طالب رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بـ”وقف إطلاق النار في جنوب لبنان وفصل الأمور عن مجريات الحرب في غزة”، داعيا إلى “التفاهم على رئيس للجمهورية لملء الشغور، من باب أن أحدا لا يستطيع فرض شيء على أحد في لبنان”. ودعا إلى “التكاتف في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد وتشهد انهيارا غير مسبوق”.
وكرر في حديث إلى “الأنباء الكويتية”، تأكيد “الوقوف خلف المقاومة في التصدي لهجوم إسرائيلي على لبنان، ورفض في الوقت عينه موقف حزب الله بالمشاركة في حرب غزة، في ظل غياب الإجماع الوطني الداخلي”.
في جردة سريعة على الخسائر جراء قرار الحزب المشاركة في الحرب، عرض “لتدمير 700 منزل بالكامل في القرى والبلدات الحدودية، وتضرر 5 آلاف منزل بشكل جزئي، وسقوط شهداء بالمئات”، متناولا ميزان الربح والخسارة لجهة الخسائر في الأرواح والممتلكات، والأهم من ذلك “كسر معادلات كانت قائمة في مصلحة لبنان قبل السابع من تشرين الأول”.
وأشار إلى أنه “من الواضح أن حزب الله لا يريد حربا كبرى مع إسرائيل، وهذا موقف مقدر وجيد، إلا انه في المقابل فقد امتلاك زمام القرار بوقف الحرب، فأصبح الأمر في يد إسرائيل”.
وسأل: “كرمى لمن حدث ذلك؟ كرمى لـ (يحيى) السنوار او لتحرير القدس؟”.
ودعا إلى “وقف لإطلاق النار في جنوب لبنان بمعزل عن غزة”، متمنيا على “الدول المعنية مساعدتنا في تحقيق ذلك”، ولم يشأ الربط بين “وقف إطلاق النار وتمرير الاستحقاق الرئاسي”، إلا أنه قال: “في كل الأحوال يجب إجراء الاستحقاق الرئاسي”. وأكد باسيل “التواصل مع حزب الله على أرفع المستويات، كذلك أكد التواصل إلايجابي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وإن كان حث الأخير على مجاراته في السعي إلى فصل الملف الداخلي اللبناني عن الحرب في غزة”.
وشدد على “عدم إضاعة الوقت في ترتيب أوراق الاستحقاق الرئاسي بعناوين مثل الحوار وغيره، ما يطيل أمد الفراغ. ورحب في المقابل بأي جهد داخلي تحت أي مسمى، كالتشاور وغيره”.
وبشأن البحث في الاستحقاق الرئاسي مع الرئيس بري، قال باسيل: “نتحدث بالعناوين العريضة، ومن المؤكد أن هذا الأمر غير كافٍ”. ورأى أن “لا شيء يحول دون الوصول إلى تفاهم على اسم مرشح للرئاسة”، عارضا “في الوقت عينه خيار القبول بنتائج التصويت في المجلس النيابي”. وطالب الرئيس بري “الحريص على الاتفاق على مرشح رئاسي يرضى به الفريق المسيحي، الأخذ في الاعتبار مراعاة المسيحيين مما تقوم به حكومة تصريف الأعمال في غياب رئيس الجمهورية”.
وأبدى باسيل كل استعداد للنقاش جازما بالوصول إلى التوافق على اسم مرشح رئاسي، ومقللا مما تردد حول تفضيله لمرشح معين على حساب مرشح آخر، ورافضا في الوقت عينه الكلام عن انتصار شخصي باستبعاد الثنائي فرنجيه ـ عون “لأن الموقف ليس بالشخصي، ولو كان كذلك لاقتضت مصلحتنا دعم سليمان فرنجيه لأنه الأنسب لنا، لكننا نتطلع إلى إصلاح كبير لن يحصل في ظل نظامنا الحالي”، داعيا إلى “الانطلاق من (اتفاق) الطائف وليس تغييره”.
وحذر من رهانات فريقين في البلاد على نتائج حرب غزة، “الأول للانتصار في الحرب (ولم يخف استبعاده بشكل منطقي تحقيق ذلك) لفرض مرشحه، والثاني يعول على تغيير موازين في الحرب “يعتقد خاطئا أنها ستصب في مصلحته، فيسعى تاليا إلى فرض مرشحه”، وكرر مطالبة الرئيس بري بالسعي في هذا المجال “لتجنيب البلد مزيدا من الضرر جراء استمرار ربط الجبهة اللبنانية بالحرب في غزة”.
في الملف المسيحي الداخلي، عرض لتعويل “التيار” على اجتماعات بكركي، قائلا: “إن موقفه لم يتبدل ويعرفه البطريرك الماروني جيدا، وتحدث عن خطر وجودي يهدد الكيان اللبناني ويطول المكون المسيحي فيه. وسأل: “ألم يتعلموا أن السكوت أو القبول بأشياء تطولنا سيعود بالضرر عليهم كما حصل في 1990، يوم أطيح بالعماد ميشال عون (رئيس الحكومة العسكرية وقتذاك)، وأصابهم بعدها ما يعرفه الجميع من أوسع ضرر؟”، وذكر أن “التيار لم يتمكن من جمع توقيع 26 نائبًا لتقديم عريضة ضد حكومة تصريف الأعمال وتجاوزاتها، وقد صرفنا النظر عن الفكرة”، وشدد على “وضع خطة عمل لتنفيذ الوثيقة الجاري العمل عليها في بكركي، محملا مسؤولية إفشالها من يسعى إلى ذلك”.
عن مسؤولية التيار في إفشال اتفاق معراب مع “القوات”، قال: “هذا من ضمن الدعاية الكاذبة التي تسوق ضدنا. جوهر الاتفاق الأساسي قيام الكتلتين النيابيتين العائدتين للتيار والقوات بإنجاح العهد. وقد نص الاتفاق على تقاسم للحصص بمعزل عن إدخال رئيس الجمهورية طرفا. وقد ضربت القوات الجوهر بالوقوف ضدنا وضد الرئيس في مجلس الوزراء، وتوجت مهمتها بالانقلاب على رئيس حكومة العهد”. وسأل: “هل يستحق عدم نيلهم عضوا إضافيا من حصتهم في مجلس إدارة كازينو لبنان إفشال العهد؟”.
وخلص إلى العلاقة مع “القوات” بالقول: “لن نبني على تجارب الماضي معهم، لأنها لن تنتهي. والتيار معروف باحترام مواقفه وعدم الطعن والانقلاب على الاتفاقات التي يعقدها”.
وعن زيارة محتملة يقوم بها إلى الدوحة تلبية لدعوة قطرية، قال: “لا برنامج للزيارة، والأفضل انتظار الوقت المناسب لتحقيق فائدة منها”. وتناول الدور القطري قائلا: “إذ يتكلمون مع الجميع ويريدون المساعدة والاستثمار في لبنان. ولهم تجربة ناجحة في مؤتمر الدوحة 2008، والمساعدة منهم ومن الآخرين مرغوبة، مساعدة لتحقيق تفاهم بين اللبنانيين، وليس فرض أسماء عليهم في الاستحقاق الرئاسي وغيره”.
وفي ما يتعلق بتمدد ظاهرة اليمين المتطرف في “التيار”، لفت إلى أن “التيار يضم كل التوجهات الفكرية والاقتصادية والثقافية. لكن لا خلاف على الثوابت والمبادئ، ولا تطرف فيه، بل مواقف ردا على من يدفع بالمسيحيين إلى التطرف”.
وبالنسبة إلى سقف العمل السياسي لـ “التيار” في المرحلة المقبلة بعد وصول رئيسه المؤسس العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية في 2016، قال: “العماد ميشال عون توج مسيرته النضالية الطويلة بالوصول إلى موقع الرئاسة، إلا انه حقق أبرز إنجازاته قبل بلوغ سدة الرئاسة، حيث تجمعت عليه كل الظروف لضرب عهده، يوم كان الجنرال المحرر للبلاد. وللتيار الكثير ليقدمه ومسيرتنا لا تنتهي”.