كتبت ميريام بلعة في “المركزية”:
في حمأة الانشغال في الحرب الدائرة في الجنوب على وقع التصعيد تارةً والتهويل بحرب شاملة طوراً، وفي غمرة الغوص في تداعياتها المباشرة وغير المباشرة على الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد، أحكمت يد الغدر قبضتها على البقعة الجغرافية الأخرى من لبنان والتي اعتبرت نفسها في منأى عن الصواريخ الإسرائيلية وفي مأمَن عن غدر يطال الأرواح مقتلاً… فزعزت أمنها الاجتماعي حتى بات لبنان كله من أقصى جنوبه إلى أقصى شماله مثيراً للقلق والخوف والتوجّس من آلات القتل والجريمة، ولو تعدّدت ألوانها واختلفت مصادرها…
هذا الواقع النازف من خاصرَتَيه ألماً وذعراً، أصبّ زيت الإرباك على نار الجمود القاتل سياسياً ودستورياً واقتصادياً ومالياً… حتى بات السؤال هل لا يزال الأمل في قيامة الاقتصاد وبالتالي البلاد قائماً على أسس العزيمة ورغبة العيش؟!
بُعَيدَ عيد الفصح وعشيّة عيد الفطر فُجِع اللبنانيون بجريمة قتل المغدور باسكال سليمان، فاهتزّت أسس السلم الأهلي وقضّ الخوف كل منزل وقرية، ما دفع بالعديد من اللبنانيين العاملين في الخارج والمغتربين كما السيّاح العرب والأجانب، إلى التفكير ملياً قبل المجيء إلى لبنان في موسم الصيف المقبل!… مع الإشارة إلى أن تطويق الحادثة أمنياً والدعوات إلى الحكمة والوعي في مقاربة الأمور، انعكست هدوءاً في النفوس وبالتالي لم تتأثر حركة السفر من لبنان وإليه، بل حافظت حجوزات الطيران على جدولتها من دون أي تعديل يُذكر، بحسب ما يؤكد نقيب أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود لـ”المركزية”، مشيراً إلى أن “حركة مطار بيروت الدولي لا تزال طبيعية ومنتظمة”.
هذا الفلتان الأمني الخطير الذي برزت مخالبه جلياً في الأمس مع مقتل المغدور سليمان، “أحدث حالاً من التشنّج والإرباك في صفوف اللبنانيين عموماً وحالاً من “النقزة” والترقّب في أوساط الاستثمار والاقتصاد والمال” بحسب ما يقول رئيس دائرة الأبحاث الاقتصادية والمالية في “بنك بيبلوس” الخبير المالي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل لـ”المركزية”، “لكنّ التحلي بالمسؤولية والوعي اتجاه عدم التصعيد نفّسَ نوعاً ما الاحتقان مما ساعد ويساعد على استيعاب الواقعة الأليمة بحكمة وهدوء”.
ويتوقع غبريل “مجيء جميع اللبنانيين المغتربين إلى لبنان لتمضية عطلة عيد الفطر مع ذويهم، من دون تسجيل أي إلغاء للحجوات” بفعل عامل التهدئة الذي تحدّث عنه آنفاً.
لكنه يسلّط الضوء على “الصورة الأكبر” على حدّ وصفه، المتمثلة “بموسم السياحة والاصطياف الذي أصبحنا قاب قوسَين منه، علماً أن موسم السياحة خلال العام 2023 امتدّ على مدار السنة صيفاً وشتاءً، على رغم أن الذروة سُجلت في حزيران وتموز وآب. نحن الآن نقترب من هذه الفترة، فهل ستكون أعداد القادمين كبيرة هذا الموسم كما في العام الفائت؟! صحيح أن كانون الأول 2023 لحظ وصول عدد كبير من المغتربين على عكس التوقعات، وتصميمهم على تمضية الأعياد في لبنان… هل هذه الإرادة والتصميم لا يزالان قائمَين للاستفادة من فصل الصيف المقبل في لبنان إذا ما استمرّ الوضع الأمني على حاله؟!”.
لا جواب على هذا السؤال حتى اللحظة… القطاع الخاص كعادته عند اشتداد الأزمات، يبقى في حالة ترقّب لتطورات الوضع جنوباً من جهة، وضبط الساحة الداخلية من الفلتان المستشري من جهةٍ أخرى، لتخمين مشهديّة حركة السياحة والاصطياف لهذا العام…