسيحيون في جنوب لبنان مطالبهم بالبقاء على الحياد في المعركة القائمة بين «حزب الله» وإسرائيل؛ تجنباً لأن يتكلفوا خسائر فادحة تترتب على أي رد إسرائيلي على قراهم.
ونقلت «رويترز» عن سكان بلدة رميش؛ التي احتفلت بأول عيد فصح يحل منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، قولهم إن المواجهة التي بدأت بالتزامن مع تلك الحرب تجرُّهم إلى صراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل.
ومثل كثير من المسيحيين في مناطق أخرى بجنوب لبنان، يتملك السكان الغضب، ويشعرون بالخوف من أن تقع منازلهم في مرمى إطلاق النار، مما يجبر أُسرهم على الفرار من قرى أجدادهم قرب الحدود مع إسرائيل.
وقال أحد سكان رميش (40 عاماً)، بعد أن طلب عدم ذكر اسمه لأنه يخشى مغبّة انتقاد جماعة «حزب الله»: «لا شأن لنا بهذه الحرب، هل يريد (حزب الله) تشريدنا؟».
وقبل أيام، دخل أحد سكان رميش في مواجهة مع مجموعة من المسلّحين حاولت إطلاق صاروخ صوب إسرائيل من داخل البلدة. ويقول رئيس البلدية ميلاد العلم، وسكان في رميش، إن بعض سكان البلدة دقوا أجراس الكنيسة للتحذير، وانتقل المسلّحون لإطلاق الصواريخ من حي آخر. ونفت جماعة «حزب الله» أن يكون مقاتلوه قد حاولوا إطلاق صواريخ من رميش. وقال جوزيف سلامة، وهو مسؤول محلي ببلدة القليعة: «الحمد لله إننا في داخل القرية لم نتعرض لقصف، لكننا تأذينا حول القرية. يصل القصف إلى مسافة 500 أو 600 متر، وطالت القذائف أرزاقنا وتلفت بالكامل».
زيادة وتيرة القصف
وزاد الطرفان وتيرة القصف، وفي حين استهدفت مُسيّرة إسرائيلية سيارة في بلدة كونين اللبنانية، مما أسفر عن مقتل سائقها، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن صافرات إنذار دوّت في الجولان المحتل؛ بقعاثا ومجدل شمس وعين قينيا، كما سُمع صوت انفجار في المنطقة ناتج عن انفجار طائرة مُسيّرة.
ولاحقاً، تبيَّن أن الانفجارات من مواقع مزارع شبعا القريبة، حيث أفاد «حزب الله» بأن مقاتليه نفذوا «هجوماً جوياً بمُسيّرات انقضاضية على مربض مدفعية برختا المستحدث وانتشاراً لجنود العدو في محيطه في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، وحققت فيهما إصابات مباشرة»، وفق ما جاء في بيان أصدره الحزب.
وقال الحزب، في بيانات أخرى، إن مقاتليه استهدفوا ثكنة راميم بقذائف المدفعية، وأصابوها إصابةً مباشرة، كما استهدفوا موقع المالكية بصواريخ «بركان»، وأصابوه إصابة مباشرة. كذلك استهدف مقاتلو الحزب موقع زبدين في مزارع شبعا بقذائف المدفعية، وموقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا، فضلاً عن استهداف «التجهيزات التجسسية المستحدَثة في نقطة الجرداح بالأسلحة المناسبة وجرى تدميرها»، وفق ما أفاد الحزب.
وفي المقابل، استهدف الجيش الإسرائيلي بلدة كفركلا بعدد من قذائف الهاون ورشقات رشاشة غزيرة من مستعمرة المطلة، كما طال القصف المدفعي بلدة الخيام، ووادي السلوقي، في حين استهدفت غارة جوية ببلدة رب ثلاثين منزلاً وسوّته بالأرض.