كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
على الصفة التي ستوضع إلى جانب إسم المغدور باسكال سليمان اختلفوا. لكن وإن تعددت الصفات النتيجة واحدة: رحل باسكال وصار صورة مؤطرة في منزل كان يملأه فرحا وحنانا. فمن التالي؟
السؤال مطروح ومشروع إذا سلمنا جدلا بأن الجريمة غير موصوفة والهدف منها سرقة سيارة سليمان وفقا لما توصلت إليه التحقيقات الرسمية التي تجريها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني. لكن مجرد أن تكون هذه “العصابات” السورية وصلت إلى مناطق في عرين كسروان وجبيل وتغلغلت بين البيوت وداخل الأحياء السكنية لتصطاد الآمنين الأبرياء وتقتلهم بهمجية بهدف “السرقة” فهذا يعني أن أزمة النزوح تخطت كل الخطوط الحمراء ولم يعد شعار ضبط النفس ينفع .
بعد ساعات من العثور على جثة منسق منطقة جبيل في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان فجر وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين قنبلة كلامية حيث قال أن “الأمن في لبنان غير ممسوك، وهناك 20 ألف مسلّح داخل المخيمات “بينطلبوا” عند ساعة الصفر”. فهل دقت الساعة للبدء بتنفيذ خطة إعادة النازحين السوريين في لبنان؟
المنسق العام ل”الحملة الوطنية لإعادة النازحين السوريين” النقيب مارون الخولي لا يستغرب كلام شرف الدين خصوصا أن الملف الذي يحمله ويطوف به في دول القرار منذ حوالى العام وحتى اللحظة لم يحصد إلا الوعود، في حين أن التنفيذ على الأرض “صفر”. ويوضح لـ”المركزية” أن السلاح الموجود في مخيمات النازحين السوريين مصدره إما من سوريا أو تركيا أو لبنان. وهناك حوالى 200 ألف نازح من أصل 500 ألف من الفئة العمرية التي تراوح بين 18 عاما و40 خضعوا للتجنيد الإجباري في سوريا والغالبية من هذه الفئة دخلت بعد العام 2015 إلى لبنان بسبب الأوضاع الإقتصادية المتردية في سوريا وليس هربا من آتون الحرب .
أيضا يشكل الهاربون من التجنيد الإجباري مجموعات تعرف ب”النازحين من خدمة العلم مقابل مبالغ مالية تدفع للنظام. وبالتالي يضيف الخولي أن هناك حوالى 200 ألف نازح سوري موجودون في المخيمات يتقنون استعمال السلاح وينتظمون ضمن مجموعات يتزعمها “قيادي” يكون على صلة بحزب أو مجموعة تابعة للنظام أو من المعارضة. وهذه المجموعات الموجودة داخل المخيمات مهيأة للقتال أو القيام بأعمال عسكرية أو تشكيل عصابات سرقة سيارات في حال “طُلب” منهم ذلك.
بين التسليم بحقيقة وجود 20 ألف مسلح في مخيمات النازحين السوريين ونفيه تبقى البيانات الصادرة عن الجيش اللبناني التي توقف الجدل الحاصل في هذه المسألة. وفي العودة إليها يتبين أن هناك تقارير تشير إلى مصادرة أسلحة فردية ومتوسطة خلال مداهمات لدوريات تابعة للجيش اللبناني مخيمات النازحين السوريين. وحول إمكانية القيام بدوريات تفتيش يقول الخولي” هذا الأمر وارد وممكن لكن النتيجة لن تؤتي بثمار بسبب تعدد الخيم ووجود أثاث مبعثر ومخابئ تحت الأرض…”.
هذا الواقع فجرته جريمة قتل باسكال سليمان “على يد عصابة أفرادها سوريون ” لكن ثمة خلفيات خطيرة وراء عدم التعاطي بجدية في ملف النازحين السوريين محليا ودوليا. وتشير أرقام النازحين المسجلة رسميا في دوائر الأمن العام إلى وجود مليونين و100 ألف نازح،علما أن الرقم الصحيح يساوي أضعافه، وهذا يعني أن نسبة النازحين تفوق عدد سكان لبنان المقيمين والتي تقدر ب4 ملايين و200 ألف. ويوضح الخولي أنه”في كل دول العالم لا تتعدى نسبة النازحين ال1 في المئة من نسبة عدد السكان أما في لبنان فالمشهد يؤكد أن هناك مخططا لتغيير الوجه الديموغرافي من خلال “توطين “النازحين الذين باتوا يملكون أدوات الحكم الموزعة بين السلاح والمشاركة في تنظيمات مسلحة أو التواجد ضمن تنظيمات تعمل بتوجهات إقليمية.
ولا يخفي الخولي الدور الذي تلعبه مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والجمعيات التي تجني أرباحا بإسم النازحين من السفارات وتؤمن لهم الغطاء السياسي والقضائي والإجتماعي إضافة إلى الفريق الذي يؤمن الدعم للنازحين من خلال أطراف حزبية”.
ردود الفعل التي حصلت على الأرض إثر العثور على جثة سليمان في سوريا ومقتله على يد عصابة سرقة سورية قد تكون بمثابة بروفا لما يمكن أن يحصل في المستقبل في حال لم تتدارك حكومة تصريف الأعمال الأمر وتصدر قرارا سياسيا بضرورة تحرك الأجهزة الأمنية لضبط الفلتان إضافة إلى تدابير أخرى منها رفع رسوم إقامة العمل من 3 دولارات إلى 100 دولار أو ضعفي هذا المبلغ هذا مع العلم أن مطلق أي عامل سوري يقبض يوميا ما يراوح بين 30 أو 40 دولارا عن المساعدات المالية التي تصله من مفوضية اللاجئين.
وحتى لا تبقى قرارات السلطة إنشائية”لا بد من اتخاذ قرار سياسي وكشف كل مسؤول متواطئ لبيع الأرض وتغيير الوجه الديمغرافي وبالتالي الصيغة اللبنانية” يختم الخولي.