أوضح النائب السابق إيلي كيروز، في بيان، أنه “آليت على نفسي في الأيام الماضية عدم الدخول في أي جدل سياسي إجلالاً لإستشهاد الرفيق باسكال سليمان وإنتظاراً لوداعه، قبل أن أعود إلى ما أطلقه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان من مواقف في خطبة عيد الفطر، حافلة بالمغالطات التي تستدعي عدم السكوت عليها وعدم المرور حيالها مرور الكرام.”
وأضاف: “هنا لابد من إيراد أبرز الملاحظات التالية: كنت قد انتظرت من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، وهو من هو، أن يطل علينا وعلى اللبنانيين، بعد صلاة العيد، وبعد شهر من ضيافة الله، وبعد مسيرة صيام وتوبة، بكلامٍ لا يشبه كلامه المعهود في التهديد والتحريض والشحن، بل بكلامٍ يتوافق مع روح العيد وقيمه الروحية والإنسانية ومع كونه مفتياً ورجل دين.”
كما أكد أن “المفتي، وهو من هو، وفي تنصّله من لبنان الكبير وإعلانه الحرب عليه، يتنكر لفضل لبنان الكبير وفضل فرنسا على الطائفة الشيعية في لبنان. إن الشيعة اللبنانيين، وبحسب الإمام محمد مهدي شمس الدين، كانوا طيلة العهد العثماني فئة مهمشة عن المجتمع بالكامل وليس لها أية مشاركة في أي قرار من قرارت الإجتماع . لقد كانت الشيعة معزولة في مناطقها خاصة في منطقة جبل عامل. وإستمرت على هذه الحالة إلى أن جاء لبنان الكبير والإنتداب الفرنسي وأُعيد تكوين دولة لبنان في سنة ١٩٢٠ وفي هذه المرحلة وبحسب الإمام محمد مهدي شمس الدين بدأ يتكون للشيعة شخصية معنوية في الإجتماع اللبناني. ويعتبر كريم مروه أن هناك إنكاراً مجحفاً لفضل لبنان الكبير على الشيعة والذي أعطاهم ما لم يحصلوا عليه خلال ٥٠٠ عام من الحكم العثماني و٢٥٠ عاما من الحكم المملوكي. إن دخول الشيعة لبنان الكبير، بحسب كريم مروه، شكّل الى حدٍّ كبيرٍ إنعتاقاً من الظلم وسمح لهم بإنشاء محكمة جعفرية رسمية لأول مرة في تاريخهم.”
وتابع كيروز: “إن كلام المفتي على التنكر لمن إستعاد لبنان ولتضحياته السيادية وإعتباره أمرا غير مقبول أبداً، هو كلام مردود لصاحبه. فما هو غير المقبول أبداً، يتمثل بالممارسة السياسية لفريقه الذي يُمعن في قهر لبنان عبر تعطيل الدولة ومؤسساتها وترهيب القضاء كما في قضية تفجير المرفأ ومصادرة دور الأجهزة الأمنية والعسكرية الشرعية وإحتكار قرار السِّلم والحرب والتصرف في الجنوب وأهله والتدخل في الساحات العربية، فضلاً عن رعايته الفلتان والتهريب والجريمة في الإتجاهين. إن غير المقبول أبداً هو التنكر لنضال اللبنانيين ومقاومتهم التي إستعادت لبنان مرتين على الأقل: مرةً من قبضة ياسر عرفات ومرةً من قبضة حافظ الأسد واليوم يستكمل اللبنانيون مقاومتهم لإستعادة لبنان المخطوف من قبضة حزب الله خدمةً للجمهورية الإسلامية في إيران ومشروعها الشرق أوسطي.”
كما رأى أن “المفتي الجعفري الممتاز أراد ان يعرج في خطبته وكعادته على “قصة مجد لبنان” في محاولة فاشلة للنيل من البطريركية المارونية، والتي لا تغير شيئاً في دور البطريركية المارونية التي أُعطيت مجد لبنان تأكيداً على دورها الكبير والمتقدم في مختلف المحطات الأساسية من تاريخ لبنان، والتي يتعامى عنها المفتي الجعفري. إن البطريركية كانت وستبقى عصية على كل محاولات النيل، بصورة مباشرة وغير مباشرة، من موقعها وتاريخها كما في تعبيرها الأكيد في المحطة الحاضرة عن وجدان اللبنانيبن وتطلعهم الى إستعادة الدولة الكاملة والسيادة الناجزة بعيداً من فلسفة ” أحزمة السيادة والإستقلال”.”
وختم: “هل يريد المفتي الجعفري الممتاز، وبعد كل هذا الكلام وبعد التجربة الكبيرة لوطن تشاركي تعددي، الإنسحاب من لبنان الكبير وتعويض “الخطأ التاريخي الذي إرتكب،” أم أنه يسعى إلى تبرير محاولات فريقه السياسي السيطرة على لبنان بعيداً من ثقافة لبنان التاريخي ووضعه تحت وصاية السلاح وثقافة السلاح والموت . ويبدو ان سماحة المفتي يريد إلغاء تاريخ لبنان العريق والحديث على السواء، وكأن هذا التاريخ يبدأ مع تاريخ االممانعة والمقاومة الإسلامية . ولا بد من إنعاش ذاكرة سماحته بحقائق لا تقبل الجدل وهي ان مقاومة اللبنانيين الأحرار تعود إلى عصور سحيقة كانت تتجدد دائماً كلما تطاول متطاول على حريتهم وهذا ما فعله اللبنانيون في الحرب الأخيرة يوم لم يكن للبنان إلّا المقاومة اللبنانية التي دفعت الأثمان الباهظة من أجل أن يبقى لبنان وطناً سيداً حراً مستقلاً وتعددياً.”