كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
بلغت حركة الأسواق التجارية عشية عيد الفطر ذروتها من النشاط، لكن التصعيد العسكري في الجنوب وحركة النزوح من القرى الحدودية ارتباطاً بالحرب الإسرائيلية على غزة ينغّصان على المواطنين وأبناء المخيمات فرحتهم، حيث استنكف كثر منهم عن الإقبال على شراء احتياجاتهم بانتظار ظروف أفضل تكون فيه الأوضاع الأمنية أكثر استقراراً.
عادة، تشكّل الأعياد المسيحية منها والإسلامية ولا سيّما الفصح المجيد والفطر السعيد، مناسبة للتجار لتعويض خسائرهم المالية التي ما زالوا يتكبّدونها منذ بدء الأزمة الاقتصادية والمعيشية في تشرين الأول 2019، ويعلّقون الآمال الجسام على أن تكون واعدة وتنشط فيه الدورة التجارية.
في صيدا، تختصر الأسواق المشهد اللبناني، حركة لافتة في ساعات النهار مع الصيام وأخرى ناشطة في الليل مع بدء فتح الأسواق، ويؤكد رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف «أن الأعياد تأتي هذا العام في أوضاع مثقلة بالهموم وفي وقت لا يزال فيه البلد يواجه ارتدادات الهزّات التي شهدها خلال السنوات الماضية، وطالت بتداعياتها الكارثية المواطن اللبناني في يومياته ومعيشته وفي حقه بتأمين صحة ومستقبل أبنائه بعدما سلبته جنى عمره». ويقول: «هناك غصة لدى الناس وهو الوضع الأمني جنوباً وفي فلسطين المحتلة وغزّة، ورغم ذلك هناك إصرار على متابعة الحياة، ونستطيع القول إّن حركة الأسواق جيدة وإن لم تكن كما توقّعنا، والسبب هو الوضع الاقتصادي وانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين والظروف الصعبة التي يمرّ بها البلد وخاصة تأثيرات الحرب في غزة وفي جنوب لبنان».
قبل أيام، أعلنت جمعية التجار عن بدء فتح الأسواق ليلاً (بعد الإفطار وحتى الواحدة فجراً) خلال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك وحتى ليلة عيد الفطر، وأشارت إلى أنها عملت على تأمين الكهرباء للوسط التجاري طيلة هذه الفترة، وتمنّت على التجار تخصيص هذه المناسبة بعروضات وأسعار مدروسة كي تجذب المواطنين إلى الشراء ما يساهم بتحرك الدورة الاقتصادية.
ويقول مصطفى جلول، وهو صاحب بسطة في السوق التجاري لـ»نداء الوطن»: «إن الحركة كانت خجولة ولكنها تحسنت بشكل لافت مع اقتراب عيد الفطر، وهناك جملة من الأسباب تدفع المواطنين الى عدم الإقبال، ومنها الحرب على غزة والتصعيد العسكري في الجنوب وتفاقم الأزمة المعيشية وترتيب الأولويات لتأمين الطعام والشراب قبل كل شيء، وخاصة في هذا الشهر الفضيل الذي يتطلب مصروفات إضافية نظراً لخصوصيته».
ومع بداية شهر رمضان، حرصت الجمعية كما في كل عام، على رفع وتعليق الزينة الرمضانية في الأسواق التجارية لإنارتها ليلاً، وذلك بمساهمات من عدد من التجار، أملاً في أن يساهم ذلك بضخّ بعض النشاط الاقتصادي للمدينة في وقت هي أحوج ما تكون إليه، وأضيف اليها معرض للحرف التراثية يمتدّ على مساحة واسعة وسط السوق يكمل الحراك الرمضاني الذي تميزت به صيدا ومعالمها التاريخية والتراثية.
ويشير سلام باشو، وهو صاحب محل تجاري في سوق الشاكرية لـ»نداء الوطن» الى «أنّ حركة البيع والشراء مقبولة قياساً على العام الماضي رغم الأوضاع الأمنية المتوترة جنوباً»، معتبراً «أن الناس ضاقت ذرعاً بالأزمات وباتت تبحث عن فسحة أمل للفرح ونسيان المعاناة وبما توفر لها من أموال»، بينما تقول أم غسان حبلي لـ»نداء الوطن»: «لقد حرصت على شراء ثياب العيد لأبنائي الثلاثة من أجل إدخال الفرح إلى قلوبهم، رغم الأوضاع المعيشية الصعبة».
في السوق التجاري تختلط أصوات الباعة مع ضجيج الناس وحركة السيارات، ويقول مصطفى الحدري وهو صاحب بسطة لـ»نداء الوطن»: «إننا ندعو الله أن تتحّسن الأوضاع في بلدنا الحبيب لبنان، وأن تتوقف الحرب في غزّة والتصعيد في الجنوب من أجل أن تفرح الناس بالأعياد المباركة».