كتب عبد الفتاح الخطاب في “اللواء”:
انخفض التمويل الأجنبي ومداخيل الإعلانات بشكل كبير، وهما المصدران الماليان الرئيسيان للإعلام المطبوع في لبنان، منذ أطلقت دول الخليج قنواتها وشبكاتها التلفزيونية ووسائلها الإعلامية الخاصة، وكذلك بسبب ارتفاع تكاليف الطباعة في لبنان، وأيضاً غيرها من الأسباب (وعلى رأسها استنكاف الناس عن القراءة بشكل عام)، مما أدّى إلى إغلاق العديد من دور الصحف اللبنانية، أو اختصار عدد صفحات المطبوعة.
ومنذ العام 2011، وعلى التوالي، تمّ إغلاق «دار ألف ليلة وليلة للنشر والتوزيع» التي تضمّ جريدة «البيرق» ومجلّتَي «مونداي مورنينغ Monday Morning» و«ريفو دو ليبان La Revue du Liban» لصاحبها ملحم كرم (2011)، وإغلاق مجلة «الأسبوع العربي» لصاحبها جورج أبو عضل (2014)، وإغلاق «مؤسسة أبو ذر الغفاري للطباعة والإعلام» التي تضمّ مجلة «الكفاح العربي» ومجلّتَي «استراتيجيا» و«فن» لصاحبها وليد الحسيني (2015)، وإغلاق مجلة «الحوادث» لصاحبها سليم اللوزي (2016)، وإغلاق جريدة «السفير» لصاحبها طلال سلمان (2016)، وإغلاق جريدة «الاتحاد» لصاحبها مصطفى ناصر (2017).
ثم توالى إغلاق «دار الصياد» التي ضمّت جريدة «الأنوار» ومجلات «الصياد» و«الشبكة» و«فيروز» و«الدفاع العربي» و«الفارس» لصاحبها سعيد فريحة (2018)، وإغلاق جريدة «صدى البلد» (وتُعرف باسم «البلد») التي تصدر عن شركة الوسيط الدولية (2018)، وإغلاق جريدة «الحياة» لصاحبها كامل مروة (انتقلت ملكيتها إلى الأمير خالد بن سلطان) (2018)، وإغلاق جريدة «المستقبل» الناطقة باسم «تيار المستقبل» التي تصدر عن «الشركة العربية المتحدة للصحافة» (2019)، وإغلاق جريدة «ذي ديلي ستار The Daily Star» لصاحبها كامل مروة (2020).
ومؤخراً، إغلاق جريدة «نداء الوطن» التي تصدر عن «الشركة الحرة للإعلام» (اشترى امتيازها ميشال مكتّف) (2024).
بعد قرن ونصف من عطاء الصحافة اللبنانية، تُعاني الصحافة الورقية وتحتضر، وتأتي مصروفات وتكاليف بعض الصحف الورقيّة المُستمرة بالصدور «من اللحم الحيّ»… أعان الله القائمين على هذه الصحف ويسّر لهم سُبُل الصمود والاستمرار والبقاء، وتحيّة تقدير لهم.
وفي ظل غياب الدولة التام، وعدم جدوى نقابة الصحافة والقائمين عليها، فإن التعويل يقع على عاتق المُهتمين بوسائل الإعلام، والمُعلنين، والمُشتركين في المطبوعات، والقرّاء المُدمنين على شراء الصحف الورقية، أن يُساهموا في صمود الصحف اللبنانية الورقية واستمرارها، وإلّا سنصل يوماً ما إلى القول بأسفٍ وأسى… وداعاً للصحافة الورقية!