وجّه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب رسالة الجمعة التي قال فيها: “لقد انقضى عنا شهر رمضان وانقضت لياليه المباركة والمحببة إلى الله تعالى وأحبها اليه ليالي القدر وقدّر الله فيها ما قدر كل حسب ما قدم واخر ولكنه يمحو ويثبت وعنده ام الكتاب، فالفسحة موجودة (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا). قال السيد الطباطبائي في كتاب الميزان في تفسير الميزان قوله تعالى: “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا” الخلفة هي الشيء الذي يسد مسد شيء آخر وبالعكس وكأنه بناء نوع أريد به معنى الوصف فكون الليل والنهار خلفة أن كلا منهما يخلف الآخر، وتقييد الخلفة بقوله: ” لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ” للدلالة على نيابة كل منهما عن الآخر في التذكر) انتهى كلامه أعلى الله مقامه، أقول وهذا وإن كان وارداً في الأعمال العبادية فإن فاتته ليلاً أتى بها نهاراً. أما التقدير المقرر في ليلة القدر، فهي اجنبية عنه لكن ما ورد في الروايات من ان الله تعالى يدفع البلاء أو يزيد في الرزق والأعمار بالصدقة مثلا فقد يستفاد منها أن التقادير الالهية في ليلة القدر ليست ثابتة بمعنى انه تعالى شأنه يبقي الباب مفتوحا للتغيير نحو الأفضل أو العكس عند قيام المؤمن ببعض الأعمال سلبا أو ايجابا فهو تقدير اولي قابل للتعديل كما يمكن الاستفادة من آية المحو والاثبات وكأنما قدَّره الله تعالى معلقاً. أما تخصيص التقدير بليلة القدر فهو من باب التنظيم لإدارة الكون والحياة كما في خلق السماوات والارض أولا ثانيا لتعظيم هذه الليلة لأنها الليلة التي قدر فيها نزول القرآن الذي زادها شرفاً ورفعةً ومن أعظم نعمه ان قدر نزوله في هذه الليلة وسبق ان تحدثت عنها وقلت ان الله قدر ليلة القدر منذ الازل وقد جاء خلق السماوات والارض وكل ما جرى ويجري والى يوم القيامة وثانيا لدفع المؤمنين للاهتمام بها في شهر رمضان والالتزام بالقيام بهذه الفريضة ليكون ما يقدره في ليلة القدر كجزاء او اثابة. وأهم المناسبات لهذا التقدير هو شهر رمضان لأنه شهر الرحمة والتوبة والعتق من النار، فهو الشهر المعد للمؤمن بما يقوم به من تغيير في السلوك ويكتسبه من الارتقاء في المراتب الاخلاقية والايمانية والروحية مما يؤهله أن يقدر الله ما هو الأفضل له، فقد تفرّغ في شهر رمضان للعبادة والتقوى وحرَّم على نفسه فيه ما كان في غيره حلالاً مما سهل عليه أن يهيئ نفسه ليكون محل عناية الله ورحمته فيُقدّر له”.
وتابع: “كأن التقدير في هذه الليلة هي جائزة التقوى التي حققها لنفسه لأن الله تعالى انما يتقبل من المتقين وانما فرض الصيام بغية الحصول على التقوى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). ولم يرد في القرآن من آية في الفرائض الاخرى أن جعلت الغاية من ادائها بلوغ التقوى حتى الصلاة هذا التعبير اي [لعلكم تتقون] الا في الصوم، مما يوحي على الاقل أن التقوى لا تتحقق الا بأداء فريضة الصوم، وأما باقي الفرائض فلا ترفع وإن سقط الوجوب مع ادائها إلا مع التقوى، ولهذا شرطت التقوى في الصلاة جماعة في الامامة، فهي أي التقوى كملكة للمؤمن شرط مقارن لتقبل ويثبت عليها، وهي أي التقوى كملكة لا تتحقق للمؤمن الا بالصوم مع التزامه بالتكرار والمواظبة، فهي للصوم غاية ومن هنا اهتمام الشريعة بهذه الفريضة والحث ّعليها في سائر ايام السنة ولكن على نحو اختياري ولم توجبه الا في شهر واحد وهو شهر رمضان تخفيفاً على المؤمنين ورعايةً لهم وحتى لا يشق عليهم، الا أن تكرار وقوع الصوم منهم يسرِّع وييسر لهم بلوغ هذه الغاية التي كما قلنا هي بمثابة الاساس لهذا البنيان ، وهو بناء الشخصية الاسلامية المكتملة بالايمان المرتبطة بالله والمقرَّبَة اليه والمطمئنة بقدره، الراضية بقضائه ، وهي العبارة التي وردت في زيارة امين الله التي ورد الدعاء بها عن أمير المؤمنين (ع) وفيها يطلب في دعائه بلوغ هذه الدرجة (درجة الاطمئنان) : [اللهم اجعل نفسي مطمئنة بقدرك راضية بقضائك] الى آخر ما ورد فيها اي غير المترددة أو الشاكة التي يوجه الله إليها خطابه بقوله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) صدق الله العلي العظيم. لذلك فالباب مفتوح للراغبين إلى الله تعالى لمن أراد، (يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
فالتقوى هي مفتاح كل خير، وهي ما ينبغي أن يجهد الإنسان نفسه لبلوغها ولو بحدها الادنى ففيها صلاح الدنيا والآخرة، فإن التقوى درجات واعلاها هي التي أجاب بها أمير المؤمنين (ع) لما سأله أحد اصحابه يُقَالُ لَهُ (هَمَّامٌ) كَانَ رَجُلًا عَابِداً فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صِفْ لِيَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ فَتَثَاقَلَ (ع) عَنْ جَوَابِهِ ثُمَّ قَالَ: “يَا هَمَّامُ اتَّقِ اللَّهَ وَأَحْسِنْ، فإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ”. فَلَمْ يَقْنَعْ هَمَّامٌ بِهَذَا الْقَوْلِ حَتَّى عَزَمَ عَلَيْهِ الخ… فلما انتهى ع التفت إلى همام فوجده قد مات فقال (ع): “ما والله لقد كنت اخافها عليه” إذ لم يتحمل ما قاله (ع) عن الدرجة العليا للمتقين”، فكأنه (ع) كان يصف نفسه، ولكن هذه الدرجة مما لا نقدر عليها كما قال (ع) حينما سأله أحدهم باعتراض وهو أمير المؤمنين (ع) يأكل ما جَشُب من الطعام ويلبس ما خَشُن من اللباس ويرقع مِدرعته، حتى قال لقد رقعت مِدرعتي حتى استحييت من راقعها ، وكان يخصف نعله بيده فأجاب بكلام وفيه: “ولعل في الحجاز او اليمامة من لا عهد له بالشبع ولا طمع له بالقرص” إلى أن قال: “الا إنكم لا تقدرون على ذلك ولكن اعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد”، وكأنه حدّد بهذا الحد الادنى للتقوى وحتى هذه الدرجة من التقوى والورع لا تتحصل الا بالجد والمثابرة، وصلاح الآخرة مقرون على نحو الترتب بصلاح الدنيا من عرف دنياه عرف آخرته نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتقين فقد قال تعالى: (والعاقبة للمتقين).
والتقوى من الامور النفسية، و عنه عليه السلام: “إنّما يُستَدَلُّ عَلَى الصّالِحينَ بِما يُجري اللَّهُ لَهُم عَلى ألسُنِ عِبادِهِ، فَلْيَكُنْ أحَبَّ الذَّخائرِ إلَيكَ ذَخيرَةُ العَمَلِ الصّالِحِ “، كما قال (ع): ” ومن صلحت سيرته صلح عمله” والعكس صحيح بمفهوم الشرط وبالعادة ايضاً، ولو ان الناس أصلحوا أنفسهم واشتغلوا عليها لاستقامت الحياة ولكن فسدت باتباع الاهواء(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ وَمَن فِيهِنَّ )، (لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ).
فعدم التقوى يؤدي إلى كراهة الحق والى الظلم والعدوان والتجبر لأن التقوى بمثابة المناعة للنفس، وحين يفتقد الجسم المناعة يصبح قابلاً للابتلاء بالأمراض النفسية والأخلاقية، وللأسف فإن هذا هو الشائع بين الأفراد والامم الذين حجبتهم ظلماتهم النفسية عن رؤية الطريق الحق (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نور).
وليس من حياة بلا نور، فالعالم من دون النور ظلمات كما قال تعالى، وقد قارن الله بين المتقين وبين غيرهم قائلاً عزّ من قائل: (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ)”.
واضلف: “بدون التقوى يصبح المرء أعمى وأصم، وإنما تكون الآذان والابصار ليدرَك بهما الحق وإنما تدرك الحقائق بالبصائر (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور)، (وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآۚ أُوْلَـٰٓئِكَ كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ).
ولهذا فإن ما يجري اليوم من مظالم في العالم وتتجلّى في منطقتنا بما يُرتكب في غزة بحق الشعب الفلسطيني يفسر ولا يتعدى ما قلناه، فقد طُمس على أعينهم وضُرِب على قلوبهم.
إنّ العداوات العالمية تتخبط في الظلمات وتتمادى في ظلمها بلا سداد، فهذا نتاج طبيعي للحضارة المادية ولقد قال الله تعالى: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً)، فليس للرحمة محل في قلوبهم لهذا قال: (فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ) لأن مصدر الرحمة هو الإيمان ومن دون الرحمة يصبح المرء وحشاً كاسراً يستحلّ كل الحرمات.
فما نراه من إسرائيل من توحش ليس مثار تعجّب وليس بالأمر الجديد في حياة الشعوب، فلسنا ننتظر منهم أن تسعفنا مؤسساتهم التي طالما نبّهنا من هذه الحقيقة، فهي لم توجد لتنصف شعوبنا وانما لتخدم مصالح القوى الغاشمة التي أنشاتها لِتَعمى قلوبنا عن اِبصار حقيقتهم، ولكن مثار السؤال والتعجب هو تصرف المسلمين والعرب أمام ما يجري تحت اعينهم كأنما سكرت ابصارهم، وهم يرون إخوانهم الفلسطينيين يُجزّر بهم كالأضاحي ما يذكرنا بما جرى للحسين الشهيد تدوسه خيولهم بعد قتله، ويذكرنا كل من الشعب الفلسطيني وابنائه المقاومين والمقاومة اللبنانيةوابناء الجنوب والبقاع وبيئةالمقاومة بأبطال كربلاء والحسين يناديهم (يا أبطال الصفا ويا فرسان الهيجا) يقفون كالصناديد في وجه الجيش الإسرائيلي يخوضون غمار الملاحم بكل جبروت واقتدار دون خوف أو وجل، وهم يرون آباءهم وأبناءهم يذبحون وبقذائف المدافع وصواريخ السلاح البري والجوي ويُسحقون تحت جنازير الدبابات جوعى وعطاشى، يتفرج عليهم العالم منذ سبعة اشهر، فلله دركم وهو ناصركم لم تستجدوا أحداً في هذا العالم، ولم يجبركم إن خُيرتم بين السلة والذلة ان تعطوا يد الذلة، فأنتم أحرار هذه الأمة حين خُيرتم بين السلة والذلة قلتم قولته (ألا وإني زاحف بهذه الأسرة على قلة العدد وخذلان الناصر، وإنَّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين: بين السلّة والذلّة، وهيهات منا الذلّة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حميّة، ونفوس أبيّة، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام).
فلله دركم وعلى الله أجركم، وتحية لهذه المقاومة التي أبناؤها شهداء وأباؤها وأمهاتها شهداء وقادتها شهداء ، فتحية لكم جميعاً وللأخ الأستاذ اسماعيل هنية الذي قدم بالأمس أبناءً شهداء وأحفاداً شهداء وابناء اخت شهداء، عظم الله اجركم ولن تذهب دماؤنا هدراً وإنما ستجلب عزاً ونصراً”.
وقال: “تحية لأهلنا في الجنوب ولكل حماة المقاومة في لبنان وفي كل العالم من الشرفاء الذين لم يضيعوا البوصلة ولم يتآمرا على المقاومة ولم يخونوا شرفهم، فالمقاومة شرف للشرفاء فهم حماة الأرض والعرض والكرامة سيروا وعين الله ترعاكم ولا تلتفوا وراءكم فالقافلة تسير. وأردّد لكم خطاب أمير المؤمنين لولده محمد بن الحنفية: “تزول الجبال ولا تزل، عض على ناجذك، أعرِ الله جمجمتك، تد في الأرض قدمك، ارم ببصرك أقصى القوم، وغُضَّ بصرك، واعلم أن النصر من عند الله”.
وأردف: “في الذكرى السنوية لأحداث 13 نيسان عام 1975 نستحضر مشاهد الدمار والتشريد والقتل التي عاشها لبنان، وكان للكيان الإسرائيلي وعملاؤه اليد الطولى فيها، ونتذكر مواقف الامام السيد موسى الصدر الذي تصدى لها واعتصم في مسجد الصفا في العاملية محذراً اللبنانيين من أهدافها الخطيرة التي تخدم الكيان الإسرائيلي بإنهاء القضية الفلسطينية وتوطين اللاجئين الفلسطينيين وتقسيم المنطقة العربية ابتداءً من تقسيم لبنان، وبذل الامام الصدر جهوداً سياسية مضنية مع القوى الداخلية والخارجية لوقف الحرب التي تسببت بالخراب والدمار والقتل والتهجير. ونحن إذ ندعو القوى السياسية اللبنانية الى أخذ العبر والدروس حتى لا تعاد التجربة الاليمة التي دمرت بلدنا، ونطالبهم بالتصدي لأي دعوة مشبوهة تثير النعرات الطائفية والمذهبية، وبالاحتكام الى القانون والقضاء في كل ما يحصل من قتل واعتداءات وحوادث شغب تقف خلفها جهات متآمرة على بلدنا تتماهى مع مشغليها الصهاينة الذين يعتدون على الجنوب ويدمرون المنازل والبنى التحتية والقطاعات التجارية والزراعية والصناعية. ونؤكّد أن خلاص لبنان لن يكون الا بالتخلي عن الذهنية الطائفية التي أنتجت هذه الصيغة الطائفية للحكم، ونطالبهم بالعمل لإقامة دولة المواطنة التي يتساوى فيها اللبنانيون جميعا ودون استثناء بالحقوق والواجبات، فدولة المواطنة هي التي تصنع الانتماء الوطني وتصهر اللبنانيين في بوتقة الوحدة الوطنية المطلوب تحصينها بالتمسك بالمعادلة التي حمت وما تزال تحمي لبنان من جيش وشعب ومقاومة، فهي الضمانة التي تحفظ أمن واستقرار لبنان وتحرر ماتبقى من ارضى محتلة وتعيد للبنان حقوقه في استخراج ثرواته الغازية والنفطية. ايها اللبنانيين انتم المطالبون وانتم الأساس لانكم من يدفع الثمن اما من يدعون السيادة فهم كانوا على الدوام من يغتصب السيادة فهل كانت المقاومة سببا للاقتتال بينكم وتخريب بيوت اللبنانيين وتدمير مصادر عيشهم ؟ من افتعل معارك الجبل في ظل الاحتلال الاسرائيلي وأنشأ دويلة سعد حداد وقتل اللبنانيين بالقصف وخطفهم على الحواجز؟. ان فخرالمقاومة انها حررت لبنان بدمائها واهدته للبنانيين ، كفى فجورا وعنصرية وادعاءات كاذبة واستغلالا واحيانا لاتفه الامور لتنالوا من المقاومة ومن اللبنانيين الصادقين مع مواطنيهم ومع وطنهم وكفى تحرشا لفش الخلق بالنازحين السوريين، فقد سبق لنفس الجهات ان ادخلت القوات السورية الى لبنان لمساعدتكم، ثم انقلبتم وتواطأتم عليهم بالتوافق مع الاسرائيلي وتعيدون اليوم نفس السيناريوهات فانتم تواطأتم على الشقيقة سوريا في الحرب الارهابية التي شنت عليها بالتعاون والتوافق مع العدوانية العالمية، ثم اعتديم عليهم تقتلونهم وتنزلونهم من السيارات وفي مظهر من المظاهر الداعشية التي حسبنا انها انتهت فتبين انها مختزنة ومطوية في الصدور حتى إذا ظننتم ان الفرصة قد سنحت سحبت خناجركم لتطعنوا هؤلاء في ظهورهم ، كفى مشاريع عنصرية وتقسيمية وتكبر فالتصاقكم الععدوانية العالمية يسقطكم ولا يرفعكم كفوا عن هذه اللعب بمصير الوطن تستخدمون اسم المسيحية والمسيحية والمسيحيون براء فانتم بأفعالكم تصلبون السيد المسيح ع معنويا حقا بما تسيؤون اليه والى اخواننا المسيحيين بمحاولة شحن النفوس بالحقد والبغضاء على إخوانهم من الطوائف الاخرى، فلن تستطيعوا ذلك وعودوا إلى الواقع فقد أصبتم بالانفصام فليلتزم الجميع الخطاب المعتدل غير المتشنج الذي يُقرّب بين اللبنانيين ويُسقط عناصر الفتنة التي تهدد وحدة لبنان واستقراره وعيشه المشترك”.
وختم الخطيب: “نشدّد على ضرورة الإسراع بإنجاز انتخابات رئاسة الجمهورية بروح توافقية من خلال الحوار لمن اراد بناء وطن فعلا ، وتشكيل حكومة طوارئ إنقاذيه لحماية الوطن من الداخل وحماية لصمود الجنوبيين وتتحمل المسؤولية في إغاثة النازحين واعادة إعمار ما هدّمه العدوان الإسرائيلي واذا كنتم على خصومة سياسية مع حزب سياسي أو لديكم مشكلة معه فهذا لا يعطيكم الحق في التآمر على البلد، فالمقاومة ملك للبلد ولن نسمح بأن ينال أحد منها مهما كان وبأي ثمن”.