كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
يجسّد مخيم المية ومية في منطقة صيدا حال المخيمات الفلسطينية في لبنان، مع دخول العدوان الإسرائيلي على غزة شهره السابع لجهة الانخراط في معركة طوفان الأقصى، فالمخيم الأصغر من حيث المساحة وعدد السكان قدّم تضحيات ودماء في المعركة التي شاركت فيها بعض الفصائل الفلسطينية، وتحديداً حركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» للمرة الأولى انطلاقاً من جبهة الجنوب اللبناني.
المخيم الواقع على كتف صيدا على تلة بارتفاع أكثر من 150 متراً، أُنشئ عام 1954 ويبلغ عدد سكانه نحو 6 الآف نسمة، وهو يجاور مخيم عين الحلوة ويبعد نحو 4 كم عن المدينة، وعن فلسطين نحو 67 كم، ولا تزيد مساحته عن 0.5 كم مربع، وقد استأجرت «الأونروا» أرض المخيم التابع لبلدة المية ومية المسيحية وسُمي المخيم باسمها.
في الآونة الأخيرة، خطف المخيم الأضواء بعدما قدّم إثنين من أبنائه المقاتلين هما: وليد أحمد حسنين ومحمد باسم عزام، وقد نعتهما «حماس» على غرار مقاتلين آخرين سقطوا من مخيمي عين الحلوة والرشيدية وسواهما. وقبل، قدّمت «الجهاد» عدداً من عناصرها من المخيم.
وتقول الحاجة هيام والدة محمد عزام لـ»نداء الوطن»، وهي تحتضن صورته وإلى جانبها حفيدها عمر (ولده الصغير): «لا يغيب عن مخيلتي أبداً، صعب جداً الفراق، ولكنها ضريبة الدفاع عن القضية الفلسطينية وعن حق العودة»، مشيرة إلى أنه «كان معلّقا بقلبه وعقله بفلسطين ويتابع تفاصيل أخبارها والمجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الأبرياء في غزة».
يسود الصمت المنزل لبرهة، تحاول الحاجة هيام تمالك نفسها وتحبس دمعة في عينيها ولكنها سرعان ما تردف وتقول: «نفتخر أنه سقط في سبيل فلسطين وعلى طريق المقاومة. لقد رفعنا رؤوسنا، والله يجعلني من الصابرين».
إنقلبت الحياة رأساً على عقب منذ العدوان على غزة وقد دخل شهره السابع، المخيم الهادئ والصامت حتى الملل، لم تتوقف فعاليات التضامن من مسيرات واعتصامات ووقفات احتجاجية، وفي المشاركة في التحركات الأخرى في المدن اللبنانية الكبرى مثل صيدا وبيروت وغيرهما.
ويقول مسؤول العلاقات السياسية لـ»حماس» في المخيم «أبو عمر» رفيق لـ»نداء الوطن»، إنّ «فصائل الفلسطينية السياسية وأبناء المخيم يفتخرون بهذا العمل. كل ذلك يؤكد على إرادة الشعب الفلسطيني وتمسّكه بخيار المقاومة، والمخيم وباقي المخيمات الفلسطينية في لبنان جزء لا يتجزأ من معركة الدفاع عن فلسطين، الأنظار ستبقى شاخصة إلى هناك والنصر حتمي وقريب».
وقد انخرطت «حماس» و»الجهاد الإسلامي» في العمليات العسكرية انطلاقاً من الجنوب اللبناني للمرّة الاولى علناً منذ بدء التصعيد، وتسلّل مقاتلوها خلف الخطوط الإسرائيلية واشتبكوا مع جنودها مباشرة، أو هاجموا مواقعها العسكرية على الحدود، أو قصفوا المستعمرات في الجليل الأعلى، وفقدوا اكثر من 30 شخصاً في سبيل ذلك.