كتبت نجوى ابي حيدر في “المركزية”:
على ايقاع الحوادث الامنية المتكررة في الاونة الاخيرة، ولا سيما خطف واغتيال منسق القوات اللبنانية في جبيل باسكال سليمان ، جاءت لافتة زيارات وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي وقادة الاجهزة الامنية والعسكرية الى بكركي تباعا. فزارها قائد الجيش العماد جوزف عون ومدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي ومدير مخابرات جبل لبنان العميد انطوان معوض وغيرهم من المسؤولين الامنيين. وفي حين اندرج بعض الزيارات تحت خانة المعايدة بالفصح،علما انها اتت بعد اكثر من عشرة ايام على المناسبة، تطرقت مجمل اللقاءات الى الوضع الامني وسبل تنفيس الاحتقان الذي ساد في الشارع المسيحي في اعقاب تكشف فصول العملية وتبيان مصير سليمان في سوريا والمعلومات التي بثها تلفزيون سوريا تي. في. وفيها حرفيا “العثور على جثة مجهولة الهوية في العقد الخامس من العمر ملقاة في الأراضي الزراعية بقرية “أبو حوري” في منطقة القصير-الحدودية مع لبنان- غربي حمص، والتي تسيطر عليها ميليشيا “حزب الله” اللبناني. وكانت الجثة ملفوفة ببطانية وعليها أثار ضرب بالراس والصدر بأداة صلبة، وقدّرت الطبابة الشرعية زمن الوفاة، منذ 24 ساعة، فيما نُقلت الجثة إلى مشفى “الباسل” في حمص”.
وتناولت الاجتماعات الامنية مع سيد بكركي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كيفية خفض منسوب الغضب الشعبي العارم ازاء النازحين السوريين في مختلف المناطق بعدما افادت مخابرات الجيش ان العملية من تنفيذ عصابة سورية سرقت سيارة سليمان بعدما قتلته، بحسب ما اظهرت التحقيقات، غير انها لم تعلن حتى الساعة من خطط او دفع العصابة الى اقتراف الجريمة التي كادت تفجّر فتنة وأدها خطاب رئيس الحزب سمير جعجع المتزن والرافض الانجرار اليها والاتصالات التي جرت بين عدد من المقار الامنية والحزبية والسياسية وكانت لبكركي حصة منها ، وهو ما انعكس في المواقف والممارسات إبان تشييع سليمان منذ لحظة دخول موكب جثمانه من سوريا حتى رتبة الصلاة الجنائزية عليه في كنيسة مار جرجس في جبيل ودفنه في مسقط رأسه ميفوق، اذ بدا ضبط النفس في اعلى منسوب .
وتقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية” ان القادة الامنيين الذين وضعوا البطريرك في اجواء التحقيقات والاوضاع الامنية في البلاد لا سيما بعد مواقف الشيخ احمد قبلان وامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قبيل ساعات على كشف مصير سليمان في سوريا، وقد انطوت على رسائل الى المرجعية المسيحية الاولى التي “مجد لبنان اعطي لها” والى القيادات المسيحية الحزبية ، وقد لوّحت بالحرب الاهلية واتهمتها بالسعي الى الفتنة من خلال اتهام حزب الله، علما ان ايا من هذه القيادات لم يأت على ذكر الحزب . وتعتبر المصادر ان نصرالله تجاوز حدود اللياقة في التخاطب مع شركائه في الوطن وتصرف معهم كعادته من موقع فائض القوة، الامر الذي خلّف ردود فعل في الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ومضاعفات ليس في الشارع المسيحي فحسب، بل في السني والدرزي وحتى الشيعي في البيئة الحاضنة الحريصة على صيغة العيش المشترك وتقدم مصالح لبنان على غيرها من المشاريع والاجندات.
وتوضح المصادر ان مجمل اللبنانيين لم يقتنعوا برواية سرقة السيارة والقتل لاعتبارات باتت متداولة ومعروفة، وهم على شبه قناعة ان ليست الصدفة خلف ما جرى ويجري من استهداف لمسؤولين في حزب القوات اللبنانية على مساحة الوطن تجري تصفيتهم بطرق مختلفة وتفنن في عمليات تصفيتهم جسدياً في اطار رسائل ترهيب توجه الى قيادتهم، شبه معروفة هويتها. شأن بحثه الراعي مع القادة الامنيين في بكركي، متمنيا وضع حد لهذا المسلسل الدموي .وفي هذا الاطار، برز مقطع فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي لشخص سوري معارض يتهجم على الدولة اللبنانية ويتهمها بالتواطؤ مع “منظومة الاجرام الاسدي” يقول ان خلف جريمة قتل سليمان مواطن لبناني لا سوري اسمه بشار علي طرادية من قرية قبعيت مطلوب بجرائم عدة ، يختبئ الان في سوريا، مدعياً ان الاجهزة الامنية اللبنانية اعتقلت والده بهدف الضغط عليه لتسليم نفسه لكنه لن يفعل لأن الامر بيد المخابرات السورية التي اعتبر انها ستصفيه على الارجح لطمس القضية ، واضاف ان المجرمين معروفون، كما هي معروفة الجهة التي تسيطر على المنطقة الجغرافية حيث مقر العصابات ، داعيا القوات اللبنانية الى وقف التحريض ضد السوريين ووقف اثارة النعرات الطائفية”.
قطوع اغتيال باسكال سليمان مرّ كما مرّ قبله قطوع تصفية الياس الحصروني تحت عنوان منع الفتنة والحفاظ على السلم الاهلي . القادة الحزبيون والروحيون ولا سيما سيد بكركي الذي يزرف دمعا على خيرة شباب لبنان يُقتلون وليس من يحاسب المجرمين، “يبلعون الموسى ويعضون على الجرح”، لأن البديل عودة الى الحرب الاهلية ما دامت في لبنان فئة مسلحة تستقوي على الدولة وقادتها بسلاحها واستباحتها لسيادتها ، فئة اقامت دولتها فوق الدولة . وحتى قيامة الدولة سيبقى اللبنانيون مشاريع اغتيالات وارباب الدويلة يقتاتون من وجع زوجات وامهات وابناء “الشهداء”.