كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الاوسط”:
جاءت التهديدات التي أطلقها الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله في خطابه الأخير في مناسبة «يوم القدس العالمي»، لتزيد من رفض قسم كبير من اللبنانيين للمسار الذي اتخذه عبر فتح جبهة الجنوب إثر انطلاق عملية «طوفان الأقصى»، ولا سيما أنه أكد موقفه السابق بربطه جبهة الجنوب بجبهة غزة.
وفي حين عدّ البعض أن الخطاب حمل لهجة تصعيدية، رأى البعض الآخر أنه لم يخرج عن السياق العام الذي اعتاد عليه نصر الله منذ بداية الحرب، لكن يبقى تأكيده على ربط الجبهتين ووقف إطلاق النار في الجنوب بوقفه في غزة يلقى رفضاً واسعاً حتى من بعض الذين يدافعون عن سلاحه كحليفه السابق رئيس «التيار الوطني الحر» الذي شنّ هجوماً جديداً عليه، قائلاً: «من يعدّ أنه يستطيع أن يتحكم بالمواطنين وبنفس الوقت يريد الفوز على إسرائيل فهو واهم». وقال باسيل، في إفطار في جبيل بعد ساعات قليلة من خطاب نصر الله: «نحن لسنا مضطرين إلى أن نبقى مرتبطين بالحرب في غزة، ولا ندرك متى تنتهي، ولا ما هي انعكاساتها ونتائجها على لبنان»، مضيفاً: «أتفهم أن نقوم بالحرب لصالح لبنان، ولكن أن نقوم بحروب ليست لصالح لبنان فهذا ما لا يمكن أن أتفهمه».
ويجمع المحللون على أن خطاب نصر الله لم يخرج عن السقف المعتاد والتأكيد على أن الحزب سيبقى في موقع الدفاع. وهو ما أشار إليه المحلل السياسي المقرب من الحزب، قاسم قصير، واصفاً الخطاب بأنه «خطاب تصعيد، لكن بهدف الردع، وليس الهجوم». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حذّر نصر الله من أن أي هجوم على لبنان سيواجه بقوة موجهاً في الوقت عينه رسائل للداخل والخارج أن الحزب مستمر في المعركة حتى وقف إطلاق النار في غزة»، وأكد في المقابل أن الردّ الإيراني على قصف القنصلية في دمشق سيأتي.
من جهته، يرى المحلل السياسي، المعارض لـ«حزب الله» علي الأمين، أن نصر الله «لم يخرج فوق سقف المواجهة الجارية، أي عدم التوسع في الحرب». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «عكس خطاب الأمين العام لـ(حزب الله) حال الميدان، وهو الذي لطالما أكد أن الكلمة للميدان، وما كشفه الميدان على مستوى المواجهة بين (حزب الله) وإسرائيل أو المواجهة بين إسرائيل ومحور الممانعة في لبنان وسوريا هو أن إسرائيل تمتلك المبادرة في الميدان، كإنهاء قواعد الاشتباك السابقة».
من هنا، يعدّ الأمين أن «نبض الخطاب غير تصعيدي ودفاعي أكثر منه هجومي، وبعد استهداف القنصلية الإيرانية كما قبلها بالنسبة لـ(حزب الله)، أي أن السير تحت سقف عدم الانجرار إلى حرب مفتوحة أو ممتدة في الإقليم». ويرى أن نصر الله تطرق إلى الرد الإيراني على استهداف القنصلية في دمشق، «لكنه لم يكن في موقع تقدير هذه الضربة أو حجمها».
ولا تختلف مقاربة مسؤول الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية»، شارل جبور، الذي يصف الخطاب بـ«المكرر»، عادّاً أنه «موجه إلى بيئة (حزب الله) من خلال وعود نصر الله بانتصارات مستقبلية، لكون الحاضر الذي يعيشه الحزب ومكونات الممانعة ورأس الأذرع الإيرانية في مأزق كبير بفعل الحرب وهم الذين كانوا قد وعدوا بأنهم يستطيعون إزالة إسرائيل خلال أيام». ويقول جبور لـ«الشرق الأوسط»: «أراد نصر الله كما في كل خطاباته حرف الأنظار عن الواقع الذي أظهرت فيه الحرب أن هناك تفاوتاً كبيراً بين قدرات إسرائيل والمحور الإيراني وعدم جرأته على الدخول جدياً في المواجهة، وبالتالي لذلك يتحدث عن مستقبل لا أحد يستطيع تقديره، إضافة إلى أن هذا الفريق بات في موقع الدفاع بعدما كان في موقع الهجوم».
ويتوقف جبور أيضاً عند تأكيد نصر الله أن الحرب في الجنوب مستمرة ما دامت الحرب في غزة مستمرة، «وهذا ما نعدّه خطيئة. والحزب يتحمل مسؤولية الدمار والخراب والتهجير والموت بسبب الإصرار على الاستمرار بحرب مرفوضة من قبل اللبنانيين، وتشكل انتهاكاً لسيادة لبنان».